إضافة إلى القرارات السابقة التي أصدرتها ما تسمى بـ “الإدارة الذاتية” في الجزيرة السورية وعين العرب وعفرين، والتي ساهمت في إخلاء المنطقة من سكّانها؛ بسبب الضغوط المختلفة عليهم، بحسب ما يقوله متابعون ومحللون، فرض -قبل أيام- ما يسمى بـ “المجلس التشريعي” التابع لتلك الإدارة، والذي يتخذ من مدينة عامودا مقرًا له، “قانون” فرض ضريبة الدخل، وقد وُوجه “القانون” الذي من المتوقّع أن يحوي 17 مادّة، برفض قاطع من المواطنين، وبامتعاض من المهتمين بشؤون المنطقة.
أساس “القانون”
في بيان نُشر على الصفحة الرسمية لـ “المجلس التشريعي” التابع لما يسمى بـ “الإدارة الذاتية”، قال عبد الله حسو، نائب رئيس هيئة المالية المشكّلة من قبلها، إن هذا “القانون” “جاء للتكليف الضريبي على الأشخاص والشركات الاعتباريَّة في (روج آفا) بضريبة الدخل خلال أي نشاط يمارسه الشخص أو الشركة”، كما أشار أيضَا إلى أنّ القانون “جاء لدعم المؤسسات الخدمية العامة التي تعمل في مجالات الصحّة والتعليم والدفاع والأمن”، وتم تحديد ريع الضرائب “على أساس مبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة، وبعد إجراء مناقشات عديدة مع المجالس المحليَّة والهيئات التي تعمل ضمن إطار اللجان القانونيَّة التابعة لمجالس الإدارة الذاتيَّة”.
ودفاعًا عما يعدّه قانونًا، قال هاشم خلف، الذي يشغل منصب ناطق باسم اللجنة الاقتصادية في “المجلس التشريعي”: “الضريبة المالية في جميع الدول الراقية هي مقدّسة ودافعي الضرائب هم أصحاب هذه الدول”، وأضاف: “أوضاع المواطنين تتحسّن من خلال تلك الضرائب وتتحسن الخدمات الاقتصادية والاجتماعية لتلك البلاد”.
لقد لاقى القرار، المتوقع التصديق عليه خلال أيَّام، رفضًا قاطعًا من جهة تيارات سياسية أخرى في المنطقة التي فُرضت عليها (الإدارة الذاتية)، وقال عماد برهو، عضو المتابعة في “حركة الشباب الأكراد”، وعضو ممثلية “إقليم كردستان” لما يسمى بـ “المجلس الوطني الكردي” في سورية: إنّ “قانون فرض ضريبة الدخل على المواطنين في (روج آفا)، يضيف عبئًا ثقيلًا على المواطنين ومن شأن هذا القرار أن يزيد من كثافة الهجرة السكّانية”.
مواطنون يرفضون
لاقى القرار، الذي شغل الرأي العام في تلك المنطقة، رفضًا كبيرًا من المواطنين، الذين فقد كثير منهم مصادر دخله منذ اندلاع الثورة السورية، وبروز أزمات النزاع، وتدهور الاقتصاد المحليّ، وفي هذا السياق، يقول أحد المواطنين من مدينة القامشلي: “أنا أملك مركزًا لبيع المواد الغذائية بالجملة، وما أقرّته (الإدارة الذاتية) في ما يخصّ فرض ضريبة دخل، يبدو غامضًا وبحاجة إلى توضيح وتفسير”، وتساءل: “كيف يمكن أن تُفرض ضريبة دخل على مناطق محاصرة من كلّ الجهات؟! فما يحصل الآن هو تناقض يضرّ بمصلحة المواطن”، بينما تهكّم مواطن آخر على ما جاء في الإعلام على لسان المتنفّذين في (الإدارة الذاتية) من استخدام عبارة “شخصية اعتباريَّة” في سياق الإقرار، وقال: “الضرائب تُفرض على المواطنين في حالات الرفاهية الكاملة، أسوًة بالدول المتقدّمة اقتصاديًا وأمنيًا، لكن الأوضاع في سورية عمومًا تتجه نحو التدهور الكُلي”، في الوقت الذي يرى فيه إعلامي كردي رفض ذكر اسمه أنّ “(الإدارة الذاتية) بكامل هيئاتها المُشكَّلة لا توفّر فرصة للحصول على الأموال من خلال استخدام طرق تبدو شرعيَّة وقانونية للوهلة الأولى، وهذا ما حصل سابقًا من خلال فرض ضرائب ورسوم على وسائل الإعلام المحليَّة الناشطة، التي من المفترض أن الإدارة التي نصّبت نفسها وليَّة على الأمور أن تقوم هي بتقديم العون والمساعدة الماليَّة والمعنوية، ولكن ما يحصل هو العكس”.
وعن نتائج قرارات كهذه، يقول المحامي علي سيدا: “لا شكّ أن القرارات الخاطئة قانونيًا سوف تؤثّر في حياة من تبقّى من المواطنين في المنطقة، وعليه فإنَّ ما يصدر من قوانين الآن تُعتبر في غاية الخطورة، ولا بدّ من سياق قانوني وأخلاقي لكل ما يصدر من قوانين أو مشاريع قوانين عن هيئات الإدارة الذاتية في المنطقة”.
تعليق واحد