قضايا المجتمع

قراءة في قانون “جاستا” الأميركي

قراءة في قانون “جاستا” الأميركي

ثامر إبراهيم الجهماني

صادق مجلس الشيوخ في الكونجرس الأميركي القانون رقم (144/ 2) على مشروع القانون رقم (2040.س)، المسمّى “قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب”، أو ما يُعرف اختصارًا بـ “جاستا”، كما جاء في المادة الأولى منه. وقد خلص القانون إلى ضرورة معرفة الأسباب الموضوعية وأبعاد المسؤولية القانونية حول الأفعال التي تحض على تقديم المساعدة، وتدعو للتحريض والتآمر، عبر تقديم دعم أو موارد جوهرية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لأشخاص أو منظمات تشكل خطرًا داهمًا. وارتكاب أعمال إرهابية تهدد سلامة مواطني الولايات المتحدة، أو الأمن القومي أو سياستها الخارجية أو اقتصادها، والتي تستهدف بالضرورة الولايات المتحدة، والتي يتوقع -بشكل معقول- جلبها للمثول أمام المحاكم الأميركية؛ للرد على أسئلة حول تلك الأنشطة.

إن تبنّي الجمهوريين والديمقراطيين -بأغلبية كبيرة- القانون المعروف إعلاميًا باسم “جاستا”، “يعد تغيّرًا ملحوظًا في السياسة الأميركية، خاصة بعد أن رفض الكونغرس الأميركي -بأغلبية ساحقة- الأربعاء الفائت الفيتو الذي استخدمه الرئيس باراك أوباما ضده، وهو أول فيتو يتم إسقاطه خلال فترة حكم أوباما.

على الرغم من تعالي أصوات معارضة للقانون، أمثال مدير المخابرات المركزية الأميركية، جون برينان، الذي قال: إن للقانون “تداعيات خطِرة” على الأمن القومي الأميركي. وكان أوباما وكبار قادة الجيش والاستخبارات قد حذروا مرارًا من أن هذا القانون لا يخدم مصالح الولايات المتحدة، ويعرّض الحكومة الأميركية لقوانين مشابهة.

كما عُدّ القانون بأنه صفعة كبيرة لقاعدة قانونية يتم التعامل بها، وأصبحت من بديهيات العلاقات الدولية، ألا وهي المعاملة بالمثل؛ حيث أكد برينان أنّ “النتيجة الأشد ضررًا ستقع على عاتق مسؤولي الحكومة الأميركية، الذين يؤدون واجبهم في الخارج، نيابة عن بلدنا، مبدأ الحصانة السياسية يحمى المسؤولين الأميركيين كل يوم، وهو متأصل في المعاملة بالمثل”.

بينما أكد مُصدّري القانون أن الغرض من هذا القانون هو: توفير أوسع نطاق ممكن للمتقاضين المدنيين، تماشيًا مع دستور الولايات المتحدة؛ للحصول على تعويض من الأشخاص، والجهات، والدول الأجنبية حيثما تمت تصرفاتها، وأينما كانت، والتي قامت بتقديم دعم جوهري، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى منظمات أجنبية، أو أشخاص ضالعين في أنشطة إرهابية ضد الولايات المتحدة. ما يثير الاستغراب هو تحصين الولايات المتحدة لجميع مواطنيها عسكريين ومدنيين من الملاحقة القضائية عن الأفعال التي يرتكبونها خارج الولايات المتحدة حصانة مطلقة، بينما يذكر القانون الجديد في الفقرة (ب) من المادة 3 حول مسؤولية الدول الأجنبية، لن تكون هنالك دولة أجنبية محصنة أمام السلطة القضائية للمحاكم الأميركية، في أي قضية تتم فيها المطالبة بتعويضات مالية من دولة أجنبية، نظير إصابات مادية تلحق بأفراد أو ممتلكات، أو نتيجة لحالات وفاة تحدث في الولايات المتحدة، وتنجم عن فعل من أفعال الإرهاب الدولي، يتم في الولايات المتحدة، أو عمليات تقصير، “ولا يعتد بالدفع بمسألة الإهمال في معرض القضاء”.

كما ضرب القانون المذكور -بعرض الحائط- مراكز قانونية ثابتة، وقوانين دولية معتمدة، على سبيل المثال لا الحصر، منع القانون في معرض الحديث عن قواعد التفسير، المدعى عليها -الدولة الأجنبية- من التمسك بالدفع القانوني على أساس الإغفال، أو أن الفعل التقصيري أو التصرفات تشكل مجرد إهمال.

لا يفوتني -هنا- التذكير بأن قواعد القانون الدولي تستوجب إثبات العلاقة السببية بين الفعل والنتيجة، كما أن المسؤولية القانونية الدولية عن الأفعال الإرهابية تخضع لقاعدة جبر الضرر، أي: ينصب تطبيق هذا القانون على التعويض المادي لجبر الضرر فحسب.

ومن نافل القول أن مجلس الشيوخ قد أجاز مشروع القانون في 17 مايو 2016م.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق