هي عدم تبعية النشاط البشري والقرارات، وخصوصًا السياسية، لتأثير المؤسسات الدينية، وبالتعريف العلمي، هي “فصل الحكومة والسلطة السياسية عن السلطة الدينية أو الشخصيّات الدينية، وعدم تبنّي الدولة دينًا رسميًا، أو إجبار مواطنيها على اعتناقه”.
تعود جذور العَلمانية إلى الفلسفة اليونانية، وأول من أسس لها الفيلسوف اليوناني “انكساغوراس”، ومن بعده، توالت النظريات التي تشرح العَلمانية، وتُفنِّد ارتباطاتها بكل عناصر الحياة، المادية والروحية، وخرجت بمفهومها الحديث خلال عصر التنوير الأوروبي، على يد عدد من المفكرين، أمثال: توماس جيفرسون، وفولتير وسواهما، الذين ارتأوا فصل الدين عن السياسة، بعد الظلم الذي تعرّض له عديد من الفقراء والمظلومين على يد القساوسة، فكان الدين وسيلة لتحقيق مصالحهم واستيلائهم على الأراضي والأموال، وفي محاولة منهم لإحلال الحقوق والحريات، وتحقيق المساواة والعدالة بين جميع البشر، وعدم السماح للأنظمة الفكرية أو الدينية بفرض سيطرتها وطغيانها على فئات دون الأخرى.
العَلمانية في العربية مُشتقّة من مفردة (عَلَم)، وهي بدورها قادمة من اللغات الساميّة القريبة منها، أما في الإنجليزية والفرنسية، فهي مُشتقّة من اليونانية بمعنى (العامّة أو الشعب)، وبشكل أدقّ، عكس (الإكليروس)، أو الطبقة الدينية الحاكمة، وإبان عصر النهضة، بات المصطلح يشير إلى القضايا التي تهمّ العامة أو الشعب، بعكس القضايا التي تهم خاصّته.
فسرت العَلمانية النظام الكوني بصورة دنيوية بحتة، بعيدة كل البعد عن الدين، وحاولت إخراجه من السياق العام للأنماط والقوانين المعيشية، فاعتمدت على الوضعية منها.
تبتعد العَلمانية عن الجمود، فمرونتها تجعلها قابلة للتحديث والتكييف بحسب أحوال الدول التي تتبناها، وتختلف حدّة تطبيقها ودعمها من الأحزاب، أو الجمعيات الداعمة لها، كما لا تُعدّ العَلمانية ذاتها ضد الدين، بل تقف على الحياد منه، وتحاول أن تعبّر عنه كحرية من بين الحريات.
تعليق واحد