ترجمات

كيف تفهم الحرب بالوكالة في سورية؟ ومن يحارب لصالح من؟

01

وزير الخارجية الأميركي جون كيري وهو يتحدث عن الهجمات الأخيرة على سورية إبان اجتماع مجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، بتاريخ 21 أيلول/ سبتمبر

 

 

بعد انهيار محاولة أخرى للهدنة، يستمر تدمير الشعب والدولة في سورية. الاقتصاد السوري منهار تمامًا، وسوف يتطلب الضرر المجتمعي الذي سببه الصراع عقودًا من الزمن لإصلاحه. أصبحت الحاجة ماسة إلى وقف الصراع، ولكن على الرغم من تصنيفها كأكبر أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، يبدو أنه ما من حل لها في المدى المنظور.

ومِمّا يجعل الوضع شديد التعقيد في سورية، هو المجموعة الكبيرة من القوى الخارجية المتورطة في الصراع بشكل أو بآخر. إذ يقاتل كل طرف للتأثير في نتائج الصراع بحسب مصلحته، ويدعم جماعات مختلفة على الأرض لمحاولة انتزاع النفوذ.

 

في عام 2010، تحدث ويليام هيغ، وزير الخارجية البريطاني حينها، عن فكرة “تشابك” العالم، ما يعني أنه لإحداث تأثير في العالم، على الدول والمنظمات الأخرى أن تؤثر في مجموعة من الشبكات المترابطة. وتصلح تلك الطريقة في التفكير بشأن الصراع في سورية، حيث تكافح كل مجموعة بين طيف واسع من المجموعات، من داخل وخارج سورية، من أجل التأثير في المجموعات الأخرى.

ولم تتبلور الشبكات في سورية بعد، وتعاني من حالة من التقلب المتكرر. ويتورط عدد كبير من اللاعبين على الأرض أو من بعيد، ويرى الكثيرون أن الصراع هو صراع وجودي الآن. وقد أدى تعقيد الصراع إلى ظهور مجموعة من الشبكات المختلفة، شبكات تصل الجماعات من داخل سورية بخارجها بأشكال معقدة ومتقلبة.

ومن المهم فهم الروابط بين الخارج والداخل، ومن يعمل لصالح من، لفهم الجهد الدبلوماسي (الضائع حتى الآن) لحل الصراع. ولإدراك كيف أصبح الوضع على هذه الدرجة من التعقيد، علينا العودة إلى بداية الثورات العربية في 2011، حين أصبحت العلاقات إشكالية بين الأنظمة والمجتمعات في الشرق الأوسط.

 

نحن وهُم

في ذلك الوقت، شعر كبار اللاعبين في الشرق الأوسط بدنو فرصة لتوسيع سيطرتهم في المنطقة عبر التأثير في الأحداث في بلدان أخرى. وكانت كل من المملكة العربية السعودية، وإيران، على وجه التحديد، قد أمضتا عقودًا من التنافس على بسط السيطرة في منطقة الشرق الأوسط، والعالم الإسلامي، ورأت كل منهما في الثورات العربية فرصةً لإضعاف الأخرى عبر دعم جماعات محددة.

وباتت سورية واحدة من ساحات المعارك المفصلية. ودعمت السعودية، إلى جانب دول أخرى من منطقة الخليج، جماعات معارضة ضد بشار الأسد، حليف إيران لوقت طويل. وعلى الجانب الآخر، تم إرفاق الدعم الإيراني لبشار الأسد بإقحام حزب الله، الحزب الشيعي اللبناني، الذي تأسس بدعم من إيران في العام 1982.

ومما زاد في المسألة تعقيدًا، كان تدخل قوى أخرى من الوزن الثقيل في الصراع، كذلك؛ حيث دخلت كل من تركيا وروسيا والولايات المتحدة في الصراع، ولكل أجندته الخاصة. تريد تركيا حل الصراع بطريقة لا تزيد من قوة معارضيها الأكراد في الداخل التركي، خاصة أولئك الطامحين إلى إقامة دولة كردية مستقلة. بينما تدعم روسيا الأسد، وتدعم الولايات المتحدة مجموعات معارضة بعينها.

وبينما اشتركت الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية، ودول خليجية أخرى في دعم جماعات معارضة، لم يعن ذلك اشتراكهم في الأهداف الاستراتيجية الكامنة وراء ذلك الدعم. وبشكل مشابه، أظهرت اتفاقية وقف إطلاق النار، العليلة، اشتراكًا بين الولايات المتحدة وروسيا، في استهدافهما لما يدعى بـ”الدولة الإسلامية في العراق والشام” إضافة إلى جماعات متطرفة أخرى، لكنهما فشلتا في تحديد تلك الجماعات. وفشلتا كذلك في الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بدور الأسد في مستقبل سورية.

 

روابط مهلهلة

وبعد أن أصبح الصراع في سورية على قدر عال من الأهمية لتلك المجموعة من القوى، حاولت كل منها كسب المزيد من النفوذ عبر وكلائها في الحرب. وتشكل الجماعات المتحاربة على الأرض في سورية، أرضية مناسبة دائمة مناسبة، تسمع لكل من اللاعبين الخارجيين بدفع أجندته. فمن الواضح، أن الجماعات على الأرض، ليسوا في وضعية تتيح لهم رفض أي تمويل أو تسليح.

وقد اشترك نحو 60 من الجماعات المختلفة في الصراع السوري في أوقات مختلفة، وبالتالي توافر للاعبين الخارجيين كل أنواع النوافذ التي تسمح بتمرير الأجندات، وتوسيع النفوذ لهم. لكن الفكرة القائلة بأن تلك الجماعات المتحاربة على الأرض، تعمل كوكلاء لصالح اللاعبين الخارجيين، هي فهم خاطئ للوضع.

قد تكون الولايات المتحدة، وغيرها من اللاعبين الخارجيين، قادرة على فرض نفوذها عبر التهديد بالإحجام عن أنواع مختلفة من الدعم لتلك الجماعات على الأرض، لكن ليس ذلك ما يشكّل الصراع. وتبقى الحقيقة أن الكثير من الجماعات السورية المعارضة تتصرف، قبل كل شيء، تبعًا لمصالحها هي، ولا تنفذ ببساطة ما يريده منها ممولوها وداعموها الخارجيون.

وذلك جزء من السبب في صعوبة المحافظة على هدنة لوقف إطلاق النار. فكثير من الجماعات على الأرض أصبح متشككًا بشكل متزايد في لاعبين خارجيين مثل الولايات المتحدة، التي ضعف موقعها بفعل السلبية في الأفعال، أو حتى في ما هو أسوأ، مثل ما يظهر أنه سماح أو حتى موافقة على بعض الضربات التي ينفذها النظام السوري مع الروس.

ويسبب ذلك الكسر في الثقة، مشاكل دبلوماسية وتنظيمية جدية، لأولئك الذين يعملون بالفعل لإنهاء الصراع. وفي ذلك الوقت كلّه، يبقى الشعب في سورية هو الضحية الأكبر، العالق في الوسط بين تلك التشكيلة المعقدة من القوى.

 

 

عنوان المادة الأصلي بالإنكليزيةHow to understand Syria’s proxy war — and who’s fighting for whom
اسم الكاتب بالعربية والإنكليزيةSimon Mabonسايمون مابون
مصدر المادة أو مكان نشرها الأصليUPI
تاريخ النشر29 أيلول/سبتمبر 2016
رابط المادة http://www.upi.com/Top_News/Opinion/2016/09/29/How-to-understand-Syrias-proxy-war-and-whos-fighting-for-whom/9791475162888/
اسم المترجممروان زكريا

 

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق