تحقيقات وتقارير سياسية

ناشطون حقوقيون يطلقون منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”

أعلنت مجموعة من المدافعين السوريين عن حقوق الإنسان، عن إطلاق منظمة حقوقية؛ لتوثيق ورصد الانتهاكات الدائرة في سورية من جميع الجهات المتحّاربة، وتهدف المنظمة التي حملت اسم “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” إلى العمل من أجل “كشف الحقيقة وتطبيق العدل”، و”تعزيز ونشر مفاهيم حقوق الإنسان، والوصول إلى سلام مستدام في سورية”، ويرى القائمون عليها أن هذا العمل لن يتم إلا من خلال توقف الحرب في جميع أرجاء البلاد، تليه مرحلة “عدالة انتقالية”، وصولًا إلى مرحلة إعادة بناء الدولة السورية التي تحترم حقوق الإنسان.

معايير المنظمة

بدأت فكرة تأسيس المنظمة صيف العام الماضي (2015)، وناقشتها مجموعة من الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان في سورية، وخرجت إلى النور أمس الثلاثاء. وعن اختيار اسم المجموعة قال بسام الأحمد المدير التنفيذي للمنظمة لـ (جيرون): “جاء الاسم من كلام السوريين ومن شهاداتهم وقصصهم، ومطالبتهم بالحقيقة والعدالة؛ ما دفعنا إلى تبنّي هذا الاسم؛ ليُعبّر عن السوريين ومأساتهم ومعاناتهم مع هذه الحرب الدائرة في بلادهم”.

وبحسب البيان التأسيسي، يتركز عمل المنظمة حول القضايا الحقوقية، كالحصار والحرمان من المساعدات الإنسانية والطبّية، والاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والموت في مراكز الاحتجاز، إضافةً الى التمييز على أساس الدين أو العرق أو الهوية، والإعدام خارج نطاق القضاء، أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي، كما سيرصد فريق العمل الهجمات العشوائية، والتعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز والسجون، وقضايا النازحين داخليًا واللاجئين، والمساواة بين الجنسين.

وقال الأحمد: “عملنا مُكمّل لما تقوم به منظمات وجماعات حقوق الإنسان العاملة في سورية، ويُضاف إلى جهد المراكز والمؤسسات السورية المتخصصة في المجال نفسه، وأحد أهم القضايا التي سنعمل عليها هي المقاربة الحقوقية لقضية التمييز على أساس العرق والدين والقومية والخلفية الاجتماعية، في ظل تصاعد الموجة الطائفية، وارتفاع منسوب حروب الهوية بين الجماعات المتصارعة”.

وعن مصادر معلومات المنظمة، أوضح الأحمد، قائلًا: “لدينا مراسلون ومراقبون لرصد انتهاكات حقوق الانسان وتوثيقها، في العاصمة دمشق وفي درعا، ومناطق (الإدارة الذاتية) الكردية ومناطق أخرى”، وأكّد بقوله: “مرجعية عملنا هي المواثيق الدولية والقانون الإنساني وشرعة حقوق الإنسان العالمية، والاتفاقيات والبروتوكولات المعتمدة من المنظمات الإنسانية الدولية”.

من المفترض، وفق إعلانها، ستقوم المنظمة برصد وتوثيق الانتهاكات من جميع الجهات المتحّاربة على الأراضي السورية، سواء التي ترتكبها قوات النظام السوري، أوتلك التي تقوم بها القوات الكردية، كما ستشمل فصائل الجيش الحر المعارضة، والتنظيمات الإسلامية والجهادية.

شهادات وقصص

تتألف المنظمة من عدّة أقسام أبرزها: قسم الأخبار، وقسم التحقق من المعلومات، وقسم التقارير، وقسم القصص والشهادات، وقسم قاعدة البيانات، ويقول الناشط الحقوقي، هاني زيتاني، مسؤول قسم القصص والشهادات، لـ (جيرون): “نسعى من خلال عملنا تقديم الانتهاكات المرتكبة بحق الأشخاص في قوالب متعددة، بعيدة عن الجمود والثبات، كون الشخص المنتهك إنسانًا يحمل كيانًا منفردًا ومتميزًا، وليس عبارة عن رقم يُشار إليه بانتهاك”.

وبحسب زيتاني “يتراعى في عملية التوثيق طبيعة الانتهاكات الواقعة على الإنسان، من حيث التعذيب النفسي والجسدي، ونسعى لملامسة الحياة المعاشية للناجي، ونراعي وجوده الإنساني وقراءته الشخصية للانتهاك الذي تعرض له، ونعمل -من خلال سرد قصته- توضيح أفكاره ورؤيته، بوصفه تعرض للانتهاك؛ نتيجة إيمانه بعمله الذي كان السبب المباشر لاعتقاله”.

ونشرت المنظمة على صفحتها الرسمية أولى الشهادات للناجي الدكتور جلال نوفل، لخص زيتاني شهادته بالقول: “عندما تجلس مع نوفل، فإن أول ما يثير إعجابك تلك الطاقة الشبابية التي يتمتع بها رجل تجاوز الخمسين من عمره، أكمل دراسة الطب البشري، واختص طبيبًا نفسيًا، بعد أن أمضى ثماني سنوات ونصف السنة في سجون متعددة، إبان حكم حافظ الأسد، وهو الناجي من أربعة اعتقالات متكررة؛ لنشاطه خلال الثورة السورية ودفاعه عن مكوناتها السلمية”.

حقيقة وعدالة

وأوضح زيتاني أن اسم المنظمة “يُشير إلى أهمية العدالة والحقيقة وضرورتهما، كأساس للوصول إلى سورية خالية من العنف والنزاعات”، وأضاف: “أولى شروط تطبيق العدالة تبيان الحقيقة الموضوعية، كما هي، ومن جوانبها المتعددة، وهو ما يتطلب الوصول إلى معلومات دقيقة وموثوقة تدعم إمكانية الأنصاف وإحقاق العدل”.

وختم بالقول: “لا تهدف المنظمة إلى أن تكون مميزة عن بقية المنظمات العاملة في سورية، بل نسعى للعمل مع الجميع؛ لرصد وتوثيق جميع الانتهاكات الواقعة على السوريين، ومن كافة الجهات المنتهكة لحقوقهم المكفولة بالمواثيق والعهود الدولية، والاتفاقيات والمعاهدات ذات الصلة”.

يُذكر أن مؤسسي منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، كل من الناشط الحقوقي بسام الأحمد، الذي كان مديرًا تنفيذيًا لمركز توثيق الانتهاكات في سورية، والناشط هاني زيتاني، الباحث بالمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، والناشطة الحقوقية مزنة دريد، منسقة حملة “لاجئات لا سبايا”. ومن بين المستشارين الأجانب المؤسسين للمنظمة، ستيفن باركس، أستاذ البلاغة والكتابة في كلية ماكسويل جامعة سيراكيوز، وساهمت المؤسسة الأورو متوسطية لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان؛ لترى المنظمة النور.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق