قضايا المجتمع

حملات اعتقال قسري في العاصمة دمشق لتجنيد الشباب

شهدت عدة أحياء داخل العاصمة دمشق، في الآونة الأخيرة، حملات دهم واعتقالات واسعة، قامت بها قوات عسكرية تابعة للنظام السوري وأجهزته الأمنية، طالت العشرات من الشبان المُتخلفين عن أداء خدمة النظام، أو عن الخدمة الاحتياطية في أجهزة النظام الأمنية والعسكرية.

يأتي ذلك عقب توزيع النظام قوائم بأسماء الآلاف من المطلوبين للتجنيد على حواجزه الأمنية والعسكرية، التي تغص بها أحياء العاصمة دمشق وريفها، بهدف تجنيدهم للقتال في صفوف قواته، أو صفوف الميليشيات التابعة له.

طلاب جامعات وموظفون

وعن هذه الحملة، أوضح الناشط الإعلامي عمر الدمشقي لـ (جيرون) قائلًا: “تم اعتقال أكثر من مئة شاب خلال الأيام القليلة الماضية، تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، ضمن حملات الاعتقال العشوائية المتزامنة التي تشنها قوات النظام في مناطق متفرقة من العاصمة دمشق، وتركزت بشكل رئيس في أحياء الصالحية وكفرسوسة وركن الدين والميدان”.

وأضاف: “”لم تتوقف يومًا حملات الاعتقال في العاصمة دمشق وريفها، إلا أنها عادت لتنشط بشكل واسع عن طريق المداهمات الليلية للمنازل السكنية، وتفتيش حافلات النقل العام والخاص في المناطق الحيوية من العاصمة دمشق، عبر حواجز مؤقتة (طيارة) أقامها النظام لهذا الغرض تحديدًا”، وأشار إلى أن معظم المعتقلين “هم من طلاب الجامعات الذين يحملون أوراقًا رسمية تُثبت أنهم مُؤجّلون دراسيًا بشكل مؤقت إلى حين انتهائهم من الدراسة الجامعية، أو موظفين مطلوبين للاحتياط، رغم أنهم يعملون في دوائر حكومية تابعة للدولة.

أطفال السخرة

من جهته، قال الملازم المنشق رامي السعيد لـ(جيرون): “يُساق الشباب بعد اعتقالهم إلى معسكرات الفرقة الرابعة في الدريج والديماس بريف دمشق، لإخضاعهم لدورات تدريب خفيفة لا تتعدى الشهر في أفضل حالاتها، تمهيدًا لزجّهم في الجبهات القتالية المتفرقة أمام فصائل المعارضة، ولا سيما في حلب وحماة، والغوطة الشرقية”.

وأضاف: ” لا تتوقف حاجة النظام للمجندين، فهم يعتقلون كل متخلف أو مؤجّل عن الخدمة العسكرية؛ لتعويض النقص البشري الحاصل في قواته البرية، بل إنه أحيانًا يستهدف الأطفال واليافعين ويعتقلهم من شوارع دمشق، بما يشبه عمليات الخطف، لسوقهم إلى العمل في ما يُطلق عليه اسم (نظام السخرة) لخدمة العسكريين”.

ووفقًا للسعيد، فإن (أطفال السخرة) هؤلاء “يعملون لأسابيع عدة في حفر الأنفاق، والخنادق، وبناء المتاريس على الجبهات الساخنة، قبل أن يتم إطلاق سراحهم والسماح لهم بالعودة إلى منازلهم. كما أنهم يتعرضون للضرب المبرح والتجويع لإجبارهم على أعمال الحفر”، مؤكدًا على أن “بعضهم لقي حتفه في حيي جوبر والتضامن، بعد أن زج بهم النظام في خطوط التماس المباشرة مع المعارضة، واستخدمهم لتفجير الأنفاق هناك”.

ويعتقد بعض المعارضين أن حملات الاعتقال العشوائية، والتجنيد القسري في قوات النظام، تأتي أيضًا ضمن مساعي النظام لتهجير سكان دمشق منها، بغية إكمال مخططه؛ لإحداث تغيير ديموغرافي فيها، حالها كحال خطوات أخرى مشابهة، يقوم بها النظام في محيط العاصمة وريفها.

غيرت الحرب مسار حياة الآلاف من الشباب السوري، وألزمتهم بنقل أحلامهم من مكان إلى آخر، ودفعتهم بشكل كبير وجماعي إلى سلوك درب الهجرة والهروب من البلد، على الرغم من مخاطرها؛ ما أفرغ سورية بشكل ملحوظ من شبابها.

ويقبل ما يسمى جيش الدفاع الوطني، واللجان الشعبية، وكتائب البعث، وغيرها من ميليشيات النظام كل من يرغب بالتطوع، حتى لو قل عمرهم عن 18 سنة، ويقوم بعضهم بتلقي تدريبات سريعة لا تتجاوز الأسبوع، ثم يزجّ بهم النظام في الصفوف الأمامية لجبهات الحرب، وبعضًا من الأكثر حظاً يُرسلون إلى إيران في دورات تدريبية سريعة لنحو ثلاثة أسابيع، ثم يعودون إلى جبهات القتال كقناصين.

بنى النظام السوري هيكلية ميليشياته على قبول كل من يرغب في التطوع وتدريبهم وتسليحهم، نتيجة الخسائر التي يتلقاها الجيش، ويؤدي لنقص في المقاتلين، كما أن الصبغة الطائفية لهذه الميليشيات تدفع كثيرًا من الأطفال للحماسة للدفاع عن طائفتهم، متأثرين بتحريض وسائل إعلام النظام وبعض رجال الدين الموالين للنظام، وتُقدّر بعض إحصاءات العارضة أن نحو 40 بالمئة من ميليشيات (قوات اللجان الشعبية) هم أطفال دون عمر الـ 18 سنة.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق