أعلنت صحيفة “شتيرن” الألمانية، أمس الجمعة 7 تشرين الأول/ أكتوبر، عن توقف عملها مدة يوم كامل، وتخلّيها عن نشر أي تقارير أو أخبار أو إعلانات على موقعها الإلكتروني، احتجاجًا على الأحداث الجارية في حلب بشكل خاص، وفي عموم سورية.
وأعلنت الصحيفة عن تضامنها مع مأساة السوريين، ومع ما تتعرض له مدينة حلب ومئات الألوف من المدنيين المقيمين فيها، وسط عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ أي إجراءات أو خطوات توقف العنف الروسي وعنف النظام السوري وميليشياته “الدريفة”.
وجاء في بيان الصحيفة الألمانية ذائعة الصيت:
“نحن الصحفيون، علينا ألا نكون عاجزين عن الكلام. علينا أن نُغطّي ما يحدث، وأن ننقل الأخبار ونُحلّلها. ولكن كلما أخذنا واجبنا بجدية أكثر، كلما شعرنا بمعاناة سكان حلب، وشعرنا بعجز السوريين عن الكلام. وبدلاً من العثور على إجابات، صار لدينا المزيد من الأسئلة”.
وأضافت:
كيف يمكننا أن ننقل المعاناة اليومية هناك؟،
ما تأثير تقاريرنا التي ننقلها؟
وهل كانت تغطيتنا الصحافية كافية؟
ثم أوضحت أيضاً:
بالنسبة للسؤال الأخير، يمكننا أن نجيب بنزاهة: لا… لم نغط الأحداث بشكل كاف، وهذه الإجابة ستقودنا إلى سؤال هو الأهم: لماذا؟.
هل لأن الأخبار والصور عن سقوط مزيد من القتلى لم تعد تهزّنا؟
أم لأن ما يحدث بعيد بما يكفي حتى لا نشعر به؟
أم لأن مشاعرنا تبلّدت من حجم الصور والأخبار المروعة؟
هل صرنا نُحجم عن رؤية تلك الصور، بوعي أو من دون وعي، لأننا نريد حماية أنفسنا؟
أم لأننا لا نملك ما يكفي من الوقت للتعامل مع هذه القضية بشكل مناسب؟.
أم لأننا صرنا مستعدين للأخبار القادمة، والإثارة القادمة، ولعاصفة القرف القادمة؟
أم فقط لأن سورية لا تعنينا بما يكفي؟
ربما هو قليل من كل ما سبق.. كل يوم نفشل في فهم المعاناة التي تحدث في سورية يوميًا.
لأنها عصية عن الفهم حرفيًا، ورغم ذلك نحاول مجددًا.. فهذه مهمتنا.
وأعلنت:
اليوم سنقوم بعملنا بشكل مختلف تمامًا، سنترك ممارساتنا الصحفية التقليدية.
لن نُثير الضجة، ولن نُسرع في نقل الأخبار، وإنما سنصمت.
ستصمت صحيفة “شتيرن”، طوال اليوم، لن تنشر تقارير صحافية ولا إعلانات ولا أخبارًا عاجلة.
ستنشر فقط صورًا من حلب وسورية، لن تكون صورًا صادمة عن أطفال مضرجين بدمائهم، وإنما صورًا عن الحزن اليومي هناك.
اليوم لن نقلق ونهتم بعدد زوار الموقع، وبكفاءة التسويق، ما يهمنا اليوم، أن نصمت لمواجهة صمت العالم الذي لا يُطاق، على ما يجري في سورية، ببساطة عبر استخدامه ولو لمرة واحدة.
وبرهنت الصحيفة الألمانية، أنه، ورغم كل العنف والجنون الذي يسود العالم، إلا أنه مازال بالإمكان أن يكون للإعلام دور إنساني هام، وأن احترام الصحافة والإعلام للمواثيق الدولية والإنسانية والأخلاقية هو مهمة لا يجب التخلي عنها، وأكّدت أن بعض الإعلام والإعلاميين أفضل بما لا يُقاس من السياسة والسياسيين.