فلمّا استقبل جحا حِمارَهُ العائدَ من اجتماعِ قمّةٍ طارئ جدًا، هَمَسَ حِمَارَوَيه لصاحبه: – تنحَّ جانبًا، لا أريدُ بشرًا معي أمامَ عدساتِ المُصوِّرين، هذا مؤتمرٌ صحافيّ خاصٌّ بنا؛ معشرَ الحمير.
فأخذ جحا يُتابع على الهواء مُباشرةً وقائعَ المؤتمر الصحافي.
وكان أولُ الأسئلةِ من وكالة “حمير برس”:
– فماذا كانت نتائج مؤتمركم الطارئ لأجل حلب؟
نهق حمارويه: – احتشدت على الفور ميادِينُنا بالغاضبين من الدبِّ الروسيّ بوتين، ومن أوباما شخصيًا، وقام اللوبيُّ الحِمَارِيُّ في أمريكا بالضغط على مَجلِسَيّ الشيوخ والكونغرس، وتقدّم بدعوةٍ عاجلة إلى محكمة لاهاي؛ لِنَزعِ رمزِ الحمار عن شعارات الحزب الديمقراطيّ، لا يُشرّفنا على الإطلاق أن نكون رمزًا للساكتين عن المجازر، المُتواطِئينَ لتعويمِ الأسدِ والدماءُ تَنِزُّ مِن بَينِ شِدقَيه.
فسأله آخرٌ من جريدة “ديلي جحش”:
– وقفةَ غضبكم لأجل حلب، شَمَلَت مُعظمَ العواصم، لكنّ الحشود فيها كانت قليلة.
نهق حمارويه: – نحن أقليّةُ على هذا الكوكب، وبدأنا ننقرضُ بعد اختراع المركبات التي تنهق على البنزين؛ أما سمعتَ كيف يذبحوننا في مصر؛ ليخطِفَ رئيسُهُم الفكَّةَ من شعبهِ دعمًا لحكومته، ويريد الصينيون أعضاءنا لصناعة أدويةٍ، تُشبه مُنتجاتهم المنسوخة على آلة فوتوكوبي رديئة.
وأردف: مع ذلك.. جمعنا في اعتصام مبلغًا من المال لإرساله إلى الداخل، وفي اعتصامٍ ثانٍ تمكنّا من شراء سيارة إسعاف، وفي اعتصامٍ ثالثٍ يجمعون ثمنَ تراكسٍ ورافعةٍ لإرسالها إلى رجال الدفاع المدنيّ، ليس هَدُفنا رفعَ اللافتات والتقاطَ الصور الفوتوغرافية فحسب، لا نعتصم.. لِنَتبَروَظَ في تويتر والفيسبوك!
ثم سأله ثالثٌ من جريدة “دونكي تايمز”:
– لاحظنا في عواصم الغرب نُدرَةَ التغطيّة الإعلاميّة لنشاطكم؟
فردّ حمارويه: – للأسف، فيما يُسمُّى الغربَ الحُرّ، يُشترى ويُبَاعُ كُلُّ شيء، بما في ذلك الإعلامُ والضمائرُ الصحفيّة، ألم تُدرِكَ كيف رَوَّضُوا النقابات، وحركاتِ الاحتجاج، ومنظمات الناشطينَ السلميّين؟!
فتداركته مندوبةُ مجلةِ “هنا الأتان” بسؤالٍ:
– وماذا عن الشرق يا مستر حِمَارَويه؟
تنهّد حمارويه: – لطالما نكّلوا في شرقستانَ بكلِّ حِمَارٍ نَهَقَ في وجه قراقوش، ويمنعوننا في بلدان الحزبِ الواحدِ والقائدِ الأوحَدِ، من تأسيسِ أحزابٍ لنا، وليست لدينا صحفٌ ولا مجلاتٌ ولا إذاعاتٌ ولا فضائيات.
ثم استدركَ: – لولا شبكة الانترنت لَغُبنا عن ساحة شرقستان كُلّها، من جمهورية كوريا الاشتراكية الوراثيةِ العُظمى، مرورًا بجمهورية أسدستان، إلى الجماهيرية القذافيّة العُظمى، ومع ذلك؛ فوضعنا في شرقستان أفضَلُ مِن مُواطِنِيها؛ فنحن ننهق حين نُريد وأنَّا نُريد، واستبشرنا خيرًا بالربيع العربيّ، لكنّ الجميع تآمروا عليه، وبخاصةٍ حِمَارُ أمريكا الديمقراطيّ؛ فطبَّقوا عليه الاحتواءَ المزدوجَ بأكثرَ ممّا طبّقوه على إيران.
وعن آخرِ سؤالٍ، أجابَ حمارويه: – لا يُقاسُ عَدَدُ فعالياتنا لأجل حلب، بما فعله العرب والمسلمون؛ فلم تشهَد عواصِمُهُم احتجاجاتٍ، سوى في: الخرطوم وعَمَّان ونواكشوط، بينما وَقَفَ السوريّونَ في كلِّ العواصم يتضامنونَ بأنفسهم مع أنفسهم.
ثم التفتَ حِمارويه نحو جحا السوريّ؛ فرآهُ يذوبُ خجلًا من صمتِ العرب حِيَال حلب.