اقتصاد

الرواتب بالنقد الأجنبي تؤثر في اقتصاد الجزيرة السورية

أدّى ارتفاع أسعار الدولار وعدم ثباته إلى تدهور التجارة في مناطق الجزيرة السورية، فضلًا عن الأوضاع والضرائب التي تُفرَض من هيئات ما يسمى “الإدارة الذاتية” المتسلطة بقوة السلاح، فالسياسة الاقتصادية المُتّبعة في الجزيرة السورية تتسّم بالفشل، وفق السكان، بسبب بروز تجّار الأزمة المستغلين ونشاطهم الاستغلالي منذ سنوات خمس مضت، إضافة إلى العديد من القرارات والضرائب المفروضة على النشاط الاقتصادي، والتي كانت سببًا آخر من أسباب ارتفاع نسبة الهجرة من المنطقة إلى الدول الأوروبية.

هناك تفاوت في الأوضاع المعيشيَّة بين شرائح السكان في المنطقة، وتفاوت في نسب التجارة، وتنوع مصادر الدخل، ويُرجع بعضهم سبب تفاوت المستوى المعيشي والدخل، إلى ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبيَّة مقابل الليرة السوريّة،  وبروز معضلة استلام بعضهم  رواتبهم بالعملة الأجنبية، خاصّة من يعمل في منظمات مدنية أو مؤسسات إعلاميَّة، بينما تتحمّل النسبة الكبرى من المجتمع وزر ارتفاع الأسعار، وعدم كفاية المرتّب الشهري المقبوض بالليرة السوريَّة؛ ما يدفعهم أحيانًا للعمل في أعمال ومهن غير شرعيَّة، مثل التهريب؛ للتمكّن من تحمّل نفقات العيش.

إدارة وموظفين

يقول أحد الموظّفين في إحدى هيئات ما يسمى بـ (الإدارة الذاتيَّة): “أنا أعمل كموظّف في (هيئة الصحّة) التابعة لـ (الإدارة الذاتية)، ويصل مرتّبي الشهري إلى 30 ألف ليرة سوريَّة فقط، أي ما يتراوح بين 50 إلى 60 دولارًا أميركيًا، وبساعات عمل طويلة تصل إلى ست ساعات، أو أكثر بقليل، الأمر الذي يمنعني من امتهان عمل آخر؛ كي أسدّ نفقات الحياة الباهظة في ظلّ ارتفاع الأسعار، وفقدان فرص العمل”، وعن أسباب قلّة الرواتب ضمن هيئات ما يسمى (الإدارة الذاتيَّة)، قال: “لا مجال لمناقشة هذا الأمر، فمن يعمل يكون من منطلق تطوّعي، وفكر تشاركي لبناء البلد، ونحن على يقين بأنّ بناء البلد سيؤدي لمرتّبات مالية شهرية، تكفينا وعوائلنا؛ للاستمرار في العيش، وعدم التفكّر في الهجرة، كحلّ نهائي وجذري لكافة المشكلات الموجودة”.

بينما يرى بائع جملة من القامشلي أنّ “الهيئات المُشكّلة من قبل ما يسمى (الإدارة الذاتية)، لم تُقدّم شيئًا حتى اللحظة؛ لتسيير أمور المواطنين من الناحية الاقتصادية، فضلًا عن القرارات الاقتصادية التي تصدر، والتي لا تتّفق كليًا مع الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تسود، ويأتي عدم استقرار أسعار صرف العملات الأجنبية؛ ليزيد الطين بلة، ويجعلنا مكتوفي الأيدي أمام هذه الأزمات”.

في ظلّ انعدام الاستجابة من الهيئات المسيطرة على المنطقة، تبقى حكايات الاستغلال من تُجّار الأزمة هي الأكثر تداولًا بين المواطنين في مدن الحسكة، وأريافها الخارجة عن إطار الرقابة الاقتصاديَّة.

العملة الخفيَّة

لا أحد يعلم كيف يتمّ تحديد أسعار صرف العملات في مناطق الجزيرة السورية، فالأمر يحدث في الخفاء، وحدهم التجار هم من يضعون الخطط والاستراتيجيات، ويقول أحد العاملين في السوق السوداء لصرف العملات: “تكون أسعار صرف العملات الأجنبيَّة في الجزيرة على الدوام أعلى بقليل من سعر الصرف في باقي المناطق السورية، وذلك بحكم القرب من الحدود التركية، وإقليم كردستان العراق، وعمليات تهريب العملة الأجنبية التي تحصل بكثافة، فضلًا عن عجز المصرف المركزي السوري، التابع للنظام، عن تحديد أسعار صرف العملات الأجنبية، أو التحكّم بها”.

وعن الآثار الاقتصادية لتذبذب أسعار العملات الأجنبية على المواطنين، يقول الخبير الاقتصادي سعيد خنسة لـ (جيرون): “لا شكّ في أنّ الآثار سلبيَّة بشكل كبير، فمن المعروف أن قلّة قليلة من المواطنين من تتعامل بالدولار أو اليورو أو أي عملة صعبة أخرى، الأمر الذي يخلق فجوات معيشيَّة، ويحدث هذا الأمر على مرأى من الهيئات التابعة لـ (الإدارة الذاتية) والمختصّة بالمنع والحدّ من هذه الكارثة، دون أن تتحرّك لاحتواء هذه المشكلات، فحجم الفقر والنقص الحادّ في المردود المالي للأُسر مردّه انعدام استقرار أسعار الصرف، وبالتالي؛ ارتفاع أسعار المواد التموينية المستورَدة، إلى درجة أن لا قيمة تبقى لليرة السورية في ظلّ انعدام الرقابة التموينية أو الاقتصادية”.

يبقى الهمّ الأكبر للمواطن السوري هو أن يبقى في وطنه، لكنه يحتاج لما يسدّ ضروريات حياته اليومية، بعيدًا عن تجّار الأزمة، ومن يريدون تصعيد الأوضاع، وإرباك الحالة الاقتصادية للبلاد.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق