سورية الآن

اختراع روسي يُغيّر وجه العلم و”الجريمة”

إدانات جديدة للنظام السوري حول استخدامه السلاح الكيماوي، كانت أهمها ما صدر في بيان لوزير الخارجية الفرنسي، جان مارك أيرولت، السبت الماضي، يطالب فيه مجلس الأمن الدولي بإدانة استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية.

ندد البيت الأبيض باستخدام قوات النظام الأسلحة الكيماوية، ونقلت وكالات الأنباء عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض قوله: “ندين تحدي نظام الأسد للقوانين الدولية المعروفة ضد استخدام الأسلحة الكيماوية، وعدم التزام سورية بتعهداتها ضمن اتفاقية الأسلحة الكيماوية”.

يُذكر هنا أن سورية انضمت إلى معاهدة عدم استخدام الأسلحة الكيماوية عام 2013، وذلك بعد أن استخدمت السلاح الكيماوي ضد المدنيين في الغوطة الشرقية، في أيلول/ سبتمبر 2013، حيث اتُفق -حينئذ- على سحب مخزون السلاح الكيماوي من يد النظام.

الإدانات الفرنسية – الأميركية الأخيرة، جاءت بعد أن أصدرت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة تقريرها، والذي اتهمت فيه النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بالقيام بتلك الهجمات، وأكد بيان الخارجة الفرنسية، بحسب وكالات الأنباء، ضرورة محاسبة مرتكبي تلك الهجمات، مشددًا على أن فرنسا لن ترضى بتمرير ذلك دون عقاب، ودعا الشركاء في مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياتهم، وفرض عقوبات على من ارتكب تلك الجرائم.

يشار إلى أن الهجمات الكيماوية الأعنف، والأكثر حصدًا لأرواح الضحايا، والتي شُنّت على الغوطة الشرقية، لم يصدر فيها تحقيق دولي، ولربما اكتفت المنظومة الدولية بالصفقة الأميركية الروسية مع النظام بسحب مخزونه الكيماوي، مقابل الصمت عن تلك الجريمة المروّعة.

إلى ذلك، فقد صدر التقرير الأخير، متهمًا قوات النظام باستعمال السلاح الكيماوي في محافظة إدلب، حيث وثقت ثلاث هجمات بين عامي 2014 و2015، وهذا التقرير الذي قدّمته لجنة التحقيق المشتركة، التي تشكلت من الأمم المتحدة ومنظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية، في آب/ أغسطس 2015، وحُدد عملها لمدة سنة واحدة ممكن تمديدها، ومهمتها التحقيق في المعلومات الواردة عن استخدام السلاح الكيماوي في سورية، فيما بيّن التقرير السابق الذي صدر عن اللجنة في شهر آب/ أغسطس الماضي، أن هجومين بغاز الكلور السام -على الأقل- شنّهما طيران النظام المروحي في ريف إدلب، على كل من بلدة تلمنس في 21 نيسان/ أبريل 2014، وبلدة سرمين في 16 آذار/ مارس 2015، فيما اتهم التقرير الجديد قوات النظام بهجوم ثالث، وقع في قيمناس أيضًا بمحافظة إدلب، في 16 آذار/ مارس 2015.

وزير الخارجية الفرنسي إيرولت، وصف ذلك بقوله إنها أفعال غير إنسانية وغير مقبولة، وطالبت كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا مجلس الأمن بالعمل على محاسبة النظام السوري وتنظيم الدولة (داعش)، فقد اتهم التقرير السابق الذي صدر في آب/ أغسطس الماضي، تنظيم (داعش) باستخدام غاز الخردل في مارع بمحافظة حلب في آب/ أغسطس 2015.

من جهتها روسيا شككت في تقارير اللجنة الدولية التي حملت اسم (آلية التحقيق المشتركة)، حيث قال مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة -نهاية آب/ أغسطس الماضي- تعليقًا على التقرير السابق: “إن هنالك تساؤلات جدية حول النتائج” وأضاف أن هناك “عدة مسائل يجب توضيحها قبل القبول بتلك النتائج التي خلص إليها التقرير”، في حين وصفت كل من فرنسا وبريطانيا حينئذ، على لسان سفيريهما، بأن ذلك يُعد جريمة حرب، كما عدّت مندوبة الولايات المتحدة الأميركية أن هناك ضرورة للتحرك بسرعة كي يدفع مرتكبو تلك الجرائم الثمن، وكذلك شككت روسيا في التقرير الحالي، ووصفته بأنه غير قطعي كي يتم فرض عقوبات.

حول هذا، قال تشوركين، مندوب روسيا في الأمم المتحدة، في آب/ أغسطس الماضي: “إن التقرير غير مقنع، وليس هنالك في التقرير من تجب معاقبته”، وأضاف: “إن التقرير لا يحوي أسماء المتهمين ولا مواصفاتهم، ولا توجد بصمات على السلاح”، عادًّا أنه “يعرف أن الكلورين استُخدم في سورية، لكن ليس هنالك بصمات على السلاح”.

نعم. يُثبت مندوب روسيا بحنكة المحقق المُحترف، أنه لا توجد بصمات تثبت على الغاز، الأمر الذي يدل على نباهة استثنائية، ويجب على جامعات ومراكز البحوث العلمية بالعالم التنبه لها، فبراءة الاستنتاج والاختراع تعود لهذا الرجل، والجاني في ظل هذا النظام الدولي سيتمتع بكثير من الإدانة اللفظية مع حرية القتل، ومن المرجح إن بقيت الحال هكذا، فإن العالم -يومًا بعد يوم- يسير إلى المجهول في هذا المستوى من الدبلوماسية الدولية.

يُشار إلى أن مجلس الأمن قد يعقد اجتماعًا خاصًا؛ لمناقشة تقرير اللجنة المشتركة، في 27 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، على أمل ألا نشهد استعراضًا مسرحيًا جديدًا حول نتائج لجنة، شكلها المجلس ذاته.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق