تعيش محافظة السويداء واقعًا مربكًا على مختلف الصعد، وقد اتصف العمل الجماعي فيها -بعمومه- خلال السنوات الخمس الماضية، وعلى المستويات كافة، بأنّه عملٌ غير مُنظّم، ولهذا لم يحقق ميزة الاستمرار.
لعلّ من الاستثناءات القليلة التي شذّت عن هذه القاعدة، على الصعيد الثقافي، نشاط منظّمة مدنية تطوعيّة مستقلّة، بدأت بمسمّى “جذور السويداء”، واتسعت إلى أن صارت “جذور سورية”، وقد أثبتت حضورًا متميزًا، على الرغم من التحدّيات المختلفة التي واجهت نشاطها المدني وفاعليتها الاجتماعية.
وحول هذه المنظمة ودورها، وأهم فاعلياتها في تفعيل النشاط المدني، قال أسامة هنيدي، رئيس المكتب الإعلامي للمنظمة، لـ (جيرون): “تُحاول المنظمة -منذ انطلاقها- العمل على محاور عدة، ومنها الشأن الثقافي، عبر إطلاق منتدى (جذور سورية الثقافي) بصالونه الأدبي الذي وصل الى رقمه الثالث والستين، إضافةً إلى النشاط السينمائي عبر عرض أكثر من مئة فيلم سينمائي جادّ، تحتفي بالقيم الإنسانية العظيمة، ورافق ذلك سلسلة من الندوات الأدبية والفكرية الموازية”، وأضاف: “يُلاقي الصالون الأدبي للمنظمة ترحيبًا كبيرًا من جمهور الثقافة في المحافظة، نظرًا لمشاركة أسماء أدبية عديدة، من داخل المحافظة وخارجها، دون أن يشكّل ذلك بديلًا من المؤسسة الثقافية الرسمية، بل نشاطًا مدنيًا مُكمّلًا، بتوجهٍ واعٍ نحو لعب دورٍ مركزيّ للعمل المدني”.
وأكد هنيدي أنه “لا يمكن إغفال الصدى الإيجابي الملموس عبر نشاط المنظمة الثقافية أو مبادراتها المجتمعية، كما لا يمكن المبالغة في مدى تأثير المنظمة في شارع السويداء، سوى القول بأن المنظمة لديها توجه واضح؛ لأخذ دورها المجتمعي المسؤول”.
وحول الجدوى العملية لما تقوم به المنظمة، قال: “نعتقد، ومن خلال اطلاعنا على عديد من تجارب العمل المدني حول العالم، أنّه لا يمكننا قياس الجدوى عبر فترة زمنية قصيرة من العمل، وعلى الرغم من ذلك، نقول: إنّ ما تحقق من حالة تفاعلية مع الناس مُرضٍ بالنسبة لنا، إلى حد ما، مع طموحنا في تأثير أكبر، متبنين فكرة أّنّه لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي، فنحن مصرّون على تصدير الصوت المدني السوري التوعوي الهادف؛ للتخفيف من حدّة الانقسام، والسّاعي الى العيش المشترك”.
وعن أبرز التحديات والصعوبات، قال: “هناك جملة من التحديات تواجه عملنا، أهمها غياب الوعي الواضح بمفهوم ودور المجتمع المدني، الأمر الذي يُعمل بجدٍ على نشره وترسيخ مفاهيمه، ويعزو الأستاذ أسامة هنيدي ذلك إلى غياب العمل المدني لفترة طويلة عن سورية، ككل”.
وأضاف: “إننا نعمل وسط آراء منقسمة سياسيًا؛ ما يضعنا من وجهة نظر الطرفين المختلفين، على ضفة سياسية حادة، متناقضة مع كل منهما على حدة، وربما يكون التعاطي السلبي من بعض المؤسسات الحكومية واحدًا من تلك التحديات، على الرغم من أننا ننظر إلى تلك المؤسسات، كملكية دستورية وقانونية، على أنّها لنا جميعًا نحن السوريين، وإنّ العمل على حمايتها -في رأينا- واجب وطني”، وتابع: “حلمنا كبير بسورية، مدنية آمنة لجميع أبنائها، دولة حق وقانون، وسنعمل على تحقيق هذا الحلم بكل ما أوتينا من صبر ووعي وتنظيم، ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا”.
ويُشار إلى أن منظمة “جذور سورية” للعمل المدني، كانت قد انطلقت منتصف 2014، في السويداء، وبتمويل ذاتي من متطوعين، وحاولت توسيع نطاق نشاطها عبر تشكيل نواة للمنظمة في محافظة حمص.
وتُشدد (جذور سورية) على أنها منظمة مدنية مستقلة غير ربحية، تسعى لبناء مجتمع سوري مدني فاعل ومنظّم، قائم على المساواة والعدالة دون تمييز بين أفراده، وقادر على إدارة شؤونه الحياتية، والمساهمة في رسم مستقبل وطنه، كما تسعى المنظمة إلى ترسيخ ثقافة الحوار والتنمية، بأبعادها المختلفة، بما فيها المشاركة الإيجابية للمرأة في عملية التنمية.