أسفرت الحملة العسكرية العنيفة التي تشنها قوات النظام، بمساندة ميليشيات “الدفاع الوطني”، على عدة محاور في منطقة الغوطة الغربية، عن فصل بلدتي زاكية ومخيم خان الشيخ عن بعضهما بعضًا فصلًا كاملًا.
يأتي ذلك، بعد استعادة قوات الأسد سيطرتها على بلدة الديرخبية والمزارع المحيطة بها، ولا سيما منطقة “الوادي” التي تفصل بلدتي المقيلبية والديرخبية، حيث يسعى النظام (في المرحلة الراهنة) إلى إحكام الطوق الأمني على خان الشيح، عبر قطع طريق الإمداد الوحيد للمعارضة الذي يصل المخيم ببلدة زاكية.
ووفقًا لناشطين محليين، فإن تقدم قوات النظام وسيطرتها (في الآونة الأخيرة) على الكتيبة المهجورة، الواقعة على الطريق بين زاكية ومخيم خان الشيح، قد أنهى آخر اتصال بري بين البلدتين، وأوقع سكان المخيم في حصار مطبق تمامًا، تسبب في حرمانهم من أبسط المواد الغذائية والأساسية التي يحتاجونها في حياتهم اليومية.
اجتماع وتهديد بالإبادة
إلى ذلك، شهدت بلدة زاكية اجتماعًا عُقد قبل أيام، ضم ممثلين عن النظام، من جهة، وقيادات من المعارضة في ريف دمشق الغربي، من جهة ثانية، بغية الوصول إلى اتفاق؛ لإخراج المقاتلين من مخيم خان الشيح وبلدة زاكية إلى إدلب في شمالي سورية.
أشار الناشط الإعلامي، أبو مسلم الديراني، في حديثه لـ (جيرون)، إلى أن “مراسلة الإخبارية السورية كنانة علوش (ممثلة النظام للتفاوض) قد هددت خلال الاجتماع، كلًا من فصائل المعارضة والمدنيين -على حدٍ سواء- بالإبادة الجماعية في حال رفضوا شروط النظام الخاصة بترحيلهم من بلدتي خان الشيح وزاكية”. مبينًا أيضًا، أن وفد النظام “وضع فصائل المعارضة في المنطقة أمام خيارين: إما الحصار والإبادة، أو الترحيل إلى إدلب، ومع أن الاجتماع انتهى دون التوصل لاتفاق، إلا أن المفاوضات ما تزال جارية بين الطرفين حتى الآن”.
وكان لافتًا -بحسب الديراني- الإشاعات التي بدأ بعض من أهالي خان الشيح تداولها، ومفادها أن وفد النظام “عرض على المعارضة الخروج إلى مدينة درعا جنوبي سورية، إن قبلت الأخيرة إخلاء المنطقة”، على الرغم من عدم صدور أي تصرح رسمي من المعارضة عن ماهية المفاوضات مع وفد النظام.
كبرى المدن محاصرة
في السياق ذاته، قال عبد الرحمن نور الدين، أحد وجهاء بلدة زاكية، لـ (جيرون): إن قوات النظام “تفرض، منذ ما يزيد عن الشهر، حصارًا مطبقًا على بلدة زاكية، مانعةً دخول المواد الغذائية إلى سكانها البالغ عددهم نحو 33 ألف نسمة، إضافة إلى 30 ألف نازح، يسكن معظمهم في بيوت غير مكتملة التجهيزات، أو في محال تجارية لا تصلح للسكن”.
وأضاف قائلًا: إن خطوط الاتصال عبر الهاتف الأرضي، وخدمات الإنترنت(ADSL) معطلة تمامًا، كما ألحق القصف العنيف أضرارًا بالغة بشبكة الكهرباء الرئيسة، وأدى إلى انقطاعها عن أكثر من 90 بالمئة من أهالي البلدة.
وفيما يخص الحياة المعيشية للمدنيين داخل بلدة زاكية، التي تعد أكبر بلدات المنطقة، وأكثرها اكتظاظًا بالسكان، أوضح نور الدين: “يعاني أهالي البلدة أوضاعًا إنسانية مأسوية، إذ أن قوات النظام لم تكتف بإغلاق الحواجز المؤدية إلى بلدة زاكية فحسب، وإنما منعت عنها دخول مادة الطحين، ما أدى إلى توقف الأفران عن العمل وفقدان مادة الخبز، بينما لم يتمكن الأهالي من الوصول إلى 85 بالمئة من الأراضي الزراعية التي يعتمدون عليها في معيشتهم”.
وأكد أن قوات النظام “منعت -في البداية- طلاب الجامعات والموظفين، من الخروج من بلدة زاكية، لتعود وتسمح لهم من جديد بالخروج منها قبل أيام، في وقت بات فيه الأهالي يجدون صعوبة في تأمين مستلزماتهم الغذائية والطبية، بما فيها حاجات الأطفال، وسط استغلال بعض التجار حالة الحصار ورفعهم للأسعار”.
على الصعيد الميداني، ما تزال معارك الكر والفر هي السمة الأبرز للمعارك الدائرة في أطراف بلدة الديرخبية، ومزارع أشرفية العباسة بين فصائل المعارضة والنظام، في ظل ورود أنباء عن فرض قوات النظام سيطرتها على عدد من الأبنية شمال شرق مسجد العضم في بلدة خان الشيح.
الجدير بالذكر أن منطقة مخيم خان الشيح والمزارع المحيطة به، تتعرض إلى قصف بالبراميل المتفجرة وقذائف المدفعية بشكل يومي، مصدره كل من اللواء 68 والفوج 175، والفرقة السابعة، وجبل المضيع وتلة الكابوسية وتلة دروشة.