قضايا المجتمع

دمج الطلاب السوريين مع الأتراك بين الإيجابيات والعوائق

لا يزال القرار التركي القاضي بدمج الطلاب السوريين المشمولين بقانون الحماية الموقتة بنظام التعليم التركي متعثّرًا، ويصطدم بعوائق عديدة، أبرزها عدم صدور قانون رسمي من التربية التركية، يوضّح آليات العملية وسُبل تنظيمها.

حول هذا الموضوع، أكد محمد نور، وهو باحث مُهتم بأوضاع اللاجئين السوريين، لـ (جيرون): “لم يصدر قرار خطي، أو تعميم على إدارات المدراس التركية، بقبول تسجيل الطلاب السوريين في مدارسهم، أو قرار مشابه يمنع تسجيل الطلاب السوريين في الصفوف المذكورة في المدارس السورية، وهذا الأمر أدى إلى حالة من الفوضى وعدم التنظيم”.

أفاد عدد من الأهالي السوريين القاطنين في ولاية (غازي عنتاب) التركية بأنهم ذهبوا لتسجيل أولادهم وبناتهم في مدارس تركية، لكن المدارس التركية رفضت.

لا يقتصر الأمر على المشكلات الإدارية التي من الممكن إيجاد حلول لها في المستقبل، فهناك عقبات نفسية كثيرة تواجه الطلاب والطالبات، خصوصًا من هم في مرحلة متقدمة، في الصف التاسع، هؤلاء يجدون صعوبة في التأقلم والاندماج وتعلّم اللغة أكثر من الصغار.

في هذا المعنى، أكدت صباح عكام، وهي سيدة سورية ابنتها في الصف التاسع، لـ (جيرون) “أن ابنتها عائشة رفضت التسجيل في المدرسة التركية، وهناك عدد من صديقاتها رفضن أيضًا، وفضلن البقاء في المنزل، وخصوصًا بعدما تبيّن أن آليات التنفيذ لا تسير على نحو مقبول”.

فبحسب ما تسرّب من قرار الدمج، كان يُفترض فتح شعب خاصة انتقالية للتلاميذ السوريين، تُركّز -في الفترة الأولى- على تعلّم اللغة التركية، ويُنتقل -لاحقًا- بعد شهرين أو ثلاثة أشهر للتعليم، وهو ما لم يتحقق.

مشكلات إدارية وتنفيذية

تشترط المدارس التركية لإتمام عملية تسجيل الطلاب السوريين فيها، امتلاكهم بطاقة الحماية الموقتة (الكيملك)، إضافة إلى بيان عائلي من النفوس التركية، وهو ما يُشكّل عائقًا لدى بعض الطلبة الذين لم يستطيعوا استكمال هذه الأوراق.

حول العوائق التنظيمية التي تعترض سير عمل القرار، فصّل المدرس السوري، عمر محمد، لـ (جيرون) المشكلات التي تواجه الطلاب، وفنّدها قائلًا: “تنقسم المشكلات التي يعاني منها الطلاب؛ نتيجة قرار الدمج إلى أقسام عدة، ولكل صف مشكلاته الخاصة، وبالنسبة لطلاب الصف الأول؛ فترفض المدراس التركية -في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية- تسجيل تلاميذ سوريين فيها، وهي مناطق غالبيتها فقيرة، والسوريون موجودون فيها بكثرة، هذه المدارس تعاني -في الأصل- من كثافة عددية كبيرة، ما يدفع إداراتها إلى عدم قبول الطلاب السوريين، كما تُعدّ مشكلة اللغة عائقًا مستحيل التجاوز بالنسبة للطلاب الكبار، من الصفين الخامس والتاسع، وفقًا لآلية التطبيق التي أهملت تمكين الطلاب من اللغة قبل الدمج، و لأن المدارس التركية مختلطة في كل مراحلها، يشكل ذلك عنصر رفض عند كثير من الأهالي السوريين، وخاصة للفتيات، يضاف إليه أن أغلبية طلاب الصف التاسع أحيلوا على التعليم المهني، وهو ما دفع الطلاب إلى ترك الدراسة وبحسب تقديرات أولية عن بعض المدارس تجاوزت نسبة التسرّب من الصف الخامس والتاسع 80 بالمئة”.

كما امتنع كثير من الأهالي السوريين عن تسجيل أبنائهم في المدارس التركية، واستعاضوا عن التعليم المدرسي بتعليم موازٍ في مراكز (اليونسيف)، أو مكاتب مموّلة من منظمات دولية أو محلية، ويُطرح اليوم بالتعاون مع الأوقاف إمكانية الاستعانة بالمساجد؛ لتقديم حلقات دراسية للطلاب.

مشكلات نفسية

يتعرّض الطلاب السوريون لمضايقات تمييزية من الطلاب الأتراك، وهو ما يشكل عائقًا ويؤخّر في عملية الاندماج، وحول هذه المشكلات، قال محمد: “تعامُل الطلاب الأتراك مع السوريين تعاملًا تمييزيًا ومُزعجًا خلق مشكلات بين الطلاب؛ ما دفع إدارات المدراس التركية إلى تجنب المشكلات بعدم تسجيل الطلاب السوريين، ويتذرعون بالكثافة العددية العالية”.

الدمج عبر الإلغاء

بحسب آلية التطبيق، يُفترض إلغاء التعليم الموقت للسوريين خلال ثلاث سنوات، بمعنى، في هذا العام أُلغيت ثلاثة صفوف، وهي: الأول والخامس والتاسع، وسيتم في العام المقبل إلغاء الثاني والسادس والعاشر، وهكذا؛ فإن العام الثالث سيكون آخر عام لمراكز التعليم الموقت للسوريين، واستمرار الآلية ذاتها، أي: تعميم إلغاء التعليم وليس الدمج.

وبحسب المُصرّح به، هناك قرار رسمي بذلك، وهو قرار مركزي من وزارة التربية في أنقرة، ويجري الحديث -اليوم- عن اتفاق جديد، يتضمن أن يكون دمج الصف الأول إجباري، والصفين الخامس والتاسع اختياري، وليس هناك مصدر رسمي لهذا الحديث، إلا أن التعليقات الأولية من مؤسسات التعليم التركية أن هذا القرار تتصرّف به كل ولاية بحسب إمكاناتها، وما تراه ملائمًا؛ فالأصل هو الدمج عبر الإلغاء.

ويعتقد محمد أن نتائج القرار -إلى الآن- سلبية، وأردف بقوله: “حتى الآن القرار في آليات تطبيقه سلبيًا بالكامل، وبتدقيق نسبة التسرب الناتجة عنه، فهو كارثي، إلا أن الصف الأول يعدّ أقل تضررًا، بحساب أن الطفل لديه قدرات اندماجية أكبر، وأقل عرضة لمشكلات التمييز، أما عمومًا، فالقرار سلبي؛ لأنه يأتي في سياق التعامل الانتفاعي مع السوريين”.

Author

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق