تجاوزت الولايات المتحدة الأميركية في عهد الإدارة السابقة، ما يوصف بالموقف السلبي من الأزمة السورية، إلى تغطية النظام السوري سياسيًا، من خلال إجهاض أي تحرك دولي أو إقليمي لإنهاء الصراع، و الضغط لمنع تزويد المعارضة السورية بالسلاح، أو منع إقامة مناطق حظر جويّ لحماية المدنيين، أما على الصعيد الداخل الأميركي فقد تجاهلت تلك الإدارة مطالبات أعضاء و قيادات داخل الكونغرس الأميركي مثل آدم كينزينغر، و ليندسي غراهام، بوضع حد للجرائم التي يرتكبها النظام و حلفاؤه الروس و الإيرانيون بحق المدنيين في سورية، أما الإدارة الجديدة ففي النظر إلى تصريحات ترامب، خلال الحملة الانتخابية يبدو أن الامور غير إيجابية على الأقل حتى تتوضح توجهات السياسة الأميركية الجديدة في المنطقة.
باميلا إنجل
13 تشرين الأول/ أكتوبر 2016
ليندسي غراهام – تصوير/ جيم كول
الزعيم الجمهوري السيناتور “ليندسي غراهام” من أشد منتقدي دونالد ترامب طوال فترة الانتخابات، كما انتقد وجهة نظر الرئيس المنتخب دونالد ترامب في السياسة الخارجية وذلك في لقاء موسع مع عدد من رجال الأعمال في الاسبوع الماضي.
وقد وصفه غراهام بترامب الأحمق وذلك عندما يتعلق الأمر بروسيا، كما قال إن هذا الملياردير ورجل الأعمال ليس لديه “أي أفكار” حول كيفية هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (والمعروفة أيضا باسم الدولة الإسلامية أو الدولة الإسلامية في العراق والشام)، كما وصف وجهة نظره بشأن حلف شمال الاطلسي “بالخطرة” كما أضاف إن ترامب “لا يعرف شيئا عن السياسة الخارجية”.
كما قال غراهام “إن إضافة اسم دونالد ترامب، والسياسة الخارجية في الجملة نفسها، هو نوع من الشطحات” وأضاف” هذا ليس اختصاصه إنه لا يعرف شيئًا ولا يبدو بالشخص الراغب في المعرفة” كما أضاف غراهام بغض النظر عن الشخص الذي رشح نفسه للرئاسة خلال الانتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري، فإننا مضطرون إلى العمل مع ترامب في الإدارة المقبلة، وبذلك أوجز غراهام رؤيته للسياسة الخارجية في عهد الرئيس ترامب.
روسيا، سورية وإيران
بدا غراهام قلقًا بشكل خاص بسبب رؤية ترامب حول روسيا، وأضاف “أعتقد أنّ رؤية ترامب حول روسيا هي أكثر القراءات خطأً منذ ثلاثين عامًا، ودونالد ترامب شخص مغفل فيما يتعلق بالمسألة الروسية” خلال حملته الانتخابية، تعرض ترامب لكثير من الانتقادات بسبب علاقته الدافئة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي تحدث بدوره بشكل إيجابي عن المرشح الجمهوري للرئاسة.
وأضاف غراهام “أعتقد أن روسيا كانت ترغب في فوز دونالد ترامب” كما أضاف “الحقيقة أن الروس شاركوا بنشاط في هذه الانتخابات، وهذا ما نحتاج إلى معرفته عن دونالد ترامب، لا أستطيع أن أصدق أني أُعطيت من العمر لرؤية حكومة أجنبية تتدخل في انتخاباتنا”.
اتهمت الولايات المتحدة قراصنة روسًا بتسريب رسائل البريد الإلكتروني من اللجنة الوطنية الديمقراطية، وعلى ما يبدو فإن الكرملين استأجر ناشطين روسًا على شبكة الإنترنت، لدعم المواقع الأميركية المؤيدة لدونالد ترامب.
لدى روسيا اهتمام خاص بتوجهات السياسة الأميركية، في إطار سعيها لتوسيع نفوذها في جميع أنحاء العالم، كما شاركت روسيا في الحرب الأهلية السورية، و حيث أن الولايات المتحدة تورطت أيضًا في الصراع السوري، لكن الكرملين يدعم الديكتاتور الأسد الذي أصرت الولايات المتحدة على ضرورة تركه السلطة، كما أن هناك تحالفًا وثيقًا بين روسيا و إيران التي تشارك بدورها في الصراع السوري، فضلًا عن مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، ولكن الميليشيات المدعومة من إيران اتهمت بارتكاب فظائع ضد المدنيين العراقيين، خلال مشاركتها في تحرير المدن والبلدات من سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية.
وقد اقترح ترامب بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة لمساعدة الولايات المتحدة في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية في الشرق الأوسط، وهذا بالضبط ما يطمح إليه الأسد، حيث يريد أن ينظر إليه كشريك شرعي في مكافحة الإرهاب، ولكن نظامه قتل من المدنيين السوريين أكثر بكثير مما فعل تنظيم الدولة الاسلامية، كما سعى للقضاء على الثوار المعتدلين الذين يعارضون نظامه أكثر مما فعل في محاربة الإرهابيين الإسلاميين، الذين يسعون للسيطرة على أجزاء واسعة من البلاد.
كما أضاف غراهام، لا يعي ترامب ماذا يعني اقتراحه حول بقاء الأسد في السلطة، بالنسبة إلى الشرق الأوسط هذا يعني أن كل الحكومات العربية سوف تتمرد ضد ذلك القرار، لأن ذلك يعني تسليم دمشق إلى الإيرانيين، كما يعني ذلك تمكين الروس بطريقة لم يسبق لها مثيل منذ سبعين عامًا، ولكن من المؤكد أن ترامب لن يفعل ذلك.
حيث أن إيران هي دولة إسلامية متشددة، ذات توجه قوي مناهض للولايات المتحدة الأميركية، وتقدم الدعم لنظام الأسد. كما عبر خبراء السياسة الخارجية عن مخاوفهم بشأن تزايد النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، كما توقع غراهام، أن بعض الأعضاء الجمهوريين داخل الكونجرس سيتصدون لسياسة ترامب حول روسيا؛ حيث قال “هناك أعضاء في الحزب الجمهوري داخل الكونجرس سيعملون على لجم سياسات ترامب وسأكون سعيدًا بالعمل معهم”.
(ترامب يعانق علم الولايات المتحدة على خشبة المسرح في لقاء مع مؤيديه في مدينة تامبا بولاية فلوريدا في 24 تشرين الأول/ أكتوبر)
حلف الناتو
كما انتقد غراهام تعليقات ترامب حول حلف شمال الأطلسي، وهو التحالف الذي تأسس في عام 1949 لمواجهة الاتحاد السوفيتي والتحالف العسكري القومي داخل أوروبا.
قال ترامب إن حلف شمال الأطلسي “عفا عليه الزمن” وأشار إلى أنه في ظل إدارته، ربما لن تدافع الولايات المتحدة عن حلفائها إذا كان هؤلاء الحلفاء لا يعملون ما يكفي للدفاع عن أنفسهم.
حيث قال غراهام “ما يقوله ترامب خطِر للغاية” ثم أضاف “إنه بذلك يؤثر سلبًا على التحالفات، في وقت نحتاج فيه إلى المزيد من الحلفاء، من الصحيح أن أعضاء حلف شمال الأطلسي في حاجة أكبر للمساهمة داخل الحلف، ولكن هذا ليس ناديًا؛ حيث يجب طرد الدول التي لا تدفع مستحقاتها المالية، كما أنها ليست صفقة عقارية؛ فيمكنك الحصول على سعر أفضل، هذا مجتمع دولي معقد، حيث التحالفات -وإن كانت لا ترتقي الى مستوى الكمال- ولكن يجب المحافظة عليها وتطويرها”.
في هذا الطرح يقف ترامب الى جانب روسيا، وهي ليست عضوا في حلف شمال الأطلسي، روسيا ولكن لديها أمل في انهيار الحلف إنه واحدة من أكبر العقبات ضد توسع النفوذ الروسي؛ حيث يشمل حلف شمال الأطلسي 28 بلدًا عضوًا، ويشكل ثقلًا في مواجهة طموح الكرملين في أوروبا الشرقية.
حيث أن عدة دول من حقبة الاتحاد السوفياتي السابق، مثل ليتوانيا، لاتفيا، واستونيا، هي الآن أعضاء في حلف شمال الأطلسي، وإذا حاولت روسيا غزو أيّ منها، فستكون الولايات المتحدة ملزمة بالدخول بكل ثقلها العسكري في مواجهة الكرملين، والدفاع عن سيادة تلك الدول.
قال غراهام “إن روسيا في غاية السعادة بسبب آراء دونالد ترامب حول حلف شمال الأطلسي”.
مقاتل كردي من وحدات حماية الشعب (YPG) يحمل سلاحه وهو يمشي في كلية الاقتصاد حيث تظهر في الخلف صورة مشوهة للرئيس السوري بشار الأسد، في حي غويران-الحسكة، سورية، 22 آب/ أغسطس 2016 / رودي سعيد- رويترز
تنظيم الدولة الإسلامية
كانت المعركة ضد تنظيم الدولة الاسلامية في الشرق الأوسط موضوعًا رئيسًا في الحملة الانتخابية لكلا المرشحين.
دافع ترامب عن قيام روسيا ونظام الأسد بعمليات قصف لمساعدة الولايات المتحدة في هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية في سورية وفي أجزاء أخرى من الشرق الأوسط، يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، وقد اقترح أيضًا أن تستولي الولايات المتحدة على نفط تنظيم الدولة الإسلامية، لحرمان تلك الجماعة الإرهابية من أكبر مصادر إيراداتها.
لكن غراهام قال هذه استراتيجية معيبة، مشيرًا إلى أن خطاب ترامب خلال حملته الانتخابية يمكن أن ينظر إليه في منطقة الشرق الأوسط كخطاب معاد للمسلمين، كما اقترح ترامب منع جميع المسلمين من السفر إلى الولايات المتحدة “حتى يمكن لممثلي بلدنا معرفة ما يجري مع الإرهاب”.
وأضاف غراهام “ليس لدى ترامب أي فكرة عن كيفية هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام”.
حتى الآن، لم يكن لدى ترامب خطة واضحة لبسط الأمن داخل المناطق المحررة من تنظيم الدولة الإسلامية، في خلال حرب العراق، قضت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الحكومة العراقية على تنظيم القاعدة، الذي سبق ظهور تنظيم الدولة الاسلامية في معظم أنحاء العراق، ولكن تلك المجموعات عادت إلى الظهور في وقت لاحق كعدو جديد أكثر قوة.
كما أضاف غراهام أن خطاب ترامب يجعل من الصعب على المسلمين في الشرق الأوسط رؤية الولايات المتحدة حليفًا لهم، وهذا يضعف -بالتالي- من قدرة أميركا على وقف عمليات التجنيد في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية، واستتباب الأمن بعد سقوط تنظيم الدولة الاسلامية.
كما قال غراهام أي شخص لديه خبرة في الحرب على الإرهاب لن يصرح بمثل تلك التصريحات، لأنه سيزيد من التعاطف مع العدو، وذلك بعد قول ترامب “نحن في حاجة إلى فرض حظر على جميع المسلمين من القُدوم إلى أميركا”.
وأوضح غراهام: “ما تفعلونه هو تمكين للعدو، يجب عدم القول إن الغرب يكره الدين، بل يجب القول إن العالم ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وليس الولايات المتحدة ضد المسلمين”.
اسم المقالة الأصلي | Top GOP senator: Trump ‘doesn’t know anything about’ foreign policy |
الكاتب* | باميلا إنجل / Pamela Engel |
مكان النشر وتاريخه | BUSINESS INSIDER/ POLITICS 13-11-2016 |
رابط المقالة | http://www.businessinsider.com/lindsey-graham-trump-foreign-policy-2016-11 |
المترجم | رلى العلواني |
تعليق واحد