يعاني معظم سكان الجزيرة السورية من صعوبات معاشية وأمنية عديدة، فرضتها الأوضاع الأمنية المتردية هناك في ظل ما يسمى “الإدارة الذاتية” الكردية؛ ما دفع معظم الشباب في الجزيرة السورية إلى الهروب من هناك إما إلى شماليّ العراق أو إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا.
وتفيد إحصائية أصدرتها مؤسسة إعلامية في الجزيرة السورية، بأن نسبة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين الـ 15 و30 عامًا، المهاجرين من الجزيرة السورية إلى إقليم كردستان العراق وتركيا -ومنها إلى إحدى الدول الأوروبية- بلغ 50 بالمئة من إجمالي فئة الشبّان.
وقال محمد، أحد شبّان الجزيرة، الذي هاجر إلى أوروبا لـ(جيرون): “الأمور في الجزيرة السورية تسير نحو الاسوأ، وأنا اخترت الهجرة ضمانًا لمستقبل أفضل، أو على الأقل هربًا من ظلم (الإدارة) الذي تزداد وتيرته يومًا بعد يوم”.
تكلف رحلة التهريب أموالًا تصل إلى الألف دولار، يدفعها من يريد عبور الحدود إلى مهربين، وقد خرج محمد مع واحد منهم، عبَر به نحو الحدود الفاصلة بين “الجزيرة السورية وإقليم كردستان العراق، مقابل 1500 دولار أميركي”.
اضطر محمد لدفع 500 دولار زيادة عن المبلغ المعتاد الذي يتقاضاه المهرب، لأنه يحتاج إلى تأجيل من خدمة (الدفاع الذاتي) التي تفرضها (الإدارة الذاتية).
وأضاف محمد: “الرحلة كانت قاسية، وكلفت كثيرًا من الأموال إلى أن وصلت إلى ألمانيا، وها أنا ذا أعيش في معسكر للاجئين السوريين، ريثما أنهي أوراق إقامتي”.
ويعدّ محمد أن “لا حياة في الجزيرة السورية، الكل ميت، على الرغم مما نراه في وسائل الإعلام التي تريد اظهار (الإدارة) بأحسن الصور”.
ازدادت شبكات تهريب البشر في الجزيرة السورية، مع ازدياد نسبة الهجرة منذ بداية الحراك الثوري، وأمام تردي الأوضاع المعيشية يُدفع العاطلون عن العمل إلى مزاولة التهريب، بوصفها عملًا يدر أرباحًا كبيرة، فالمسألة لا تحتاج سوى إلى معرفة بالحدود، وهذا ما لا يجهله أغلب المواطنين في مدينة القامشلي، وعلى الأخصّ من كان يعمل في مجال تهريب المواد خلال السنوات الماضية.
فقدت الجزيرة السورية عددًا كبيرًا من أبنائها خلال عمليات التهريب، وقالت السيدة أسما، التي فقدت أربعة من أولادها خلال رحلتهم في عبور البحر العام الماضي لـ (جيرون): “فقدت أربعة من أبنائي بعد أن قرّروا الهجرة إلى أوروبا طلبًا لحياة آمنة مستقرّة على أن يرسلوا لي لاحقًا، وفق ما تنص عليه القوانين الخاصة باللجوء الأوروبيّ التي تتيح ذلك، لكنّ الرحلة لم تنجح، وفقدتهم إلى الأبد”.