تحقيقات وتقارير سياسية

ميليشيا “النجباء” العراقية ذراع إيران العسكري في حلب

شكلت المليشيات الطائفية (العراقية والأفغانية) رأس الحربة في معارك حلب الأخيرة، حيث أسفر تدخلها إلى جانب النظام، وبغطاء جوي روسي، في ترجيح كفته، والسيطرة على معظم المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة. وخلال المعارك الأخيرة، برز بروزًا واضحًا اسم ميليشيا “حركة النجباء العراقية”، النسخة العراقية عن “حزب الله”، والتي تدين بالولاء لـ “مرشد الجمهورية” علي خامنئي و”الحرس الثوري الإيراني”، وتوصف بأنها على علاقة وطيدة -منذ تأسيسها- مع المؤسسات الرسمية الإيرانية، وتعدّ ميليشيا “النجباء” أن “حزب الله” اللبناني، وأمينه العام حسن نصر الله “النموذج الساطع للمقاومة”.

تُعرف الحركة التي تنتمي إلى الطائفة الشيعية، نفسها بأنها إحدى “فصائل المقاومة الإسلامية” في العراق، وتهدف للدفاع عن “المقدسات” في سورية والعراق، أسسها الإرهابي الطائفي أكرم الكعبي، عقب انشقاقه عن ميليشيا “عصائب أهل الحق”، المنشقة عن “جيش المهدي” التابع لمقتدى الصدر.

شغل الإرهابي الكعبي منصب نائب الأمين العام والمسؤول عن ميليشيا “عصائب أهل الحق”، ومع اندلاع الثورة السورية كُلف الكعبي بتشكيل فصيل مقاتل في سورية، يكون تحت ظل ميليشيا “العصائب”، فأسس ميليشيا “حركة النجباء لواء عمار بن ياسر” مطلع عام 2013، ثم ما لبث أن انشق عن ميليشيا “عصائب أهل الحق”، وتفرد بقيادة الميليشيا، وانتقل إلى سورية ليشرف ميدانيًا، ويوجّه العمليات بنفسه، بعيدًا عن رفيق دربه الإرهابي الطائفي الآخر قيس الخزعلي، حيث تتألف ميليشيا “النجباء” -الآن- من ثلاثة ألوية هي (لواء عمار بن ياسر، لواء الحمد، لواء الحسين المُجتبى)، كما يتبع للحركة جهاز دعائي طائفي، يتألف من قناة تلفزيونية (قناة النجباء)، وموقع إلكتروني يحمل الاسم نفسه.

تُعد ميليشيا “النجباء” من أوائل الميليشيات الطائفية التي انخرطت في القتال إلى جانب النظام السوري، بذريعة حماية “الأماكن المقدسة”، وبرز اسم الحركة بعد معركة القصير؛ لتشارك بعد ذلك في عدة معارك في ريف دمشق، وريف حلب، وعملية فك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء المواليتين للنظام، كما تدّعي الحركة أنه كان لها الدور البارز في عملية فتح طريق حماة – حلب الذي يُعرف بطريق أثريا- خناصر، وما تلاه من استكمال الطوق حول مدينة حلب، وأطباق الحصار على مناطق سيطرة المعارضة، وانتشرت عدة مقاطع فيديو يظهر فيها إرهابيون تابعون للحركة في سورية، كان من أبرزها مقطع يظهر عناصر من الحركة يقومون بسحل أحد عناصر المعارضة، وهم يرددون عبارات طائفية، من قبيل (هذا هو ابن أمية، هذا ابن عائشة)، في حين أعلن المتحدث باسم الميليشيا، المدعو هاشم الموسوي في السابع من أيلول/ سبتمبر الماضي، إرسال ألف مقاتل إلى حلب، وأعلنت الحركة في اليوم نفسه أن قائد ما يسمى “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري الإيراني” الجنرال قاسم سليماني، تفقد قطاعات عمليات مقاتليها في ريف حلب، وأنه حضر اجتماعًا لقادة الميليشيا في ريف حلب، وقدم لهم الإرشادات اللازمة.

العلاقة الوثيقة لهذه المليشيات، وعلى رأسها ميليشيا “حركة النجباء” بنظام “ولاية الفقيه” في طهران، وتنفيذها للمخططات الإيرانية تكرست بوضوح خلال معارك حلب، وأظهرت بما لا يدع مجالًا للشك مدى التغول الإيراني في سورية، وهو ما يقود إلى السؤال عن معنى أي كلام لمسؤولي النظام السوري عن السيادة الوطنية والقرار المستقل؟ فهل بقي حقيقة نظام سياسي في دمشق، أم أنه ذاب ذوبانًا كاملًا في المشروع الإيراني؟

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق