أثارت مجموعة صور لفقراء ينامون في مقبرة غربي طهران السخط في الأوساط الإيرانية الشعبية، إذ ترافق نشر الصور، مع تفاقم الاوضاع الاقتصادية، في البلد الذي يُنفق بسخاء على تمويل الميليشيات خارج حدوده، في الوقت الذي يُقلّص مروحة الدعم عن الشرائح المعوزة والفقيرة في الداخل.
يعاني الاقتصاد الإيراني من تراجع في المؤشرات العامة، فقد ارتفعت معدلات البطالة، من 10.6 في المئة عام 2014 إلى 12.7 في المئة خلال العام الحالي.
وكانت صحيفة “شهروند” المحلية، قد نشرت تقريرًا مصورًا، الثلاثاء الماضي، عن أشخاص ينامون داخل قبور محفورة مسبقًا في مقبرة شهريار (غربي طهران 30 كم)، ونقلت الصحيفة عن أحد المُشردين استياءه من الوضع غير الانساني الذي يعيشه “سكان القبور، وكأنهم غرباء وليسوا إيرانيين”.
وقد كتب المخرج أصغري فهردي في رسالة للرئيس الإيراني، تعليقًا على الصور، نشر نسخة منها على مواقع التواصل الاجتماعي: “قرأت تقريرًا عن حياة رجال ونساء وأطفال في قبور داخل مقبرة قرب طهران، فامتلأ كياني بالخزي والحزن، وأريد أن أشارك هذا الخزي مع كل الذين تقلّدوا مناصبَ خلال العقود الأخيرة”.
يرى كثير من الإيرانيين أن تردي الوضع الاقتصادي في البلاد سببه تخصيص أجزاء كبيرة من نفقات الحكومة لتمويل الحروب بالوكالة، من خلال دعم مليشيات طائفية بالمال والسلاح مثل “حركة أنصار الله” في اليمن (الحوثيين)، ومليشيا “الحشد الشعبي” في العراق، ومليشيا “حزب الله” في لبنان، وقدّرت أجهزة استخبارات غربية أن ما تنفقه طهران على المليشيات المُسلحة في سورية ولبنان والعراق واليمن يُراوح بين 20 – 30 مليار دولار سنويًا.
من جهته ردّ الرئيس الإيراني (الأربعاء) على رسالة المخرج فهردي في خطاب قال فيه: “سمعت عن مشردين ينامون تحت الجسور، أو في محطات مترو في بلاد أجنبية، لكنني لم أسمع عن أشخاص ينامون في قبور”، مؤكدًا أن “لا أحد يقبل أن يعيش أشخاص داخل قبور في بلد كإيران”.
يتحمل “الحرس الثوري الإيراني”، الذي يُعد ذراع النظام الإيراني للتدخل في الشرق الأوسط؛ الجزء الأكبر من تردي الوضع الاقتصادي في إيران، وهو ما يدفع ثمنه المواطن الإيراني البسيط، حيث يصف كثيرون “الحرس الثوري الإيراني” بالمافيا العملاقة، والمسؤول الأول عن تردي أحوال الناس، كونه يحتكر نشاط الاقتصاد الإيراني من خلال ما يسمى “مقر خاتم الأنبياء”، وهو أكبر شركة في البلاد، ويضم المقر 812 شركة تعمل داخل وخارج إيران، وتُوجَّه دخولُه إلى تمويل المشروعات التوسعية لنظام ولاية الفقيه في الشرق الأوسط.
تضاعف مؤشر الفقر في إيران 6 مرات خلال السنوات العشر الماضية، وفق مركز أبحاث الإحصاء الإيراني، ما يزيد من صعوبة الأوضاع المعيشية للأسر الفقيرة والمتوسطة، حيث تقدر الاحصاءات بأن 15 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر، أي ما يمثل نسبة20 في المئة من عدد السكان.