تتفاقم معاناة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في مدن الجزيرة السورية، في ظلّ عجز ما يُسمى “الإدارة الذاتية” عن إدارة الملف، رافقه انكفاء عشرات المنظمات الإنسانية العاملة في مناطق الجزيرة عن القيام بأي دور يُخفف معاناة هؤلاء الأطفال.
حول واقع هؤلاء الأطفال قال جيان محمد، أحد المُرشدين النفسيين، لــ (جيرون): إن “مدن الجزيرة السورية فيها كثير من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهم يُعانون من أوضاع حرجة في ظلّ فقدان أدوية العلاج، وانعدام العناية النفسية، حيث لا يستفاد من الخبرات النفسية الموجودة في مدن الجزيرة، لمعالجة الأطفال ودمجهم في المجتمع”.
تنشط في مدن الجزيرة السورية نحو 170 منظمة مدنية، لكن أدوارها تنحصر في حملات التوعية المختلفة، إذ يقتصر معظم نشاطها على المحاضرات، وهو ما دفع المواطنين للتذمر من أن جهد هذه المنظمات يذهب باتجاه بعيد عن حاجة المجتمع، فالأولى بها “أن تهتم بالولادات المُشوّهة وبذوي الاحتياجات الخاصة”. على حد تعبير مواطن من القامشلي.
ويضيف قائلًا: “طفلي (12 عامًا) مصاب بـمتلازمة داون، منذ ولادته، وحاولت كثيرًا إرساله إلى المدرسة، ولكن فشلت جميع محاولاتي لعدم قدرة المعلمين والمشرفين في المدرسة على التعامل مع مثل هذه الحالات، لذا؛ اضطررت إلى إبقائه في المنزل، على الرغم من معرفتي بخطورة هذا الأمر، ولكن ما باليد حيلة، فليس هناك من مراكز مختصة لإيواء هذه الحالات”، موضحًا أن: “المراكز المُختصة قليلة جدًا، ولا تُقدّم خدماتها تقديمًا كافيًا، لانعدام التمويل”.
فشلت ما يسمى “الإدارة الذاتية” في تقديم رعاية طبية للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويبلغ عددهم في مدن الجزيرة السورية، نحو 800 طفلًا، فالمركز الذي انشأته لرعاية الأطفال لم تُخصص له سوى مبالغ قليلة جدًا، تكفي لتقديم الدعم النفسي وحسب.
يُعاني أهالي الأطفال المرضى أيضًا من محيط اجتماعي لا يُشجّع كثيرًا اندماج الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة فيه، وقالت المعلمة أم علي، والدة طفل مصاب باضطراب نفسي: إنها تعاني كثيرًا “من كلمة (المجنون) التي تطلق على ولدي، وعلى الدوام أكون مرتبكة بشأن وضعه الصحي والنفسي”، إذ لا يكفي أن أجيد التعامل معه بمفردي، بل يستوجب الأمر: “أن تكون هناك بيئة اجتماعية تحترم الإعاقة، وتنظر إلى صاحبها على أنه مريض يُمكن أن يُشفى مستقبلًا”.