رحّبت دول عربية وغربية باتفاق وقف إطلاق النار في سورية الذي وقعته المعارضة السورية المسلحة والنظام، برعاية تركية روسية، في أنقرة، يوم الخميس الفائت.
أميركا التي تعيش أزمة دبلوماسية مع روسيا، وطردت في إثرها 35 دبلوماسيًّا روسيًّا من واشنطن وسان فرانسيسكو، وأمهلتهم ثلاثة أيام للمغادرة، رحّبت على لسان المتحدث باسم خارجيتها، مارك تونر، بالجهد التركي – الروسي المبذول؛ لإيقاف العنف وقتل الأبرياء في سورية.
وفي بيان خطي صادر عن الخارجية الأميركية، عدَّ تونر الاتفاقَ الذي جرى التوصل إليه “خطوةً إيجابيةً”، وعبّر عن أمله في أن يكون وقف إطلاق النار ذا نطاق واسع، وأن تنصاع الأطراف جميعها للقرار.
ولفت تونر إلى أن بلاده ليست طرفًا في المفاوضات التي أدَّت إلى الاتفاق، مُشيرًا إلى أن تفاصيل الاتفاق موجودة لدى تركيا وروسيا.
واستعاد تونر رؤيةَ رئيسِ بلاده، باراك أوباما، ووزير الخارجية الأميركية، جون كيري، المتمثلةَ في عدم وجود حل عسكري في سورية، وأضاف أن “المجتمع الدولي يأمل في تطبيق عملية وقف إطلاق النار، هكذا -فحسب- يمكن الوصول إلى إدارة تنعم بالسلام والوحدة والاستقرار”.
وعلى الرغم من الأنباء التي تناقلت عدم الرجوع إلى الجانب الإيراني في النقاط التي جرى التفاوض عليها بين البلدين الضامنين للاتفاق (روسيا وتركيا)، بشأن وقف إطلاق النار في سورية، وفق صحيفة “القبس” الكويتية، إلا أن الخارجية الإيرانية عدَّت الاتفاق “إنجازًا كبيرًا”.
ودعا وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، على صفحته في موقع تويتر، إلى استغلال هذه الفرصة لاقتلاع ما سمَّاه “جذور الإرهاب”.
وأفادت وكالة “إرنا” الإيرانية الرسمية أن ظريف ونظيره الروسي، سيرغي لافروف، أجريا مكالمة هاتفية. وقالت الوكالة إن الوزيرين رحبا بوقف إطلاق النار في جميع أنحاء سورية، وشدّدا على محاربة جبهة “فتح الشام” وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وحلفائهما، وأضافت أنهما (الوزيرين) اتفقا على “مواصلة التشاور والتنسيق في إطار الاتفاق الثلاثي بين تركيا وإيران وروسيا بهدف إجراء مفاوضات” في العاصمة الكازاخستانية أستانة.
إلى ذلك، عدَّ وزير الخارجية الكندي، ستيفان ديون، الاتفاقَ “غيرَ كافٍ”، مُشددًا على ضرورة اتخاذ خطوات تُوفر الانتقال السياسي والسلام في البلاد.
وفي تغريدة له عبر حساب الوزارة في “تويتر”، يوم الجمعة، وصف ديون الاتفاق بـ “وقف إطلاق نار محتمل”، داعيًا جميع الأطراف إلى الالتزام به؛ لتخفيف معاناة المدنيين في سورية.
من جهتها، رحبت الأمم المتحدة بالاتفاق، وعدَّت وقف إطلاق النار في سورية حجرَ الأساس لإطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.
في بيان صادر عن مكتب الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية الخميس، أكد المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي مستورا، أن تطبيق وقف إطلاق النار سيسهل إيصال المساعدات الإنسانية إلى عموم سورية، فضلًا عن إنقاذ أرواح المدنيين.
وأبدى دي مستورا أمله في أن يكون وقف إطلاق النار أرضيةً للمفاوضات المزمع عقدها في أستانة بين النظام والمعارضة.
عربيًّا، رحبت دولة قطر بالاتفاق، وأعربت عن أملها في أن يُفضي تطبيق الاتفاق إلى استئناف المفاوضات السياسية وتسريع التوصل إلى حل سياسي وفق بيان جنيف 1 وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وفي بيان للخارجية القطرية مساء يوم الخميس، قالت الوزارة إن تطبيق الاتفاق سيساهم في التخفيف من معاناة الشعب السوري، وأضافت أن الاتفاق يعدُّ خطوةً نحو تسريع وصول المساعدات الإنسانية، مشددةً على ضرورة التزام النظام في سورية بهذا الاتفاق.
وقال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن: إن نجاح الاتفاق مرهون بمدى التزام النظام السوري به، وأضاف أن بلاه كانت على تنسيق مستمر مع تركيا، مشيرًا إلى زيارة وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إلى قطر التي التقى فيها بمنسق الهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب.
وفي مقابلة مع قناة الجزيرة، أكد الوزير القطري استعداد بلاده للقيام بأي دور يفضي إلى إحلال السلام في سورية، وقال: إن بلاده ستستمر بتقديم الدعم للمعارضة السورية في مرحلة التفاوض.
بدورها، دعت الخارجية المصرية الأطراف في سورية إلى الالتزام بالاتفاق، مُرحبةً به وباستعداد الأطراف للبدء في مفاوضات السلام.
وفي بيان لها، عدَّت الخارجية المصرية الاتفاق تمهيدًا لاستئناف المحادثات السياسية مع استمرار مكافحة “الإرهاب والتطرف واستهداف الجماعات الإرهابية”.
وقالت في البيان إن الاتفاق يتسق مع موقف مصر “الثابت منذ بداية الأزمة في سورية” المُتمثل بأن الحل الوحيد في سورية هو الحل السياسي الذي يحقق طموحات الشعب السوري ويحقن دمائه، ويحفظ وحدة أراضيه وسيادته ومؤسساته الوطنية.
أيضًا، رحبت الحكومة الأردنية على لسان الناطق باسمها ووزير الإعلام، محمد المومني، بإعلان التوصل إلى اتفاق في سورية.
وأعرب المومني عن أمله في أن يسهم الاتفاق في تهيئة خطوات جادة وعملية تفضي لتحقيق حل سياسي في سورية، وفي أن يسهم ذلك في عودة الأمل للشعب السوري في تحقيق الأمن والاستقرار.
وجدّد المومني موقف بلاده المتمثل بالسعي نحو حل سياسي بوصفه الحل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في سورية ووقف كافة أشكال العنف والصراعات.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إن وقف الأعمال القتالية في سورية “مثَّل رُكنًا رئيسيًّا في الموقف العربي من الأزمة السورية”.
وفي بيان له، دعا أبو الغيظ إلى “مراقبة دولية لوقف إطلاق النار؛ لضمان تنفيذ الأطراف المختلفة لالتزاماتها، وللتأكد من أن هذا التطور المُهم سيصب في صالح عموم الشعب السوري، وليس في صالح طرف بعينه”.
وحذّر في البيان من استغلال وقف إطلاق النار؛ من أجل فرض واقع سكاني جديد على الأرض في سياسات تهجير السكان والتغيير الديموغرافي للمدن السورية؛ ما يُسفر عن انهيار الاتفاق، مثلما جرى خلال الاتفاقات الماضية.
وأعرب عن أمله في أن تصاحب الاتفاق إرادةٌ حقيقية تُمكِّن من الوصول إلى مرحلة الحل السياسي، وعدَّ استقرارَ وقف إطلاق النار رهنَ التزام الدول الضامنة له.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد قال: إن المعارضة السورية والنظام وقعا على ثلاث وثائق، تتضمن وقفًا لإطلاق النار والرقابة عليه، والاستعداد لمفاوضات حول السلام في البلاد. وأكد بوتين موافقة بلاده على الحد من انتشارها العسكري في سورية.
وخلال مؤتمر صحفي يوم الخميس، قال الناطق باسم الوفد المفاوض عن المعارضة السورية، أسامة أبو زيد، إن الاتفاق متمثل بخمسة بنود، وأوضح أن البند الأول والثاني تمثلا بضمان التزام المعارضة واشتراكها في التوصل إلى حل سياسي بعد شهر من وقف إطلاق النار، وأردف أن البند الثالث ينص على أن الطرفين المتفاوضين (النظام والمعارضة) سيعملان على التوصل إلى حل للقضية السورية، وفيما يخص البند الرابع قال أبو زيد: إنه يمثل رعاية عملية التفاوض من قبل الأطراف الضامنة للاتفاق المتمثلة بتركيا وروسيا، أما البند الخامس فتضمَّن كيفية دخول الاتفاق حيز التنفيذ، بدون أي تفاصيل أخرى عن آليات تطبيق الاتفاق.
ونشرت وزارة الدفاع الروسية قائمة بأسماء فصائل المعارضة الموقعة على الاتفاق، مشيرة إلى أن التشكيلات المعارضة التي وقعت على الاتفاق تضم أكثر من ستين ألف مقاتل.
وفي التفاصيل قالت الدفاع الروسية إن الفصائل المشاركة هي تنظيمات “فيلق الشام”، و”أحرار الشام” و”جيش الإسلام” و”ثوار الشام” و”جيش المجاهدين” و”جيش إدلب” و”الجبهة الشامية”.
تعليق واحد