جون كيري وهو يلقي خطابًا في الخارجية الأميركية حول السلام في الشرق الأوسط، 28 كانون الأول/ ديسمبر
ألقى جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، يوم الأربعاء 28 كانون الأول/ ديسمبر، في مقر وزارة الخارجية، خطابًا حول السلام الإسرائيلي الفلسطيني، وكان خطابه شبيهًا بخطاب الرئيس الكوبي الراحل فيدل كاسترو، الذي ألقاه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي يعدّ أطول خطاب في العالم. حيث تحدث كيري أكثر من ساعة عن المستوطنات، مقدمًا تأملات غامضة، ومنحازة، وبعيدة عن الواقع، ولا تخدم سوى مصالح إدارة أوباما منتهية الصلاحية.
وخلافًا لعنوان الحدث الذي أحدث ضجة كبيرة، كان خطاب كيري مملًا وطويلًا. ويمكننا أن نلخص الكلام الذي ألقاه بخطة غير واضحة تتألف من ست نقاط لا تنال سوى استحسان المنظرين السياسيين، ومصيرها الانضمام إلى خطط السلام الأخرى التي غطاها الغبار في الأرشيفات المنسية.
وكان معظم خطاب كيري دفاعًا عن موقف واشنطن، الذي سمح بصدور قرار مجلس الأمن الدولي، والذي طالب بوقف الاستيطان الإسرائيلي يوم الجمعة (23 كانون الأول/ ديسمبر 2016). وأوضح كيري أن سبب امتناع أميركا عن التصويت هو سياسة الاستيطان الإسرائيلية التي تدفن احتمالية “حل الدولتين”. وقال “يتوعد هذا بمزيد من العنف وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط”.
بعد ثماني سنوات من حكم باراك أوباما، ما زالت المذابح الجماعية وعمليات الإبادة مستمرة في سورية، واليمن، وليبيا، وبقية دول الشرق الأوسط. وأصبحت داعش تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي وخطوط التصدير إلى أوروبا وأميركا. وتواصل روسيا والصين بث الرعب في الدول المجاورة. وتهدد كوريا الشمالية -وقريبًا ستنضم إليها إيران- بشن ضربات نووية ضد جارتها الجنوبية وأميركا. وفي ضوء هذه الحوادث والتطورات الخطرة، يندفع الرئيس باراك أوباما في ختام رئاسته إلى إخماد حريق في المكان الوحيد الذي لا يحترق.
لقد نسي كيري في خطابه يوم الأربعاء، الحوادث المهمة التي وقعت خلال السنوات الثماني الماضية. لذلك دعونا نذكره بها.
في عام 2010، رفض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس التفاوض مع إسرائيل حتى بعد أن جمد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الاستيطان مدة 10 أشهر.
وفي عام 2014، اقترح كيري بنفسه على الجانبين “باراميترات السلام” -على الأرجح الخطة نفسها ذات النقاط الست التي أدلى بها في خطاب الأربعاء- والتي وافق عليها نتنياهو “مع تحفظات” بينما لم يدل عباس بأي جواب.
وخلال 12 سنة من قيادة عباس، التي بدأت كفترة حكم مدتها أربع سنوات، رفض عباس التفاوض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتخب بنيامين نتنياهو، لأنه، بحسب قوله، ليس رجل سلام، نظرًا إلى سياسة الاستيطان الإسرائيلية.
وبدلًا من صوغ مستقبل فلسطين مع إسرائيل، قام عباس بنقل دعايته إلى العالم.
ولهذا السبب كان اعتراض كيري الذي لا نهاية له -قرار واشنطن بالامتناع عن التصويت يتماشى مع مواقف الإدارات الأمريكية السابقة- مزعجًا جدًا. في الواقع، امتنع رونالد ريغان سابقًا عن التصويت على مشروع قرار ضد الاستيطان في مجلس الأمن. ولكن الولايات المتحدة عارضت إقامة دولة فلسطينية مستقلة في ذلك الوقت. وعارض ريغان عودة إسرائيل إلى خط الهدنة الذي كان قائمًا بين عامي 1949 و 1967.
لكن امتناع أميركا عن التصويت في مجلس الأمن يوم الجمعة مختلف جدًا هذه المرة، لأنه سيعزز قناعة الفلسطينيين بأن الأمم المتحدة، والمحادثات في واشنطن والمؤتمرات الدولية –مثل المؤتمر المقرر عقده في باريس 15 كانون الثاني/ يناير- سوف تجبر إسرائيل على الرضوخ، وتساعد على تحقيق الأهداف الفلسطينية. هل حان الوقت لنضع وراءنا المحاكمات الدولية، وحملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية؟
وعبر نتنياهو، في رد مختصر على خطاب كيري، عن قلقه من أن خطة كيري للسلام سيتم تبنيها في مؤتمر باريس الشهر المقبل، وستترجم بسرعة إلى قرار صادر عن مجلس الأمن.
وقد أظهر التصويت في مجلس الأمن يوم الجمعة، أن التحالف ضد إسرائيل هو القاسم المشترك بين جميع دبلوماسيي العالم. (بينما على العكس، وفي اليوم نفسه، رفض أقرب حلفاء أميركا في مجلس الأمن محاولة مندوب واشنطن الدائم لدي الأمم المتحدة السفيرة سامنثا باور لفرض حظر أسلحة في جنوب السودان).
وبينما العالم يحترق، وجد كيري وأوباما مخرجًا سهلًا عن طريق وضع النزاع الإسرائيلي الفلسطيني على رأس الأجندة العالمية. وفي محاولاتهم هذه، قللوا من إمكانية عقد الاتفاقات بين القادة الفلسطينيين والإسرائيليين في المستقبل، وأضروا بالعلاقات التي يجري تشكيلها وراء الكواليس بين إسرائيل والدول العربية السنية.
ولا يزال لدى كيري ثلاثة أسابيع لينهي عمله.
وقال ترامب على تويتر يوم الأربعاء ” إبقي قوية يا إسرائيل، العشرون من يناير يقترب سريعًا”، وذلك في إشارة إلى موعد توليه السلطة من الرئيس الديمقراطي.
دعونا نأمل أن لا تُرتكب المزيد من الأخطاء التي لا يمكن تصحيحها، قبل ذلك.
عنوان المادة الأصلي بالإنكليزية | Kerry’s one-sided, self-serving sermon for Mideast peace |
اسم الكاتب بالعربية والإنكليزية | Benny Avni بيني آفني |
مصدر المادة أو مكان نشرها الأصلي | New York Post |
تاريخ النشر | 28 كانون الأول\ ديسمبر 2016 |
رابط المادة | http://nypost.com/2016/12/28/kerrys-one-sided-self-serving-sermon-for-mid-east-peace/ |
اسم المترجم | مروان زكريا |