هموم ثقافية

لم يحدث قطّ

كان من المبهج أن أقرأ مقالًا للكاتب والصحافي، معن البياري (العربي الجديد- 12 ديسمبر)، يُطالب فيه بالإفراج عن الصحافي الأردني، تيسير النجار، بعد مرور عام على احتجازه في دولة الإمارات، من جرّاء “شكوى كيديّة” وفق المقال.

إذ لا شكَّ في أن تذكّر المُعتقلين، والمواظبة على التذكير بهم، والمطالبة بحرّيتهم؛ شرفٌ كبيرٌ لكلّ مبدع في حقل الكتابة، فضلًا عن كونه واجبًا إنسانيًّا ملقى على عاتق الكتّاب الطلقاء تجاه جميع المُعتقَلين والمُغيَّبين والسجناء، من كتَّاب وغير كتّاب.

بيد أنّني -على بهجتي بالمقال- تداعت إلى ذاكرتي جروح مفتوحة، من بينها انتفاء أيّ جهدٍ أو مسعى لاتحاد الكتَّاب العرب في سوريّة – منذ العام 1970 – للدفاع عن حقوق الكاتب والكتاب، على غرار ما تقوم به النقابات الحرّة في العالم.

فعلى مدار عقودٍ من وجود تلك المُنشأة، لم يحدث أن طالبت إدارتها بإطلاق سراح أيّ كاتب مُعتقَلٍ من المنتسبين إليها (فضلًا عن غير المُنتسبين) من كتَّاب سوريّة، أو سعت لرفع ظلم أو حيف أو تهديد أمني أحاق بكاتبٍ أو كتابٍ، أو تصدّت للدفاع عن حقّ الرأي والتعبير إزاء مصادرةٍ أو تضييقٍ على مثقَّف، مهما علت قامته الإبداعيّة، ومهما كان دوره بالغ الأهميّة في المشهد الثقافي السوري.

لم يحدث ذلك قطّ، ولو من قبيل التسرّع أو الانفعال أو الخطأ من الاتحاد، أو حتى من باب التمويه على تبعيّته وضآلته. بقيت تلك المُنشاة جزءًا من السلطة، تُبخّر للقائدين الفذّين: الأب وابنه، وتكون ظهيرًا لأجهزة مخابراتهما الفذّة –أيضًا- في مراقبة وتتبّع الكتّاب “المُغرضين” المعادين للطغيان الحاكم.

وبالطبع، ما كان لجمهوريّة الصمت والخوف أن تسمح لنقابةٍ -سواء كانت للعمّال أم الفلاّحين أم الحرفيين أم الكتّاب- بدور غير التبخير وكتابة التقارير، وهو ما يُفسّر حرمان السوريين من رابطةٍ للكتّاب السوريين مستقلّة عن الاتحاد، على غرار روابط عديدة في البلدان العربيّة، أو إسوة برابطةٍ قامت في بلدنا على أيدي: حسيب كيّالي وشوقي بغدادي وسعيد حورانيّة وحنّا مينه، (وبحضور يوسف إدريس ضيفًا) عام 1951 من القرن المنصرم!

مقالات ذات صلة

إغلاق