تعاني مناطق الشمال السوري من انفلات أمنى كبير، كان من أحد تجلياته بيع المواد المخدرة والأدوية المنتهية صلاحيتها في صيدليات محافظة إدلب وريفها؛ ما دفع بمديرية الصحة إلى تأسيس دائرة الرقابة والتفتيش في نيسان/ أبريل عام 2016، لضبط عمليات بيع الأدوية ووضع شروط لممارسة مهنة الصيدلة في المنطقة.
أكد مدير صحة إدلب الحرة، الدكتور منذر خليل، في حديث خاص لـ(جيرون)، أن دائرة الرقابة الدوائية في مديرية الصحة في إدلب هي الجهة الوحيدة في مناطق الشمال المحرر التي تتولى دورًا “رقابيًا” وعلميًا” في ضبط جودة الدواء المتداول في هذه المناطق، إذ تراقب الدائرة الأدوية العابرة للحدود عبر منفذ باب الهوى الحدودي، بالتعاون بين الدائرة وادارة المعبر من خلال مذكرة تفاهم، تتحقق من مطابقة شحنات الدواء للمواصفات الدستورية، وتحليل العينات ومنح رخص استيراد الأدوية والعقاقير الطبية.
وأوضح أن الدائرة تراقب الدواء في الصيدليات والمستودعات ومعامل الأدوية المنتشرة في المناطق الواقعة ضمن مسؤوليتها، والتحقق من مطابقة الأدوية المتداولة والمصنعة والمستوردة للمواصفات الدستورية، من خلال فريق متخصص ومؤهل لإجراء عمليات التحليل والمراقبة من خلال أجهزة المعايرة والتحليل.
لهذه الأسباب أغلقت المديرية “سبع صيدليات في مدينة إدلب، وصيدلية واحدة في أريحا، ووجهت إنذارًا إلى ما يقارب 21 صيدلية في مناطق بنش ومعرة مصرين وسراقب”.
لم ينف مدير صحة إدلب، تزايد حالات الإدمان في المنطقة؛ “نظرًا لتوفر بيع الأدوية المخدرة دون وصفات طبية؛ ما يهدد كثيرًا صحة أبناء المنطقة، ونظرًا لخطورة هذا الامر، “أنشأت مديرية الصحة بنكًا للأدوية المخدرة، يتبع الدائرة اللوجستية في المديرية في مدينة إدلب، وجرى توزيعها على المستشفيات، وضبط استخدامها، لرقابة الأدوية المخدرة وصرفها عبر مديرية صحة ادلب حصرًا”، مشيرًا إلى أنه “ستُنشأ خلال الأيام القليلة المقبلة شعبة خاصة للمخدرات”.
بين د. خليل أن من أهم شروط الصيدليات النظامية، هو “التسجيل في مديرية الصحة التي تعطي -بدورها- ترخيصًا للصيدلاني الحاصل على وثيقة نقابية من نقابة صيادلة إدلب، إضافة إلى توافر الشروط الفنية والجغرافية، وشروط تخزين الأدوية”، مشددًا على “ضرورة توفر خزانة خاصة لحفظ الأدوية المخدرة والنفسية”.
من جهتها، قالت الصيدلانية كريمة نجار، من مدينة بنش: إن عمل دائرة الرقابة الجديدة المسؤولة عن رقابة الصيدليات النظامية، لم تصل إلى المستوى المطلوب، ولازالت رقابتها ضعيفة، إذ يقتصر عملها على مناطق محددة، بينما لم تراقب الصيدليات في مناطق أخرى، ففي مدينة بنش توجد ثلاث صيدليات، مسجلة باسم صيدلاني واحد موجود في تركيا، فيما فتح أولاد إخوته تلك الصيدليات على اسم عمهم، على الرغم من أنهم لا يملكون شهادات صيدلة”
وأضافت لـ (جيرون)، أن هناك شاب من حماة فتح صيدلية في بنش، على الرغم من أنه لا يحمل شهادة صيدلة، ولم يحاسبه أحد، عادّة أن الفائدة من رقابة الصيدليات النظامية، تعود بالنفع الكبير إلى المدنيين، إذ إن احتمال الخطأ عند الصيدلي المؤهل ضئيلة، مرحبة برقابة أسعار الأدوية في الصيدليات التي ستمنع بعض الصيادلة من تحويل المهنة من مهنة إنسانية إلى تجارية.
وشددت النجار على أن “الأدوية المخدرة والمنومات تشكل خطرًا كبيرًا في المنطقة، فبعض الصيدليات توفرها للمشتري، دون أي وصفة طبية لتحقيق الربح، وخاصة أن المدمنين يدفعون مبالغ طائلة لتأمين الأدوية المخدرة”، ولم تخف “انتشار بيع أدوية الاجهاض، التي تزايد طلبها مع انتشار الفساد في المنطقة، إذ بات تأمين أدوية الاجهاض سهلًا، دون تقديم وصفة طبيبة نسائية”.
وأشارت إلى أن معظم الصيدليات تستجر الأدوية من مندوبين في الشمال السوري، يجولون بين الصيدليات في بنش بانتظام، إضافة إلى طلب الأدوية من معامل موجودة في الشمال، وفي بعض الأوقات يجري تبادل الأدوية بين المناطق المحررة ومناطق النظام”.