احتلت أخبار منع الرئيس ترامب دخول اللاجئين دوائر الأخبار اليومية، لكن تلك ليست سوى نصف خطة ترامب بشأن سورية. وصيغ النصف الآخر ليوفر للسوريين الفرصة؛ كيلا يضطروا إلى أن يكونوا لاجئين بالأساس.
فقد كانت فكرة إنشاء “مناطق آمنة” في سورية من أولويات أجندة ترامب التي ظهرت الأربعاء 8 شباط/ فبراير، حين تحدث ترامب عبر الهاتف مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان. أخبرتني مصادر تركية أن الاثنين لم يتفقا على تفاصيل الخطة، لكن مدير وكالة الاستخبارات المركزية، مايك بومبيو، سيزور تركيا (الخميس) ليحاول تحديدها.
وقد تعهد ترامب سابقًا، في تشرين الثاني/ نوفمبر، بإنشان “منطقة آمنة كبيرة جميلة” يمكن للاجئين السوريين، بحسب ما قال، “أن يحصلوا على ما يحتاجه الناس للعيش، وسوف يكونون أسعد”. وفي أسبوعه الأول في البيت الأبيض، وعد مجددًا بـ”إنشاء مناطق آمنة في سورية حتمًا”.
وهنا يأتي دور أردوغان. فقد أشار بإنشاء منطقة في سورية، يمكن للاجئين أن يشعروا بالأمان فيها، تحت حماية تركية، ووقف تدفق المهاجرين إلى الجارة تركيا، ومنها إلى القارة الأوروبية.
لكن الرئيس أوباما منع حدوث ذلك. إذ كان متحفظًا تجاه أي تورط جدي أميركي في الأزمة السورية، وقد تدهورت علاقته مع أردوغان في الوقت الذي طرحت فيه الفكرة.
وكان ذلك تغيرًا كبيرًا عن بدايات رئاسته، حين اعتاد أوباما على استشارة أردوغان أكثر من أي قائد آخر في المنطقة، وأشاد بتركيا لكونها الدليل على إمكانية ازدهار الديمقراطية تحت حكم إسلامي. وكان أردوغان يفاخر بسياسة تركيا الخارجية المتمثلة في “صفر مشاكل” مع جيرانها، ولكن حتى أوباما، استفاق في النهاية، على حقيقة أن تركيا -في الواقع- في حالة حرب مع كل من جيرانها، وأن أردوغان قد خنق الديمقراطية التركية منهجيًا.
وفي الوقت نفسه، كان أردوغان غاضبًا على أوباما لدعمه للـ “YPG”، الحزب الكردي الذي بات حليفنا الوحيد في الحرب السورية. (وتعدّه تركيا منظمة إرهابية).
ويفضل نمط القيادة التي يمثلها ترامب، الواقعية الإجرائية، عن الأخلاقيات التقليدية الأميركية. وبذلك، قد يتمتع بصبر أكبر مع سلطويين مثل أردوغان.
ويعمل أردوغان مع فلاديمير بوتين في الشأن السوري، لأنه –إلى جانب إيران- اللاعب الأقوى في الصراع. ولا يعارض بوتين -بالضرورة- إنشاء مناطق إنسانية آمنة.
ولم لا؟ فنصف سكان سورية مشردون، ويحمل جيرانها: الأردن، ولبنان، وتركيا، معظم العبء في التعامل مع اللاجئين، وقد أتعبهم ذلك. وتواجه أوروبا حركة رجعية شعبوية ضد قوانينهم في إعادة توطين اللاجئين. وكذلك الأمر -هنا- في أميركا، على الرغم من أن أوباما سمح بدخول عدد صغير من السوريين.
وعليه؛ وعلى الرغم من أن التحديات الواضحة تكمن في السيطرة على حرب أهلية دموية، قتلت نصف مليون من البشر حتى الآن، يبدو إبقاء السوريين في سورية أمرًا يستحق عناءه.
فمع نحو مليونين من السوريين في المخيمات داخل تركيا، سيُسَرّ أردوغان بنقلهم إلى منطقة تسيطر عليها تركيا، في الداخل السوري. بينما يمكن لترامب أن يجيب منتقدي منعه دخول المهاجرين، وسيقول: المناطق الآمنة سوف تعالج الأزمة الإنسانية، أفضل مما يفعله استقبال طالبي اللجوء.
لكن المشكلة سوف تكون في أن موسكو، التي تخاف دومًا من احتلال أميركي ومهمات أميركية عسكرية، لن تبارك أيًا من هذا قبل الاطلاع على التفاصيل.
آه، التفاصيل!
قال أنطونيو غوتيريس، السكرتير العام الجديد للأمم المتحدة، أخيرًا: “لدينا في التاريخ أمثلة مختلفة عن المناطق الآمنة، بعض تلك الأمثلة كان مأسويًا”. ولا تزال الأمم المتحدة تحت تأثير صدمة “سربرينيشا”، التي كانت من المفترض أنها منطقة “آمنة” في البوسنة، حيث ذُبح 8000 مسلم في أسبوع واحد من عام 1995، بينما يشاهد حراس الأمم المتحدة المذبحة عاجزين عن فعل شيء.
هل تكون حظوظ المناطق الآمنة أفضل، في سورية الدموية من الدرجة نفسها؟ هل يمكن لأي منطقة، أيًا كانت درجة حراستها، أن تكون آمنة أمنَا تامًا؟
وقد يتحول احتلال شريط من سورية إلى فعل باهظ التكلفة، ودموي كذلك. وإذ أشار ترامب إلى أن دول الخليج ستموّل المشروع. وسوف تأخذ تركيا على عاتقها، التي تحتل الآن بالفعل أجزاء من الشمال السوري، معظم العبء العسكري؛ لكن ما زال يتعين على أميركا أن تتخذ دورًا أكبر من الناحية العسكرية والديبلوماسية، وذلك ما عدّه أوباما عبئًا ثقيلًا، لذلك لم يفعله.
إن نُفذت تنفيذًا جيدًا، قد تخفف المناطق الآمنة واحدًا من أكبر التحديات التي تسببها الحرب السورية للغرب. نعم، صحيح أنها عملية معقدة، لكنها ليست مستحيلة.
والسؤال هو: هل يمكن لترامب (أو بومبيو، وجيمس ماتيز وزير الدفاع، وبقية الفريق) أن يجدوا التفاصيل الملائمة؟
لأنه، وبغض النظر عما إذا كانت جيدة أم سيئة، سوف تحتاج أي فكرة إلى تخطيط جيد وتنفيذ جيد حتى تنجح. ولكي يحدث ذلك، لا بد للبداية الفوضوية من رئاسة ترامب أن تفسح الطريق إلى الكفاية والنظام، ويجب أن يحدث ذلك في وقت عاجل.
عنوان المادة الأصلي بالإنكليزية | Trump’s bid to keep Syrian refugees safe — at home |
اسم الكاتب بالعربية والإنكليزية | BENNY AVNI بيني آفني |
مصدر المادة أو مكان نشرها الأصلي | New York Post |
تاريخ النشر | 8 شباط/ فبراير 2017 |
رابط المادة | http://nypost.com/2017/02/08/trumps-bid-to-keep-syrian-refugees-safe-at-home/ |
اسم المترجم | مروان زكريا |