ترجمات

واشنطن بوست: “الرجل الذي أعلن “نهاية التاريخ” يخاف على مستقبل الديمقراطية”

تنبأ الفيلسوف السياسي الأميركي الشهير، فرانسيس فوكوياما، بـ “نهاية التاريخ” -معتقدًا بعد سقوط الشيوعية، أن الديمقراطية الليبرالية، ذات السوق الحرة، قد فازت في نهاية المعركة، وأنَّها ستصبح “الشكل النهائي للحكومة الإنسانية” في العالم. يتساءل فوكوياما -الآن- عن مستقبل الديمقراطية المأزومة في الغرب.

“قبل خمس وعشرين عامًا، لم يكن لديَّ احساسٌ أو نظريةٌ حول كيف أنّ الديمقراطيات يمكن أنْ تعود الى الوراء/ تتراجع”، هذا ما قاله فوكوياما في مقابلةٍ عبر الهاتف، وأضاف: “أعتقد من الواضح أنَّها يمكن أن تتراجع.”

أطرّتْ حجةُ فوكوياما الأولى ( وقد أفرطتُ في تبسيطها إلى حدٍ كبير) روح العصر الدولي على مدى العقدين الماضيين، حيث كانت العولمة الوسيلة التي ستنتشر الليبرالية بواسطتها في جميع أنحاء العالم، وستحل سيادة القانون والمؤسسات محل سياسات القوة والانقسامات القبلية، ويبدو أنَّ الهيئات ما فوق القومية/الوطنية، مثل الاتحاد الأوروبي، تُجسّد تلك المُثل.

ولكن إذا كان الخراب الناتج عن الكساد الكبير، والنفوذ المتزايد للدول الاستبدادية، مثل الصين وروسيا، لم يهزم المقولة بالفعل، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وانتخاب الرئيس ترامب، العام الماضي، قد هزمها بالتأكيد.

وأعلنت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي، مارين لوبان عن ترشحها في هذا الأسبوع، للرئاسة، وشنّت هجومًا لاذعًا على الوضع الليبرالي الراهن، قائلة بصوتٍ مرتعد: “اختار قادتنا العولمة، التي أرادوها أنْ تكون شيئًا سعيدًا، لكن اتضح أنَّها شيء فظيع.”

 

مارين لوبان تطلق حملتها الانتخابية للرئاسة في ليون، فرنسا، في 5شباط /فبراير (أرنولد جيروكي /وكالة حماية البيئة الأميركية)

يدرك فوكوياما هذه الأزمة، حيث يقول: ” تنتج العولمة حقًا تلك التوترات داخل الديمقراطيات، لأن تلك المؤسسات تحتاج إلى إصلاح لبعض المشكلات،” وجنبًا إلى جنب مع الشكاوى حول الهجرة والتعددية الثقافية، خلقت العولمة مساحةً لـ “الشعبوية الغوغائية” التي أتت بـ ترامب إلى البيت الأبيض، وذاك ما يقلق فوكوياما بعمقٍ.

وقال عن الرئيس الجديد: “لم أجد صراحةً أيّ شخصٍ أقل ملاءمة ليكون رئيسًا من ترامب. مزاجيٌّ جدًا، وغير آمنٍ بحيث أنه يتعامل مع أيّ نوعٍ من النقد أو الهجوم تعاملًا شخصيًا، ثم ينتقم بعد ذلك.”

فوكوياما، مثلُ كثيرٍ من المراقبين الآخرين، يخشى من “تآكلٍ بطيءٍ للمؤسسات”، وضعف المعايير الديمقراطية في ظلّ رئيسٍ يبدو على استعدادٍ للتشكيك في شرعية أيّ شيءٍ يمكن أن يقف في طريقه -سواء أكان القضاء، أم خصومه السياسيون أم وسائل الإعلام الرئيسة.

يعتقد فوكوياما أنَّ الاتحاد الأوروبي “يتفكك بالتأكيد”؛ بسبب سلسلةٍ من الأخطاء المتداخلة، إذ كان إنشاء منطقة اليورو “كارثةً”، وعدم القدرة المستمرة على وضع سياسةٍ جماعية حول الهجرة، عمّقت السخط، وعلاوةً على ذلك، “لم يكن هناك -أبدًا- أي استثمار فعلي في بناء شعورٍ مشترك بالهوية الأوروبية.” على حد تعبير فوكوياما.

ويدعو فوكوياما الغرب الذي يترنح في فترة من عدم اليقين العميق، إلى الصبر، وليس الذعر.

وأضاف: “إننا لا نعرف كم ستستمر حتى تنتهي”، قد ينحسر مدُّ تيار القومية اليميني، إذا كانت نتائج الانتخابات الرئيسة -هذا العام- مخالفةً لـ لو بانات العالم (إشارة إلى مارين لو بان الفرنسية وأمثالها)، ويتساءل فوكوياما عما إذا كان ترامب سيواجه في نهاية المطاف ردُّ فعلٍ عنيف من داخل حزبه، وخاصة إذا تزلَّف إلى مستبدٍ مثل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

وقال: “إنَّ الانتخابات النمساوية مثيرةً للاهتمام في الواقع”، مشيرًا إلى الانتخابات الرئاسية التي خسر فيها المرشح اليميني المتطرف بفارقٍ ضئيل العام الماضي، وتابع قائلًا: “كان كما لو أنَّ الناس في أوروبا تقول، “حسنًا، نحن لا نريد أن نكون مثل هؤلاء الأميركيين الجلفين وننتخب أبلهًا مثل دونالد ترامب.”

لا داعٍ لأن تُقرأ الاضطرابات في لحظة ما على أنها نقض لطروحاته الأصلية. كان “نهاية التاريخ” دائمًا متعلقًا بالأفكار أكثر من الأحداث، ولهذا السبب، لم يكن نقاد فوكوياما الأكثر عنفًا على مدى السنوات، من القوميين اليمينين، ولكن من المفكرين اليساريين الذين يرفضون عقيدة الأسواق الحرة، كما أنَّ فوكوياما نفسه دائمًا يترك الباب مفتوحًا للشك ووقوع الأزمات في المستقبل.

“ولعل هذا الاحتمال المستقبلي ذاته، لقرونٍ من الضجر على نهاية التاريخ” الذي كتبه منذ أكثر من عقدين سابقين، “سيعمل على أن يُطلق التاريخَ مرةً أخرى.”

 

 

اسم المقال الأصليThe man who declared the ‘end of history’ fears for democracy’s future
الكاتبإسهان ثأرور، Ishaan Tharoor
مكان النشر وتاريخهواشنطن بوست، The Washington Post، 9/2
رابط المقالةhttps://www.washingtonpost.com/news/worldviews/wp/2017/02/09/the-man-who-declared-the-end-of-history-fears-for-democracys-future/?utm_term=.74885fc8f026
ترجمةأحمد عيشة

 

مقالات ذات صلة

إغلاق