ترجمات

إعلان “الإخوان المسلمون” جماعةً إرهابية يؤذي مسلمي أميركا

يفكر الرئيس ترامب في إصدار أمر تنفيذي حول جماعة الإخوان المسلمون. (جوشوا روبرتس / رويترز)

يبدو أن الرئيس ترامب على استعدادٍ لتكثيف عداءه للمسلمين، إذ تشير التقارير إلى أنَّ البيت الأبيض يفكر في أمر تنفيذي يوجه وزارة الخارجية لتقيَّم ما إذا كانت جماعة الإخوان المسلمون ينبغي أن تُصنَّف ـمنظمةً إرهابية أجنبية أم لا، وقد دعم بعض الجمهوريين، بما فيهم منافسُ ترامب السابق، السناتور تيد كروز(تكساس)، هذا الاقتراح منذ مدةٍ طويلة، القرار الذي سيكون له انعكاساتٍ تتجاوز كثيرًا الشرق الأوسط، حيث أماكن عمل الجماعة بشكلٍ رئيس.

ومن المرجح أن تكون النتيجة، التخويف والمضايقة، وتشويه سمعة كلٍ من الجماعات الإسلامية والعربية هنا في الولايات المتحدة.

تأسست “جماعة الإخوان المسلمون” في مصر عام 1928، وسعت إلى غرس القيم الإسلامية في الحياة اليومية، وتطورت لاحقًا إلى منظمةٍ اجتماعية وسياسية شعبية، ثم أصبحت حزب المعارضة الرئيس في مصر، كما أنها ألهمت -منذ ذلك الوقت- حركاتٍ مماثلة في بلدانٍ مثل: إندونيسيا وتركيا والأردن والمغرب.

تنصلّت جماعة الاخوان من العنف منذ مدة طويلة، وقد أكد باحثون أنَّها عززت الدمقرطة (التحول نحو الديمقراطية)، والاعتدال في الشرق الأوسط؛ ما أدى بإدارتين أميركيتين سابقتين إلى الوصول إلى خلاصة أنَّ الجماعة غير منخرطةٍ في الإرهاب، كما أكد تقرير للحكومة البريطانية صدرَ أخيرًا.

وعلى الرغم من هذه الأدلّة الدامغة، فقد زعم بعضهم أنَّ جماعة الإخوان المسلمون تشن جهادًا حضاريًّا، وتنوي أن تدمّر الغرب، بدعمٍ من المنظمات المدنية والسياسية في الولايات المتحدة. هذه نظرياتُ مؤامرةٍ لا أساسِ لها، على الرغم من أنه لم يكن للإخوان وجودٌ معروف في الولايات المتحدة، ولا يعرف معظمُ الأميركيون المسلمون إلا القليل جدًا عنهم، ولم تُظهر أيّ منظمةٍ نشطة في الولايات المتحدة علاقة بهم.

ولكن إذا صُنفت الجماعة منظمةً إرهابية، فإن آلية شبكة الـ 57 مليون دولار لتنمية الرهاب من الإسلام (وهي شبكة مالية موزعة في جميع أنحاء العالم، ومركزها الولايات المتحدة، مهمتها تخويف الناس من الإسلام)، المدعومة من ممّولين كبار، ومؤسساتٍ منظمة تنظيمًا جيدًا، وعلماء تافهين، سوف تكون جاهزة لقيادة جهد يرمي إلى ربط الإخوان المسلمين مع الجماعات هنا، إذ تُشيطن هذه الصناعة الإسلام من خلال أخبارٍ وهمية، وتقارير مصطنعة وخطاب كراهية، وتروّج الخوف، وتنشر الأكاذيب حول قانون الشريعة، وتشجّع النواب في جميع أنحاء البلاد؛ لتجريم المجتمعات العربية والإسلامية من خلال الحظر والسجلات، وقوائم المراقبة، وما شابه ذلك، وقد ساعدوا في تقديم أكثر من مئة قانونٍ معادٍ للشريعة في المجالس التشريعية للولايات، وشجعوا ودربوا على إنفاذ القانون الذي يعدّ الإسلام دين عنفٍ.

هذه المجموعات المعادية للمسلمين تعمل الآن، وبتصميمٍ أكبر، على أسلوبهم المفضل في التشويه؛ إنَّهم سيعلنون أنَّ جماعة الإخوان المسلمون ستسيطر على البلاد، ويتهمون المسلمين البارزين ومنظماتهم وحلفائهم بأنهم متآمرين، كما أظهرت “حملة الخوف الأحمر” في الخمسينيات  Red Scare(في إشارة إلى الحملة المكارثية ضد الشيوعيين واليساريين في أثناء الحرب الباردة، وتعدّ الحملة الثانية في التخويف، بعد حملة العشرينيات من ثورة عمالية ويسارية في البلاد) الشبح الوهمي للشيوعية العالمية في كلّ مكان، اتهامات تكفي لتدمير سمعتهم، وتثبط نشاطهم القانوني، بما في ذلك حرية العبادة، وتكوين الجمعيات، والتعبير، والعمل الخيري.

جادل كروز وحلفاؤه، من أمثال فرانك جافني، الذين نصحوه خلال حملة العام الماضي، ونصحوا فريق ترامب الانتقالي، مرارًا وتكرارًا، في أنَّ ثلاثةً من أكبر المنظمات الإسلامية في البلاد، وهي الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية، ومجلس العلاقات الإسلامية- الأميركية، والمؤسسة الائتمانية الإسلامية في أميركا الشمالية، شركاتٌ تابعة لجماعة الإخوان المسلمين. لا دليل يدعم هذا الرأي، وبصرف النظر عن مذكرةٍ واحدة أُعدت عام 1991 من رجل تابعٍ لجماعة الإخوان المسلمين، ناقشت مسيرة “تخطيط” المنظمات الأميركية الإسلامية، “وفقًا لخطة واحدة.” هذه المذكرة، موجودة منها نسخةٌ واحدة فقط معروفة، قد فقدت صدقيتها فقدًا كبيرًا، ونُعتت بـ ضرب من الخيال، وعلاوةً على ذلك، في السنوات التي تلت، جرى التحرّي عن هذه المجموعات، والتدقيق في عددٍ لا يحصى من الجماعات الأخرى، والآن لها دورٌ مشهور في الحياة الأميركية.

الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية، على سبيل المثال، وهي منظمةٌ دينية جامعة/مظلة، على غرار المجلس الوطني للكنائس، أو اتحاد الجاليات اليهودية في أميركا الشمالية، تحدثت في مؤتمرها السنوي في العام الماضي، وعرّفت أنَّهم يعزّزون الوعي الإسلامي، وينخرطون في العمل بين الأديان، ويطوّرون برامج الشباب، ويديرون هيئات خدمات الزواج.

أما مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية، فمجموعةٌ دعوية تناضل من أجل الحقوق المدنية لجميع الأميركيين، ومنهم المسلمون الأمريكيون؛ تناقشت معهم، وحضرت اجتماعات في مؤتمرهم، جنبًا إلى جنب مع إطارهم (كادرهم)، كما أنَّ سبعة عشر من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، و85 من مجلس النواب، قد أشادوا بالمنظمة في السنوات الأخيرة.

سعت الجماعات المعادية للإسلام إلى تشويه الشخصيات البارزة، باتهامها بتقديم الدعم للإخوان، ومساعدة هيلاري كلينتون، وهما عابدين، ورئيس مجموعة أميركيين من أجل الإصلاح الضريبي، جروفر نوركويست، والنائبان: كيث إليسون (ديمقراطي، مينيسوتا) وأندريه كارسون (ديمقراطي، إنديانا)، ومدير وكالة المخابرات المركزية السابق، جون برينان؛ وحتى الرئيس السابق باراك أوباما، كانوا كلهم متهمين بدعم غول الإخوان الأسطوري.

قد ينضم البيت الأبيض إلى الجوقة كذلك؛ إذ إنَّ إدارة ترامب شوَّهت مرارًا سمعة الإسلام والمسلمين، ووصمتهم بالعار، كما حذَّر كبير استراتيجي ترامب، ستيفن بانون، من “جمهوريةٍ إسلامية في الولايات المتحدة”، وأعلن أنَّ “الإسلام ليس دين سلام.”، والسيناتور جريف سيشنز (جمهوري، ألاسكا)، ومرشحُ ترامب لمنصب النائب العام، طالبَ -في وقتٍ سابق- بفرض حظرٍ على جميع المسلمين، كما وصف مستشار الأمن القومي، مايكل فلين، الإسلام بأنه “سرطان عنيف.”

الاتهام العلني للمجتمع المدني الإسلامي والعربي بدعم الإخوان، يمكن أن يكون هو الخطوة المقبلة.

في حال تصنيف الإخوان منظمةً إرهابية أجنبية، يمكن للحكومة توجيه تهمٍ جنائية ضد المسلمين والعرب ومؤسساتهم، من خلال التذرع بدعم مادي واسع وخطِر لقوانين الإرهاب، ويمكن محاكمتهم (العرب والمسلمين) جنائيًا لتقديم الدعم والخدمات والموارد ومشورة الخبراء، أو المساعدة، إلى جماعة الإخوان من دون أيّ نية لدعم النشاط الإرهابي. هذه القوانين يمكن أن تُستغل بسهولة، ويمكن التلاعب بها لتحقيق مكاسب سياسية، وحتى العلاقة البعيدة جدًا مع جماعة الإخوان يمكن أن تُستحضر ويُستشهد بها في محكمةٍ قانونية.

على سبيل المثال، أولئك الذين يقدمون المساعدات الإنسانية، أو يعلّمون مهارات مفاوضات السلام التي تهدف إلى ردع العنف، يمكن اتهامهم بالدعم المادي.

في عام 2010، وجدت المحكمة العليا أنَّ مشروع القانون الإنساني لا يمكن أن يساعد المنظمات الإرهابية الأجنبية في تعلم الحل السلمي للنزاعات، لأنَّ هذا من شأنه أن يشرّعن المنظمات، ويوّفر موارد أخرى للنشاط الإرهابي. مجرد الدعاية لتنفيذ أو ادعاءٍ عام فاشل يمكن أن يكون كافيًا؛ ليغلق أبواب مجموعة، أو مؤسسة، جماعة إسلامية على مصراعيها.

لقد عبَّر الباحثون والصحافيون والمحللون الذين درسوا جماعة الإخوان عن مخاوفَ مماثلة، إذ إن كثيرًا من الذين كانت لهم علاقة، أو قدموا استشاراتٍ للمنظمة خلال سنواتٍ، يخشون الآن من أنه يمكن أن تُوجَه إليهم تهمة الدعم المادي للإرهاب، على الرغم من أنهم لا يدعمون العنف أبدًا.

حالما تُتَهم، سيحظر على الأفراد والجماعات الدفاع عن منظمةٍ إرهابية أجنبية مصنفة في محاكمتهم الجنائية، وسيكون للإخوان -وحدهم- مكانةً شرعية وقانونية للطعن في الأساس المقام عليه التصنيف، ومن غيّر المرجّح أن يفعلوا ذلك.

ليس للإخوان وجودٌ معروف في الولايات المتحدة، ووفقًا للقانون؛ يجب أن تدافع عن التصنيف في محكمة استئناف الولايات المتحدة لدائرة مقاطعة كولومبيا. حتى الآن، لم تنجح أيّ منظمةٍ في الطعن في تصنيفهم منظمةً إرهابية أجنبية في دائرة العاصمة.

يُمكن -أيضا- أنْ تُجمَّد وزارة الخزانة أصول المنظمات، وهو إعلان وفاة أو ناقوس الموت في عالم يُقاد اليوم بميوعة، فقد قال مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة: إنَّه يحتاج -فحسب- إلى دليل اشتباهٍ معقول بأنَّ المنظمة توّفر “الدعم المالي والمادي، أو الدعم التكنولوجي، أو خدمات مالية”، أو هي “مرتبطة بطريقة أخرى” مع إرهابي عالمي مُحدّد تحديدًا خاصًا؛ لتصنيفها كيانًا إرهابيًّا وحجز أصولها.

لقد وجدت محكمة اتحادية -في وقتٍ سابق- أنَّه لا يمكن للحكومة أنْ تُجمّد أصول جمعيةٍ خيرية في الولايات المتحدة، من دون الحصول -أولًا- على أمرٍ قضائي يستند إلى سببٍ مرجح، ويلبي متطلبات عملية التقاضي السليمة الأساسية الأخرى، ولكن هنا أيضًا، فإنَّ اقتراح علاقةٍ مع الإرهاب فحسب، قد يكون كافيًا لإغلاق منظمة في الولايات المتحدة، وخاصةً المنظمات التي تعتمد على التبرعات الخيرية.

إن توقيت هذا الأمر المقترح ليس صدفة، فكما رأينا في الأسابيع الأخيرة، فإن المجتمع المدني الإسلامي والعربي هو الآن أكثر تنظيمًا وتأثيرًا من أي وقت مضى؛ إذ حشدت مجموعات التجمعات، وقدَّمت خدماتٍ قانونية مباشرة، وأمَّنت خطوطًا ساخنة لأولئك المتأثرين بقرار حظر السفر، كما وافقت المساجد على أن تكون بمنزلة ملاجئٍ للمهاجرين، وشارك أصحاب المحلات وسائقو سيارات الأجرة في نيويورك، وكثير منهم مسلمون، في التضامن والاحتجاج.

هذا هو المجتمع المدني النابض بالحياة الذي يرغب -باستماتةٍ- فريق ترامب وصناع الإسلاموفوبيا أن يسحقوه. ينبغي أن نتحدى أمرًا تنفيذيًا يقضي باستبعاد الإخوان المسلمين، بعدّه -محاولةً لإسكات المعارضة، وترويع الجماعات العربية والإسلامية.

 

اسم المقالة الأصليCalling the Muslim Brotherhood, a terrorist group would hurt all American Muslims
الكاتب*أرجون سينغ سيثي، Arjun Singh Sethi
مكان وتاريخ النشرواشنطن بوست، The Washington Post، 08/02/2017
رابط المقالةhttps://www.washingtonpost.com/posteverything/wp/2017/02/08/calling-the-muslim-brotherhood-a-terrorist-group-would-hurt-all-american-muslims/?utm_term=.419d6fd77586
ترجمةأحمد عيشة

* أرجون سينغ سيثي: محام في مجال الحقوق المدنية، وكاتب ومعلم ومستشار مقره في واشنطن العاصمة، وهو أستاذ مساعد في القانون في جامعة جورج تاون، وكلية الحقوق في جامعة فاندربيلت، حيث يدرس مناهج في حفظ الأمن والمراقبة ومكافحة الإرهاب.

مقالات ذات صلة

إغلاق