تحقيقات وتقارير سياسية

إلى البعثيين.. هاتوا قيودكم العائلية

دفع الشعب السوري، بطريقة أو بأخرى، ثمنًا باهظًا لظلم وجور هذا النظام الذي أوصل البلاد إلى هذه الدوامة من القتل والدمار، لدرجة أن قرى ومناطق تابعة له، قضى جميع شبابها في الدفاع عن بقاء بشار الأسد على كرسي الحكم، وهناك بعض الأسر قدّمت أكثر ضحية لبقاء نظام لم يكترث يومًا لمأساة من بقي حيًا.

يطلّ على البعثيين -أخيرًا- أمين فرع حزبهم في حلب، فاضل نجار، ليقول لهم: “اليوم اتخذ القرار بمحاسبة كل من هرّب ابنه إلى خارج الوطن، كي لا يدافع عنه، فالوطن بحاجة إلى أبنائه”.

وبحسب ما ورد في صفحة “حلب اليوم وكل يوم” التابعة للنظام، فإن نجار العائد من اجتماع أمناء الفروع الحزبية في العاصمة دمشق، مع هلال هلال، الأمين القطري المساعد لحزب البعث، “لترجمة القرار المتعلق بمحاسبة كل مسؤول هرب أبنائه من خدمة العلم الإلزامية”، طالب “جميع المسؤولين بتقديم بيان عائلة، إضافة إلى بيان وضع للأبناء، لمعرفة ما إذا كان أحدهم متخلفًا عن الخدمة أم لا”.

وعدّ أن “المرحلة الحالية هي مرحلة الالتزام والانضباط، فالحزب لم يعد بحاجة لكثير من الأشخاص غير الفاعلين”.

أشار نجار “إلى اكتفاء القيادة من الأرقام الوهمية، وأن القرار يشمل الجميع، وقد بدئ بتنفيذ هذه الخطوة على أمناء الفروع، وستنتقل لتشمل كل مسؤول في موقع قيادي”.

وكانت صفحات إخبارية تابعة للنظام قد نقلت في 22 كانون الثاني/ يناير الماضي، عن هلال هلال قوله: “هناك من يجلس في المؤتمرات، ويقوم بالتنظير على الآخرين، وابنه خارج القطر هاربًا من الخدمة العسكرية، مشددًا على أن كل مسؤول أولاده خارج الوطن، هربًا من الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية، يجب أن يُفصل فورًا ويُعفى من مهامه”.

جاء كلام هلال هذا في ما يسمى “مؤتمر لأعضاء حزب البعث في شعبة الخطوط الأمامية في القنيطرة”، وأضاف فيه: “حزب البعث لم يعد يُجبر أحدًا على الانتساب لصفوفه، لأن تلك الخطوة كانت إحدى الطرق القاتلة، فقد دخل عدد من أعداء الوطن إلى صفوفه”.

وبناء على هذا؛ عد هلال “أن العدد لم يعد يعني حزب البعث، لأن عشرة فاعلين أفضل من مئة بالاسم فقط”، وأضاف أن “عدد البعثيين قبل الأزمة كان ثلاثة ملايين، وعندما طُلب من إحدى المحافظات عدد منهم لم نجدهم”.

يعطي أمين فرع الحزب في حلب، درسًا لبقية أمناء شعب الحزب، عن الالتزام بالوطن، قافزًا فوق حقائق الجريمة التي ارتكبها نظامه بحق هذه المدينة العريقة، ليشيح وجه نجار عن الميليشيات العراقية والأفغانية التي تحتل المدينة.

تنشغل صفحات التواصل الاجتماعي في الساحل السوري، هذه الأيام، بنقل مأساة عائلة من آل “خريبوق”، قُتل خمسة من أبنائها السبعة، وذلك لانخراطهم في الدفاع عن النظام خلال السنوات الماضية، لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، فقد قام النظام مؤخرًا بالقبض على ابنها السادس، وسوقه للاحتياط، ولم يبق للأب، وعمره 70 عامًا، سوى شاب يافع يُعيله، وقد تناقلت الصفحات مناشدة الأب العجوز والناس للنظام، لإعفاء ابنه السادس من الخدمة، لكن النظام لم يكترث للمناشدة، ولم تتلق هذه العائلة الفقيرة من محافظة اللاذقية حتى المعونة البسيطة بعد مقتل أبنائها الخمسة.

توجد مئات وآلاف القصص المشابهة لهذه الحالة، ومنها العجوز من ريف حماة، واسمها “سورية حبيب علي”؛ إذ بقيت وحيدة تصارع المرض والعوز، دون أن يكترث لها أحد، بعد أن فقدت أولادها الخمسة وحفيدها، قضوا في الدفاع عن نظام الأسد.

شكّل حزب البعث منذ بداية الثورة عدة دروع؛ حماية للنظام، داخل المدن والأحياء، ككتائب البعث، وغيرها من ميليشيات التشبيح.

لم يكتف النظام -بعدُ- من دماء السوريين المعارضين، فها هو -أيضًا- يلتهم لحوم ودماء أبنائه أو أتباعه، لكن هل يمكن أن يتعظ من بقي في صفوف هذا الحزب مما جرى ويجري، ومتى يدركون أنهم واجهة أو أداة فحسب، لمافيا ليس لها علاقة بوطن أو بفكر.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق