تحقيقات وتقارير سياسية

عماد برق: وزارة التربية تضبط آليات عملها بعيدًا عن الداعمين

قال وزير التربية والتعليم في الحكومة السورية الموقّتة، عماد برق، في حديث خاص لـ (جيرون): “إن منظمات المجتمع المدني التي تدعم العملية التعليمية في المناطق السورية المحررة، تدخّلت خلال الفترة السابقة في بعض جوانب العملية، ولكنها لم تقترب من الأمور السيادية مثل (السياسة التعليمية، المناهج والامتحانات)، إنما تدخلت في بعض الأمور الفنية والإدارية، كتعيين المعلمين والإداريين في بعض المدارس، وتم ضبط هذه التصرفات، حيث تفرّدت مديريات التربية، وبتوجيه من الوزارة بتنظيم العملية التعليمية، بينما اقتصر دور المنظمات على التمويل والدعم المادي، والمشاركة في المراقبة والتقييم لمُخرجات الدعم المقدم”.

ووفق ما قاله برق؛ فإن الوزارة “تعمل على وضع صوغٍ تشاركي، وناظم لآلية العمل بين المنظمات الداعمة وأجهزة التربية” ملوّحًا بأن “المنظمة التي لا تلتزم بقواعد العمل يحظر التعامل معها”، مؤكدًا وصول الوزارة إلى “مرحلة متقدمة من التنسيق الرسمي مع المنظمات، باستثناء عدد قليل منها”، وهي المنظمات “التي ما زالت تتدخّل في أمور تعيين المدرسين والإطار (الكادر) الإداري، ولا تلتزم بتوقيع مذكرات التفاهم”، لافتًا إلى أن الوزارة ستبذل ما بوسعها لإلزام هذه المنظمات بالقانون الجديد.

أما المناهج التعليمية المعتمدة في المدارس التي تشرف عليها الوزارة، فإن برقًا أوضح “أنه لم تُغيّر المناهج السورية في مضمونها العلمي، وإنما نُقحت وعُدّلت من مجموعة من الخبراء والاختصاصيين والموجهين، بما يلاءم مع فكر الشعب السوري وقيمه”، وجرى التركيز خلال عملية التنقيح على “إزالة اللوثات التي أدخلها النظام في المناهج؛ إذ حُذف بعض الفقرات والنصوص والصور التي تبجّل النظام، وتمجّد شخصيات سياسية وطائفية”، مشدَدًا أن الهدف هو المحافظة على المضمون العلمي للمادة داخل المقرر.

لقد أدّت قلة الكتب في كثير من المناطق السورية المحرّرة، إلى الاعتماد على النسخ الصادرة عن النظام، وفي ذلك قال الوزير: “إن معظم المدارس في المناطق المحررة، تعتمد على المناهج الصادرة عن وزارة التربية والتعليم في الحكومة الموقّتة، إلا أن هناك عددًا من المدارس تضطر إلى استخدام طبعة تربية النظام، وهي قليلة جدًا، وغالبًا ما تكون في مناطق محررة محاذية لمناطق سيطرة النظام”، منبهًا إلى أن “النقص في الكتب المدرسية” هو السبب الرئيس لهذه الممارسة، عادًّا التطابق في المضمون العلمي بين المنهجين “عاملًا مخففًا لها”، مؤكدًا أن الوزارة لم “تتمكن هذا العام من توفير سوى 16 بالمئة من نسبة حاجة المدارس إلى الكتاب المدرسي”.

وفي ما يخص آليات مراقبة سير العملية التعليمية وتقييمها وتقويمها، قال برق: “آليات الرقابة تكون عبر مديريات التربية التابعة للوزارة، ويبلغ عددها تسع مديريات، يتبعها 42 مجمعًا تربويًا، منتشرة في المناطق التعليمية المختلفة، وبالتعاون والتنسيق مع مجالس المحافظات، والمجالس المحلية المتمثلة بمكاتبها التعليمية، وتشارك منظمات المجتمع المدني الداعمة للتعليم في عملية التقييم أيضًا، وفق أدوار حددتها الوزارة”.

يقيّم العملية التعليمية “موجهون اختصاصيون، وموجهون تربويون، يشرفون على عمل المدارس عبر جولات وزيارات دورية” يقدمون بعدها تقاريرهم إلى مديريات التربية عبر المجمعات التربوية، لكن ثمة “عدم كفاية في عدد الموجهين؛ مقارنة بأعداد المدارس التي يشرفون عليها”، بسبب “قلة الدعم والتمويل المخصّص لتعيين الموجهين”، مفصحًا عن “مساعي الوزارة الحثيثة لإيجاد جهات داعمة؛ لزيادة أعدادهم”.

وحول التلاميذ الذين هُجّروا من مدينة حلب، قال برق: جرى “تلافي المشكلة بتضمينهم في مدارس المدن التي نزحوا إليها” وأضاف: “شُكلت لجنة للطوارئ في مديريتي التربية لمحافظتي حلب وإدلب، لمتابعة الطلاب والمدرسين المهجرين، واستيعابهم في مدارس مديرية التربية، في كلا المحافظتين؛ إذ استوعِب 90 بالمئة منهم، كذلك حُصر وأحصي جميع الطلاب والمدرسين المهجرين، وأماكن وجودهم؛ لتقديم الخدمات لهم”.

يرى الوزير أن الأوضاع الأمنية الخطِرة، وما يرافقها من نزوح دائم ومتكرّر للطلاب والمعلمين، واستهداف النظام للمدارس خاصة، مع قلة التمويل، هي أبرز العقبات التي تواجه عمل الوزارة، موضحًا أن “ما تقدمه المنظمات الراعية للتعليم لا يلبي 50 بالمئة من حاجات العملية التعليمية”.

ونبّه الوزير إلى وجود نسبة عالية من الطلاب المنقطعين عن التعليم، من جميع المراحل، وقال: “يوجد 50 بالمئة من الطلاب خارج المدارس، وأغلبهم من المنقطعين منذ خمس سنوات، ويتوزعون على مختلف المناطق، وخاصة ريف حلب الشمالي، والمناطق المحاصرة، ويحتاج هؤلاء إلى مناهج خاصة؛ لتعويض ما خسروه في سنوات الانقطاع”.

اختتم الوزير حديثه لـ(جيرون) بالإشارة إلى خطط عمل، تسعى الوزارة إلى استكمالها، ويأتي في مقدمتها “إعداد مناهج خاصة للمنقطعين، ليتم توزيعها على المديريات والمدارس، وتأمين معلمين يجري تدريبهم وتأهيلهم لهذه المناهج، ورفع نسبة استيعاب الطلاب من 50 بالمئة إلى 90 بالمئة بعد تطبيق خطة التعليم التعويضي، واتخاذ الإجراءات اللازمة؛ لتوسيع دائرة اعتراف الدول بالشهادات والوثائق الصادرة من وزارة التربية والتعليم”.

يُذكر أن وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية الموقّتة تشرف على العملية التعليمية في المناطق المحررة ضمن تسع محافظات (إدلب – حلب – ريف دمشق – حمص – حماة – اللاذقية – درعا – القنيطرة – دمشق).

والدكتور عماد برق، من مواليد محافظة حمص 1970، حائز على شهادة دكتوراه في علم الاجتماع عام 2000، شغل عضوية الهيئة التدريسية في كلية التربية بحمص، وقسم علم الاجتماع في اللاذقية، ويشغل -حاليًا- موقع وزير التربية والتعليم في الحكومة السورية الموقّتة منذ عام 2014، ويعمل -أيضًا- مدرسًا في كلية التربية بجامعة حلب، في المناطق المحررة.

Author

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق