تشير دراسة استطلاعية وطنية جديدة إلى أنه لم يعد بإمكاننا تقدير أن مواطنينا سيدافعون عن حكم سيادة القانون والديمقراطية.
“عام 2017، كان كل من سيادة القانون والديمقراطية يتعرض للهجوم من الرئيس ترامب وإدارته” تصوير: جوستين سوليفان /صور غيتي
هناك متسعٌ للاحتفال بقرار المحكمة ضد قانون حظر الهجرة الذي أصدره الرئيس ترامب. وكان نصرًا مؤثِرًا سيادة القانون، ومؤكدًا استقلال القضاء، غيّر أنَّ الولايات المتحدة تواجه مشكلةً خطِرة لم يعالجها هذا القرار: تآكل ثقة الجمهور في سيادة القانون والحكم الديمقراطي.
في الوقت الذي كان يُركّز فيه على الانقسامات الحزبية في السياسات الحكومية وطاقم الموظفين، كان يحدث تأكل غير مرئيّ تقريبًا لأسس نظامنا السياسي، ولم يعد الدعم الشعبي لسيادة القانون والديمقراطية أمرًا مفروغًا منه.
في عام 2017، كانت سيادة القانون والديمقراطية عرضة للهجوم من الرئيس ترامب وإدارته، وهذه علامةٌ أو عرض بقدر ما هو سببٌ للأزمة الحالية، فقد أصدرت هيئة الاقتراع السياسية العامة (وهي شركة أُسست عام 2001، تستطلع آراء الجمهور حول الانتخابات وقضايا أخرى مختلفة) النتائج المذهلة لدراسة استطلاعية قومية هذا الأسبوع، إذ تظهر تلك النتائج صدوعًا كبيرة في تبني الجمهور لسيادة القانون والديمقراطية.
53 في المئة -فقط- من الذين شملهم الاستطلاع قالوا بأنهم “يثقون بالقضاة أكثر من الرئيس ترامب في اتخاذ القرارات الصائبة للولايات المتحدة”. وقال 38 في المئة إنهم يثقون في دونالد ترامب أكثر من القضاة في بلادنا، و9 في المئة لم يقرروا بعد. ظهر دعم سيادة القانون بنسبة أعلى عندما سُئل الذين شملهم الاستطلاع عما إذا كانوا يعتقدون أنَّ الرئيس ترامب “يجب أن يكون قادرًا على إلغاء قرارات القضاة” عندما لا يوافق على تلك القرارات، فقد وافق 25 في المئة فقط، و11 في المئة قالوا: إنَّهم غيّر متأكدين.
ولكنَّ، النتيجة تغيرت عندما انحصرت البيانات في أولئك الذين عرفّوا أنفسهم بأنَّهم أنصار ترامب: وافق 51 في المئة على أنَّ ترامب يجب أن يكون قادرًا على إلغاء قرارات المحكمة، بينما لم يوافق 33 في المئة، وكان 16 في المئة غير متأكدين.
ومن المغري أن نعزو هذا الاختلاف بين مؤيدي ترامب وغيرهم، ببساطةٍ، إلى حقيقة أنَّ أنصار الرئيس يفضلون نمطًا أكثرَ استبدادًا في الحكم.
ووفق ما كشفه استطلاع السياسة العامة للاقتراع، سيناشد ترامب جمهورًا متلقيًا بشكل ملحوظ في محاولاته لأن يُحكم بأوامر -وكثير منهم لم يعد متعلقًا بسيادة القانون أو الديمقراطية، هذه النتائج تؤكدها دراساتٌ أخريات، إذ وجدت إحدى هذه الدراسات انخفاضًا كبيرًا في نسبة الأشخاص الذين يقولون إنَّه من “الضروري” أن نعيش في ظلّ نظامٍ ديمقراطي.
عندما طُلب منهم وضع تقديرٍ أو علامة على مقياسٍ متدرج من 1 إلى 10 حول كم هو “ضروريّ” بالنسبة لهم “العيش في دولة ديمقراطية،”، وضع 72 في المئة من الأميركيين الذين وُلدوا قبل الحرب العالمية الثانية علامة “10”، وهي الدرجة الأعلى، ولكن جيل الألفية الحالية (أولئك الذين وُلدوا منذ عام 1980) “تربوا غير مبالين كثيرًا.”، فأقلّ من الثلث لديهم إيمانٌ مماثل بأهمية الديمقراطية.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنَّه في حين يعتقد 43 في المئة من كبار السن الأميركيين أنَّه سيكون أمرًا غير شرعي بأن يستولي الجيش على السلطة، حتى لو كانت الحكومة المدنية غيّر كفية، بينما وافق على الأمر 19 في المئة -فقط- من جيل الألفية.
في حين أنَّه من المحتمل أنْ يكون جيل الألفيّة ليبراليًا سياسيًا في أولوياته السياسية، لأنهم بلغوا سنَّ الرشد في وقتٍ من الشلل السياسي في المؤسسات الديمقراطية، وتراجع الكياسة في الحوار الديمقراطي، وازدياد القلق حول الأمن الاقتصادي ازديادًا كبيرًا.
وتشير هذه النتائج إلى أنَّه لم يعد بإمكاننا أن نضمن أن مواطنينا سيدافعون عن سيادة القانون والديمقراطية، ولهذا السبب، بينما ينصب سلوك الرئيس ترامب في وسائل الإعلام وعلى الجمهور، ينبغي ألا نبقي تركيزنا عليه وحده، وإنما على هذا الميل الكبير -والمثير للقلق أيضًا.
إذا كان لا بدَ من أن تبقى سيادة القانون والديمقراطية على قيد الحياة في أميركا، سنحتاج إلى معالجة الانخفاض في فهم الجمهور لـسيادة القانون والديمقراطية، ودعمه لهما. بينما نحتفل بقرار الدائرة التاسعة المتعلق بحظر ترامب، يجب أيضا أن نبدأ في حوارٍ وطني حول الديمقراطية وسيادة القانون، إذ يحتاج التعليم الوطني الذي سخرنا منه طويلًا إلى التجديد.
المدارس والجماعات المدنية، ووسائل الإعلام يجب أن تعود إلى المبادئ، وتشرح ما القيم السياسية الأساسية الأميركية التي ورثناها، ونبيّنُ السبب لمَ أنَّها مرغوبة، والمدافعون عن الديمقراطية وسيادة القانون يجب أن يشرحوا قضيتهم للشعب الأميركي ويذكروهم بموعظة المؤسسين: “إذا كان البشر ملائكةً، فلن يكون هناك داعٍ لحكومة، وإذا كان على الملائكة أن يحكموا البشر، فلا ضرورة للضوابط الخارجية ولا الداخلية على الحكومة. في تأطير/تشكيل الحكومة التي يجب أن يديرها بشرٌ على بشر، تكمن الصعوبة الكبيرة في هذا: يجب عليك أولًا أنْ تُمكَّن الحكومة من السيطرة على المحكومين، وفي المقام التالي أن تلزمها(الحكومة) بالسيطرة على نفسها.”
علينا أن نتذكر أنَّ تحررّنا من حكومة تعسفية، أو تطفلية، يعتمد على سيادة القانون وعلى ديمقراطيةٍ فاعلة. نحن بحاجة إلى إعادة تأهيل الاثنين قبل أنْ تسوء أزمة الثقة هذه.
اسم المقالة الأصلي | Americans aren’t as attached to democracy as you might think |
الكاتب* | أوستين سارات، Austin Sarat |
مكان النشر وتاريخه | الغارديان، The guardian، 11/2 |
رابط المقالة | https://www.theguardian.com/commentisfree/2017/feb/11/americans-arent-attached-democracy-rule-law |
ترجمة | أحمد عيشة |
أوستن سارات: أستاذ التشريع والعلوم السياسية في كلية أمهرست