ترجمات

ترامب مثل نيكسون غير قادر على التغيير

يتحدث الرئيس ترامب خلال نقاش حول مائدة مستديرة مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو. (مارك ويلسون / صور جيتي)

يُنظر إلى مايكل فلين الذي يرأس مجلس الأمن القومي على أنَّه مختلٌ، إذ طُرد من وظيفته السابقة بسبب أسلوبه الفوضوي في الإدارة، وعلى ما يبدو لم يفقد مهارته، والآن هو متهمٌ بالكذب حول ما إذا كان قد أجرى مناقشاتٍ مع السفير الروسي بشأن تخفيف العقوبات -قبل تنصيب دونالد ترامب- الجديدة التي فرضها الرئيس باراك أوباما؛ نتيجة للعبث في انتخاباتنا. في هذه الإدارة، على ما يبدو، يُسمح للمسؤول الكبير -فحسب- بالكذب.

رئيس موظفي البيت الأبيض، رينس بريبوس، هو أيضًا في موقفٍ حرج، ويُنتقد لتسطيحه الأمر التنفيذي رقم 13769 الذي فاجأ أعضاء الحكومة، والكونغرس، والأمة، والدول الأجنبية، وفرض قيودًا على مواطنين من سبع دولٍ ذات أغلبية مسلمة، عند دخول الولايات المتحدة، فاندلعت المظاهرات بسرعة، وتدخلت المحاكم، وفي النهاية، قد يتخطى الأمر التنفيذي إلى حدٍ كبير الاجماع الدستوري، ولكن لا شيء يمكن أن يتجاوزه في الارتباك والفوضى والقسوة المطلقة.

أتى ستيفن بانون، من موقع بريتبارت الإخباري، والآن، فجأةً أصبح المفكر الاستراتيجي الكبير في البيت الأبيض، وعلى ما يبدو، عيَّنَ نفسه رئيسًا لمجلس الأمن القومي، ومن هناك، يشن المعارك بشراسةٍ ضد الوضع الراهن في كلّ شيءٍ تقريبًا.

كشفت مجلة التايم Time معلومات عنه، أنَّه منظرٌ أيديولوجي متحمس، يعتقد أنَّ الحرب الكبرى المقبلة تلوح تمامًا في الأفق، وربما مع العالم الإسلامي. وعندما كان سابقًا يدير موقع بريتبارت، قال عن الإسلام: “إيماننا الكبير، وهو واحدٌ من مبادئنا التنظيمية المركزية في الموقع، أننا في حالة حرب مع الإسلام”.

يتحدث ترامب قبل أن يفكر، وكمراهقٍ يخبئ هاتفه تحت أرديته، ينغمس في الشتائم عبر تويتر، ففي حملة الانتخابات الرئاسية، استخفَّ علنًا بـ قاضي محكمة أميركية، اسمه غونزالو كورييل، كان يشرف على دعاوى قضائية ضد جامعة ترامب، لكونه من أصلٍ مكسيكي، والآن، يُقرّع محكمة استئناف اتحادية لتمسكها بمهلةٍ بشأن أمره التنفيذي.

لا ينبغي لأيّ من هذا أن يدهشنا. عبقريةُ ترامب في الإدارة واضحة له وحده، فهو مغفلٌ ومحتال، ويهين بدلًا من أن يتشاور، ويمضي قدرًا هائلًا من الوقت في ملاعبه في الغولف، انقلب للتو على سياسة الصين الواحدة، وأرسل إشاراتٍ متضاربة حول روسيا، كما انتقد وتخلص من اتفاقيات التجارة، وكأنما وضعُ حدٍ لها سينقض العولمة، ويرد على الأوضاع المعقدة عبر التغريدات، ويمكن أن يعالج معدل جرائم القتل في شيكاغو عن طريق إرسالها في بريد الحكومة الفيدرالية. ماذا سنفعل بالضبط؟

دونالد ترامب في سنواته السبعين، ليس على وشك أن يكبر ويتصرف بنضجٍ، أدار حملةَ انتخاباتٍ رئاسية إدارة رخيصة وغير شريفة. ويستمر في ذم بطولة جون ماكين والمصلحة العامة، واصفًا إيّاه بالخاسر. معنويًا، لا يختلف الأمر عن انتقاده لآباء همايون خان (ضابط أميركي، ولد في الإمارات العربية لأبويين باكستانيين، وانتقل إلى الولايات المتحدة ودخل الجيش الأميركي، أُرسل إلى العراق عام 2004 ومات هناك، صار يعدّ رمزا للأميركيين المسلمين)، الحائز على النجمة الذهبية، وفقد حياته في أثناء خدمته في العراق. شعر ترامب أن الجنود من المسلمين الأميركيين (آل خان) يضحون، بينما كان -هو- مشغولًا في بناء الأعمال التجارية. إذا كان هناك كتاب غينيس للأرقام النرجسية، فهذا التصرف يدخل فيه.

ريتشارد نيكسون، أيضًا، جمَّع زمرة من المتعصبين الذين كانوا يتوقون للقيام بحرب (محلية) على أيّ أحد، وعلى الجميع. لبعض الوقت، فقد نسي نيكسون العجوز. على ما يُظن أنَّ الأيام الخوالي للطاعن البذيء قد ولت، السياسي ذو المخاوف المضطربة والمخزون المتفاقم من الاستياء. لكن نيكسون العجوز ظل دائمًا يترصد.

في النهاية، كان على نيكسون أن يستقيل، وأعتقد أنَّ ترامب سيلاقي ذات المصير، ولكنَّ الأمور تغيّرت عما كانت عليه زمن نيكسون، فمجلس الشيوخ، وهو في النهاية الذي أعطى لنيكسون دفعةً قاتلة، ليس المؤسسة التي كانت عليه سابقًا. (أين ذهبت، يا باري غولدووتر؟) *

أما بالنسبة لما يسمى وسائل الإعلام الرئيسة، فإنه لا يوجد مقارنةً مع نفوذها القديم ولا جمهورها أيضًا، فهي تعمل أقلّ مما كانت ذات يوم، وحتى المجّمع الانتخابي، المصمم لتأمين خروج ترامب من البيت الأبيض، أصبح وسيلةً لفوزه.

العلاج المتبقي هو الشجاعة السياسية -قرارٌ، ولا سيما من جانب الجمهوريين في الكونغرس، لرفض التطبيع لترامب ولطرقه.

ترامب لن يتغير. والسؤال هو عما إذا كان كونغرس انتهازيٌّ وضعيف الإرادة سيتغير.

  • باري غولد ووتر (1909-1998)، عضو سابق في مجلس الشيوخ عن الجمهوريين، أنتخب لخمس دورات، ترشح للرئاسة عام 1964 وخسر مقابل الرئيس الديمقراطي جونسون، في عام 1974، وكونه كبير الجمهوريين في مجلس الشيوخ، طالب الرئيس نيكسون بالاستقالة نتيجة لتورطه في فضيحة ووترغيت، ونجح في ذلك)

 

اسم المقال الأصليTrump, like Nixon, is incapable of change
الكاتبريتشارد كوهين، Richard Cohen
مكان النشر وتاريخهواشنطن بوست، The Washington Post، 13/02/2017
رابط المقالةhttps://www.washingtonpost.com/opinions/trump-like-nixon-is-incapable-of-change/2017/02/13/5cd3b46a-f21c-11e6-8d72-263470bf0401_story.html?utm_term=.6f0ad12bfff4
ترجمةأحمد عيشة

مقالات ذات صلة

إغلاق