تحقيقات وتقارير سياسية

حسين حمّادة: الهيئة السورية للعدالة تدعي على الأسد وبوتين

تقدّم المستشار السابق في محكمة النقض السورية، ورئيس “الهيئة السورية للعدالة والإنقاذ الوطني” حسين حمّادة، أصالة عن نفسه، وتفويضًا عن أعضاء “الهيئة السورية للعدالة والإنقاذ الوطني”، بموجب تفويض صادر عن لجنتها الإدارية، بادعاء مباشر بحق الجهة المدعى عليها (بشار الأسد، فلاديمير بوتين، حسن روحاني، حسن نصر الله، وأبو بكر البغدادي)، بوصفهم ارتكبوا كثيرًا من الجرائم بحق الشعب السوري، استنادًا إلى المادة 5 من نظام روما الأساسي، وأسّست الجهة المدعية ادعاءها على المواد 12 والفقرة ج من المادة 13و 14 و15 و54 من نظام روما الأساسي المُنشئ لـ “محكمة الجنايات الدولية”.

ولم يُبتّ في طلب الدعوى، لا سلبًا ولا إيجابًا، ليتمكن القائمون عليها من سلوك الطرق القانونية المبينة في نظام المحكمة، ووصفت “الهيئة هذا الموقف بالسلبي، و “لا يتوافق مع أبسط قواعد القانون والأصول، وفيه خلل غير مقبول”.

أكدّ حمّادة في حديث خاص مع (جيرون) “أن عدم تجاوب محكمة الجنايات الدولية، وبطريقة قانونية مع الدعوى المقدّمة، يضع العالم بأجمعه أمام كارثة، وعدم البت بطلب الدعوى يعدّ خللًا في هيئات قضائية عليا، ومؤسسة عالمية توافَقَت فيها 122 دولة على صيغة معينة، لعدم إفلات المجرمين من العقاب. إن عدم التجاوب يقود إلى مشكلة كبيرة تطال العالم بأسره”.

لفت حمّادة إلى أن الهدف الرئيس من القضية يتمثل “بتطبيق مبدأ العدالة لإنهاء الأزمة السورية، بمعنى أن يُلاحق كل مرتكب جرم بحق الشعب السوري، وهو ليس لحماية الشعب السوري فحسب، بل لحماية الإنسان، فنحن أمام مجرمين حقيقيين، ويرتكبون فظائع من الانتهاكات، وبقاؤهم بلا عقاب أمر كارثي، وينبغي ملاحقتهم قانونًا من محكمة الجنايات الدولية”.

شرح حمّادة عن ضرورة التعريف بتفاصيل نوع – كهذا- من الدعاوى، وقال: “قمنا برفع هذا الادعاء، انطلاقًا من حالة قانونية بحت، بعيدة كل البعد عن السياسة. ووفقًا لنظام روما المُنشئ لمحكمة الجنايات الدولية، فإن بالإمكان معالجة المسألة من زاوية قانونية، عبر المادة 13 من الفقرة ج، التي تحدّد بشكل صريح قانونًا، أن محكمة الجنايات الدولية، مخصّصة لمحاسبة وملاحقة المجرمين، سواءً بموافقة الدول التي ينتمون منها أو لا، أو بصدور قرار من مجلس الأمن وعدمه، بوصف أن موافقة الدول التي تفرّع منها المجرمون، وصدور قرارًا من مجلس الأمن، شرطان رئيسان لقبول المحكمة الدعوة، إلا أن هناك استثناء يقول أنه يجوز للنائب العام في محكمة الجنايات، أن يباشر التحقيقات الدولية من تلقاء نفسه، إذا كان مضمون الدعوى قانونيًا. إذن؛ على المحكمة وجوبًا أن تباشر بالتحقيقات، ولا يوجد أي مبرّر قانوني لبقائها بلا حراك”.

وحول تطورات القضية ومجرياتها أشار حمّادة إلى أن المحكمة تعاطت مع دعوى “الهيئة” التي هي خطاب قانوني صرف، بطريقة إنشائية، وقال “قدم القائمون على القضية ادعاءً سُجّل أصولاً، وفق شروط قانونية أمام النائب العام، وكان يترتّب على المحكمة أن تتخذ قرارًا إما بقبول الادعاء شكلًا أو ردّه شكلًا، ولكن الرد لم يرتقِ إلى مستوى الخطاب القانوني، وكان على شكل خطاب انشائي فيه تهرّب”، مشددًا على إفضاء هذا التصرف إلى عطالة قانونية لا مسوغ قانونيًا لها.

التطور الأخير في القضية -بحسب حمّادة- هو “أن المحكمة، وبعد ردّها الخارج عن السياق القانوني في حالة من الحرج، وما يبرهن ذلك، هو دعوة وجّهتها شبكة حقوق الانسان لنا، تم من خلالها تحديد موعد لقاء مع قضاة محكمة الجنايات الدولية لشرح مضامين الدعوة، وتم تحديد موعد اللقاء بين 15 و20 اذار/ مارس المقبل، ويأتي في سياق النقاش الحكومي القانوني حول المضامين التي أوردناها في الدعوة”، مُعربًا عن “أمله في أن يكون هذا اللقاء مجديًا ويؤدي إلى إقناع القضاة بما ورد من مواد قانونية في دعوانا”.

وحول ما إذا سبق وأن رفُعت دعاوى مشابهة من شخصيات أو هيئات حقوقية سورية، قال “بهذه الصيغة القانونية وبهذا المُرتكز، الذي ينصّ وينبّه أن النائب العام مختصّ بمباشرة التحقيقات الدولية أعتقد أنه لم يحدث”، موضحًا أن “الإضاءة على التفاصيل القانونية لهذه القضايا ضروري ومن شأنه أن يحدث أثرًا”.

وأضاف أن الأثر الفعلي المفروض أن يُسفر عنه هذا الادعاء، هو “قيام المحكمة، وفق صلاحياتها بملاحقة مرتكبي هذه الجرائم، بحيث يتم ايقافهم عن التمادي في جرائمهم، وتأخذ العقوبة الشخصية التي يتم تطبيقها على الأفراد طابعًا عامًا لإنهاء الأزمة السورية، والأزمة في المنطقة عامة”، على حد تعبير حمّادة.

اختتم حمّادة حديثه بفكرة مفادها أن الأصول القانونية تُحظّر من الناحية القضائية، إدخال جهات إعلامية في مجريات القضاء، إلا أن الضرورة قد تبيحها وقال: “لا يجوز للإعلام أن يسلّط الضوء على آليات التقاضي وإجراءات الدعاوى إلا بقرار، لكن بسبب العطالة، والتقصير غير المبرّر، ينبغي أن يكون هناك دور للإعلام في عملية تحريض كل المؤسسات على أن تمارس دورها، وكذلك لتحريض بقية الشخصيات المتضرّرة من جرائم الحرب لتقديم ادعاءات وفق هذه الصيغة”، مشدّدًا على ضرورة تسليط الضوء على مجريات هكذا نوع من الدعاوى، ابتداءً من تاريخ تسجيلها إلى تاريخ الرد، واللقاءات، وما سيتمخّض عنها.

حسين حمّادة قاض، ومستشار سابق في محكمة النقض السورية، ولد في حلب عام 1955، حائز على إجازة بالحقوق من جامعة دمشق عام 1980، عمِل في الحراك السلمي منذ بداية الثورة وانشقّ عن النظام في العام 2012، ويشغل الآن رئاسة اللجنة الإدارية في الهيئة السورية للعدالة والإنقاذ الوطني.

Author

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق