سورية الآن

احتجاجات بغداد الدامية تنذر بصراع شيعي- شيعي

تجددت – في خلال الأيام الماضية- الاحتجاجات الشعبية الدامية في بغداد، يقودها تيار رجل الدين الشيعي، مقتدى الصدري، للمطالبة بإصلاحات سياسية جذرية، كتعديل قانون الانتخابات، واستبدال المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق التي يتهمها أتباع الصدر بأنها موالية لرئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، وسقط خلال الاحتجاجات الأخيرة خمسة قتلى، وأصيب 174 محتجًا آخر، بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية العراقية.

ومع بدء سباق الاستحقاقين الانتخابيين (انتخابات مجلس المحافظات في أيلول/ سبتمبر2017- والانتخابات البرلمانية 2018)، بدا أن هذه الاحتجاجات ليست سوى منازلة انتخابية مبكرة، وفق ما يرى كثير من المراقبين بين كبار فرقاء العملية السياسية، من الطائفة الشيعية التي تسيطر على الحياة السياسية في العراق منذ الاحتلال الأميركي عام 2003، وعلى وجه الخصوص، بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ورئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الذي طالما استخدم مفوضية الانتخابات للسيطرة على المراكز القيادية في البلاد. يبدو أن مقتدى الصدر لن يقبل -هذه المرة- بحدوث ذلك في المناسبات الانتخابية المقبلة، إذ يصف كثير من متابعي الشأن العراقي الصراع الدائر بين الطرفين بأنه صراع اللا عودة، وأن المستقبل السياسي لكليهما متوقف على إلغاء الآخر سياسيًا.

يتهم الصدر غريمه المالكي بأنه المسؤول عن فشل الجيش العراقي في احتواء تقدم تنظيم الدولة الإسلامية عام 2014، عندما كان يشغل منصب رئيس الحكومة، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، في حين تشكل الانتصارات الأخيرة التي حققتها القوى الأمنية، وميليشيا الحشد الشعبي، بغطاء من التحالف الدولي، في محافظات صلاح الدين والأنبار ونينوى، نقاط قوة تضاف إلى رصيد رئيس الوزراء العراقي الحالي، حيدر العبادي، وكشفت مصادر سياسية عن أن الصدر الذي يسعى لعقد تحالف انتخابي واسع، يضم ائتلاف الوطنية بقيادة، إياد علاوي، والحراك المدني، إضافة إلى قوى شيعية أخرى، يحاول استقطاب العبادي إلى هذا التحالف، إذ يُعتقد بأنه سيخوض الانتخابات بقوائم منفصلة عن حزب الدعوة، وائتلاف دولة القانون، لذلك؛ فهو يدرك أن مفوضية الانتخابات الموالية للمالكي، قد تكون عائقًا بينه وبين تحقيق مكاسب انتخابية، خاصة أنه سيحاول استثمار الانتصارات التي تحققت في فترة توليه منصب رئاسة الوزراء على تنظيم الدولة، وهو ما سيشكل دافعًا كبيرًا للتقارب مع الصدر في محاولة لبناء تفاهم على إصلاح قواعد العملية الانتخابية، بما فيها لجنة الانتخابات.

في المقابل؛ يتهم حزب الدعوة ومليشيا “الحشد الشعبي” التي دربتها إيران، -لأغلب قادتها صلات وثيقة مع المالكي- الصدر بعرقلة الحرب على تنظيم الدولة.

وفق المعطيات الأولية؛ قد تشهد الانتخابات المقبلة للمرة الأولى، ائتلافات شيعية متحالفة مع قوى سنية وكردية، إذ يميل سليم الجبوري، رئيس البرلمان العراقي، وبعض القيادات العشائرية السنية، إضافة إلى بعض قيادات حركة التغيير “كوران” لجبهة المالكي، يميل نائب رئيس الجمهورية، أسامة النجيفي، وعدد من قيادات تحالف القوى السنية، إلى جبهة العبادي- الصدر، التي قد تحظى بدعم رئيس إقليم كوردستان العراق، مسعود البرزاني.

يبقى الفساد أحد أكثر القضايا التي تحرك الشارع العراقي في الوقت الراهن، ويحاول الصدر استثماره في الصراع القائم؛ للسيطرة على الساحة السياسية الشيعية في العراق، خاصة أن العراق الغني بالنفط يحتل المركز 161 من مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية، ويضم 168 دولة، بينما تتهم القوى الموالية للمالكي الصدر بأنه يحاول تحقيق مكاسب سياسية من خلال الحديث عن ملف الفساد، وأن التيار جزء من المحاصصة السياسية والفساد في العراق، بحكم مشاركته في عدة حكومات سابقة.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق