يُبذل جهد في أوساط “الأمم المتحدة”؛ من أجل تشكيل كيان جديد في أروقتها، يعمل على جمع الأدلة وتحليل الملفات، تحضيرًا لمحاكمات في جرائم حرب ارتكبت في سورية، ما عدّه معارضون وحقوقيون خطوة إيجابية “في أحد جوانبها” على طريق العدالة الانتقالية في المرحلة المقبلة.
وكشف مسؤولون في الأمم المتحدة ودبلوماسيون، (الخميس)، أن “كيانًا جديدًا يتشكل داخل الأمم المتحدة في جنيف؛ للتحضير لمحاكمات في جرائم حرب ارتكبت في سورية”، وتوقعت مسؤولة عن حقوق الإنسان أن يبدأ “هذا الأمر قريبًا جدًا ببضعة أفراد”، وفق وكالة رويترز”.
وأوضحت المسؤولة أن هذا الفريق سيعمل على “تحليل المعلومات، وترتيب وإعداد الملفات بشأن أسوأ الانتهاكات التي تصل إلى حد جرائم دولية -بالأساس جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة- وتحديد المسؤولين عنها”.
وصرح مسؤول بارز في الأمم المتحدة أن الأخيرة “تهدف إلى توظيف ما يتراوح بين 40 و60 خبيرًا في مجالات التحقيقات والادعاء وعسكريين وخبراء في الأدلة الجنائية أيضًا”.
ويرى أنور البني، رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، في حديثه مع (جيرون) أن “هذه اللجنة شبيهة بلجنة التحقيق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان قبل خمس سنوات، وأخرجت 17 تحقيقًا بخصوص الانتهاكات، ولديها قائمة بأسماء المجرمين، ولديها أدلة وإثباتات”.
وأردف البني: إن الجديد في الموضوع أن هذه اللجنة ناتجة عن قرار الهيئة العامة للأمم المتحدة في كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، “وأن العالم بات يريد أن يتابع القضية، لكن هذه الخطوة ناقصة؛ لأنها تقتصر على جمع الأدلة وتهيئة الملفات”.
وأوضح أن “المشكلة هو غياب المحكمة، لا توجد محكمة -حتى اللحظة- يمكن أن تنظر في هذه الملفات. المحاكم السورية مستقبلًا -محاكم العدالة الانتقالية- هي المخولة بالنظر فيها، لذلك يمكن اختزال الايجابيات في هذه اللجنة، بأنها صادرة عن الجمعية العامة لحقوق الإنسان، وثانيًّا أنها -على الأقل- ستكون مُجمَّع الأدلة والحافظة له، وعملها سيكون أكثر شمولية من لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان، كما أنها جهة دولية تحفظ الأدلة”.
وعدّ أن هذه اللجنة “جيدة أيضًا، من جانب أنها دفع من الناحية المعنوية للحالة السورية، على الرغم من أنه لا نتائج ملموسة من الممكن توقعها في الوقت الراهن”. وأكد أن هذه اللجنة ستمنع وجود ابتزازات للأدلة الموجودة عند بعض الأطراف، أو بيعها. هذه “جهة دولية مأمونة، يمكن أن تُترك لديها الأدلة ريثما يأتي وقت استخدامها”.
وحول إمكانية التعاون مع اللجنة الجديدة، قال البني: “نحن نتعامل مع الجميع، ومع كل جهة يمكن أن تُقدم شيئًا للوضع السوري، كما أن هناك قنوات تواصل حقيقية الآن معهم حول كيفية البدء والعمل”.
في السياق نفسه، عدّ دبلوماسي غربي أن هذه اللجنة ستشكل “خطوة مهمة جدًا، إنها لن تسمح برفع قضايا فحسب، وإنما ستساعدنا أيضًا في حفظ الأدلة حال وجود قضايا في المستقبل”، وذلك بحسب ما نقلت عنه وكالة “رويترز”.
ورأى أستاذ القانون الدولي في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية في جنيف، أندرو كلابام، أن “التركيز حاليًا على جمع الأدلة، وبناء قضايا جنائية للمحاكمة قبل أن يطويها النسيان”.
وأكد الباحث في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، جيرمي سميث، أن “الأمم المتحدة يجب أن تضع أساسًا للمحاكمات المقبلة قبل أي خروج جماعي لمرتكبي الجرائم، عندما تنتهي الحرب”.
وشدد على أن هذه هي الطريقة “الوحيدة” لضمان “عدم إفلات المجرمين بفعلتهم بالفرار من موقع الجريمة”.