سورية الآن

مؤتمر الأمن في ميونخ يتجاهل أمن السوريين

يُعدّ مؤتمر الأمن الذي يُعقد في ميونخ سنويًا من أهم اللقاءات أو المؤتمرات العالمية في مجال عمل الاستخبارات والأمن، وغالبًا ما يُعطي مؤشرًا إلى مستقبل العلاقات الدولية.

حضر الملف السوري في الدورة 53 للمؤتمر الذي بدأ أعماله الجمعة 17 شباط/ فبراير الجاري، وانهاها في 19 منه، بطريقة توحي بأن العالم يتجه أكثر فأكثر إلى الابتعاد عن تحمل مسؤولياته، تجاه القضايا الإنسانية والحقوقية، التي يُفترض أنها الدافع لتحريك مسائل الأمن العالمي. وكان لموضوع محاربة الإرهاب أولوية في المؤتمر، ولربما كلمات المبعوث الدولي إلى سورية، ستيفان دي مستورا، تختصر صورة المشهد.

إذ عدّ دي مستورا هدف لقاء “جنيف 4” المزمع عقده في 23 شباط/ فبراير الجاري، بين وفدي المعارضة السورية والنظام، معرفة ما إذا كانت في الأفق “فرصة للتقدم في مفاوضات سياسية”، وأوضح أن “أستانا كانت لوقف الاعتداءات فحسب”.

وقال المبعوث الدولي في كلمته خلال المؤتمر، حول توقعاته من جنيف: “لا يمكنني أن أقول لكم إن كانت ستنجح، ولكن علينا أن نعمل على أن تكون هناك قوة دفع، حتى لو لم يصمد وقف إطلاق النار طويلًا، في ظل غياب الحل السياسي”.

وسأل دي مستورا: “أين هي الولايات المتحدة من كل ذلك؟ لا يمكنني أن أجيبكم، لأنني لا أعرف”، ورأى أن إدارة ترامب ما زالت تضع برنامج أولوياتها.

أوضح دي مستورا أيضًا أنه “يجب على أميركا أن تفهم أن هزيمة الدولة الإسلامية تتطلب حلًا سياسيًا شاملًا ومعقولًا في سورية”.

من جهته قال أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة: “أنا لست متفائلًا كثيرًا بشأن حل قصير الأجل” في إشارة إلى جنيف4، وأضاف أنه لا توجد إمكانية “للانتصار على تنظيم داعش في حال عدم التوصل لحل شامل في سورية”.

وقال غوتيريس: إن “مواجهة الأزمات السياسية والإرهاب والحروب حول العالم، تتطلب إصلاحًا جذريًا للأمم المتحدة”.

كما أشار المبعوث الأميركي للتحالف الدولي ضد “داعش” بريت مكجورك إلى أن الإدارة الأميركية “تُراجع الآن سياستها مراجعة شاملة في سورية”، وحذر من “رفع سقف التوقعات”؛ لأن السياسة المقبلة هي ضمن شعار ترامب “أميركا أولًا”.

وأضاف مكجورك أمام مؤتمر ميونخ: “لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستخرج بحل يلائم الجميع، لأنه لا وجود له”، ولفت إلى أن “واشنطن تركّز على تحرير الرقة من تنظيم الدولة”.

حضر أنس العبدة، رئيس “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” أعمال مؤتمر ميونخ، وقال: “إن المعارضة ملتزمة بمحادثات جنيف، كونها ستمهد الطريق أمام انتقال للسلطة”، وأضاف: “لا يمكن التعامل مع التهديدات الأمنية الكبيرة، طالما بقي بشار الأسد في السلطة”.

فيما ركز وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، على دور إيران في تصدير ورعاية الإرهاب في الشرق الأوسط والعالم، وعدّ “إيران أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم”، وأضاف: إنها “تريد من الشيعة في جميع أنحاء العالم أن يكونوا تابعين لها وليس لدولهم”، وأشار إلى أنها تعمل على “تغيير الأنظمة بالشرق الأوسط”، ولها “دور مدمر في سورية”.

إضافة إلى ذلك؛ لفت وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في ميونخ، إلى أن إيران “تحاول جعل العراق وسورية دولتين شيعيتين”.

وذكرت وكالة “الأناضول” أن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، بحث على هامش مشاركته في مؤتمر ميونخ مع ديميتريس أفراموبولوس، مسؤول الهجرة والشؤون الداخلية في “المفوضية الأوروبية”، التقدم في “اتفاقية إعادة قبول المهاجرين”.

وقالت الوكالة: إن بيانًا صدر عن مكتب يلدرم، أشار إلى أن “الجانبين تناولا العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، والتعاون الإقليمي، ومكافحة الهجرة غير القانونية في إطار اتفاقية إعادة قبول المهاجرين المبرم بين الطرفين العام الماضي”، وطالب يلدرم الاتحاد الأوربي “بتقديم مزيد من الدعم في مجال التعاون الأمني، بخصوص مكافحة الإرهاب”.

يُذكر أن مفاوضات عُقدت على هامش المؤتمر السابق للأمن في ميونخ الذي عُقد في شباط/ فبراير 2016، بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ووزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، حول وقف إطلاق النار في سورية، ولإطلاق عملية مفاوضات سياسية، وصدر بيان عن تلك اللقاءات التي جمعت 17 وزير خارجية، إضافة إلى الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، وعدد من الشخصيات والمنظمات، دعا إلى “خفض العنف، وإدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، وإطلاق محادثات جنيف 3″، لكن كل ذلك مُنيّ بفشل ذريع.

في ذلك المؤتمر أيضًا، ركّزت الكلمات على أهمية الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما يدل على محاولة الدول الفاعلة التغطية -من خلال ذلك- على فشلها ببقية الملفات، ما جعلها ترفع منسوب التعابير والإشادة بالاتفاق.

لكن من المهم الإشارة إلى ما قاله فولفغانغ إشينغر، رئيس مؤتمر ميونخ للأمن في شباط/ فبراير 2016، في حوار أوردته صحيفة “هاندلسبلات” الألمانية: “إن ما يحدث في سورية هو عار على أوروبا”.

شارك في المؤتمر الأخير نحو 680 شخصية ممثلة لدول وهيئات ومنظمات دولية وإقليمية.

لم يكترث المتحدثون في المؤتمر لحجم وهول الجريمة التي يرتكبها النظام وحلفاؤه بحق الشعب السوري، ما يمكن عدّه هروبًا من تحمل المسؤولية الأخلاقية، أو الاستمرار في إعطاء الضوء الأخضر للأسد من خلال أهم لقاء للأمن الدولي، بأن يتابع مع حلفائه المضي بجريمته.

صدر قبل أيام من انعقاد المؤتمر تقرير شامل من إدارة المؤتمر، أوضح أن العالم يسير إلى عصر الفوضى، وخلُص إلى تخوف من زيادة مستوى العنف والأعمال العسكرية.

يُذكر أن لقاءات ميونخ للأمن بدأت عام 1963 باجتماعات غير رسمية بين الولايات المتحدة وألمانيا، ثم أخذت تتوسع لتشمل جميع دول العالم تقريبًا، بل يعدها بعضهم أشبه باجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق