أدب وفنون

الموت في سورية والعرس في باريس

حاولت كثيرًا ألا اكتب هذه المادة، حاولت جاهدًا أن أنسى ما حدث فعلًا يوم السبت 18 شباط/ فبراير 2017، عندما منعتني إحدى مُنظمات ” تظاهرة المعتقلين” من تصوير تظاهرة للأخوة السودانيين في ساحة المتحف الإنساني في باريس؛ بذريعة “السودان هو الدولة الوحيدة التي تستقبل السوريين، لا تصور علم الثورة السورية في مظاهراتهم ضد البشير”.

لا تصور صرخات الأحرار ضد الطاغية الفار والمطلوب من أكبر المحاكم الدولية؛ بسبب جرائم حرب، كيف لطالب حرية أن يُسكت صوت الآخر المظلوم مثله، كيف يَختطفُ العدسات ليعتم على ثورة الشقيق لينهض بثورته.

كانت تظاهرة “أطلقوا المعتقلين”، الموازية لصرخات الأشقاء قد بدأت بعدم حضور أي من السياسيين السوريين المتخذين باريس ملجأً ومنتجعًا لهم.

منذر ماخوس، وبرهان غليون….. إلخ، مشغولون كالعادة، لا يوجد إلا شيخ السوريين نجاتي طيارة، وفارس الحلو ابنا حمص المحتلة.

كان من المفترض أن تضم التظاهرة الآلاف، لم يُحشد لها سوى العشرات، وقفة كان يجب أن تشمل المشاهد التمثيلية التي تظهر كيف يعتقلنا الطاغية الطائفي، ويقتلنا في السجون والأقبية السرية، وقفة كان من المفترض أن تعرف الفرنسيين المحتشدين، في تلك الساحة برمزيتها أن الأسد يغيبنا ويعتقلنا، ويصب براميل المتفجرات على إخوتنا، وكل ما يقال عن حربه ضد الإرهاب، هي محض تسويق وتلميع للمجرم.

وقفة كان من المفترض تَركُ المعتقلين من مصورين وصحافيين وأشخاص عاديين، يتكلمون عن تجاربهم في السجون والأقبية والمعتقلات الطائفية، وترجمة كلماتهم، واختيار مقدم للوقفة يجيد الفرنسية، نطقًا على الأقل.

كلمات إنشائية وترجمة حاول فيها، المترجم، تقديم أفضل ما عنده مشكورًا، لم تصل للصف الأول من الموجودين، خطبٌ رنانة ذكرتني بحلقات الدبكة ومهرجانات الأسد الانتخابية.

غياب وسائل الإعلام، من صحافيين ومصورين، وعدم دعوتهم، ومنعي من التصوير والاكتفاء بهواةٍ ينقلون التظاهرة هل كان مقصوداً؟

ثلاثة عشر ألف سوري أزهق بشار الأسد أرواحهم، مررنا عليهم مرور الكرام بالأرقام فحسب.

ضعف التسويق على صفحات التواصل، والاكتفاء بالدائرة الضيقة، عبر غرفهم على هواتفهم، وإقصاء الصحافيين، هل هو مقصود؟ اختطاف الثورة من أبنائها الحقيقيين وتصدر تغريدات “تويتر”، وتجاهل كل من يبتكر ويعمل ويفكر هل هو مقصود؟

إظهار ثورة السوريين العظيمة على أنها حرب بين إسلاميين، والسخرية من رموزها وأبطالها هل هو مقصود؟

والكثير الكثير لن أسأل عنه أنا، بل الناجون من المحرقة الأسدية عندما تأتون سورية فاتحين على خيولكم الباريسية.

“كل الشكر لمندوبة (امنستي) السابقة، في باريس التي تحدثت لثلاث دقائق، وذهبت لتدخن”.

مقالات ذات صلة

إغلاق