يواجه التعليم العالي في المناطق المحرّرة مشكلات متعددة، يأتي في مقدمتها قلة التنظيم وضعف الإمكانات المادية، في الوقت الذي تسعى فيه إدارة هذه الجامعات إلى تحصيل الاعتراف بشهاداتها دوليًا، وزيادة عدد الكليات ضمن الجامعة.
حول الجامعات الحرة، قال رئيس جامعة حلب في المناطق المحرّرة، حسن جبران، لـ (جيرون): إن “التعليم في مجمل الجامعات الحرة يُقدّم بجودة مقبولة، على الرغم من حداثة عهده، وعلى الرغم من تدهور الأوضاع الأمنية في الداخل السوري. وهو قطاع واعد، ويتوفر فيه أُطُر (كادرات) مؤهلة، ويبشّر بمعطيات جديدة في ميدان التعليم العالي، موازنة مع التعليم في المناطق المحتلة”، على حد تعبيره.
من جهته عدّ الطالب معاذ عباس، الطالب في المعهد التقاني للإعلام، التابع لجامعة حلب الحرة، فرع أطمة، أن “آليات التعليم في الجامعات الحرة، يختلف عما هو معروف في جامعات النظام، من حيث سهولة التواصل بين الطلاب والأساتذة، والنزاهة في تصحيح الأوراق الامتحانية، بخلاف ما كان شائعًا في جامعات النظام”.
وأضاف لـ (جيرون) أن “المشكلة الرئيسة في الجامعات الحرة، هي عدم مركزيتها، وانتشار الكليات في أماكن متباعدة، وعدم توافر سكن طلابي، وخصوصًا للوافدين من مناطق بعيدة، فهؤلاء مضطرون للسكن على نفقتهم الشخصية، ليتمكنوا -على الأقل- من تقديم الامتحانات التي تمتد لشهر، وهذا الأمر صعب ومكلف جدًا، إذ تتجاوز أجرة المنزل في بعض أماكن وجود الكليات 100 دولارًا أميركيًا، ويُشكّل القصف المتواصل، واستهداف النظام للجامعات، والصراع بين الفصائل الذي أفضى -في الآونة الأخيرة- إلى إغلاق بعض الطرق المؤدية إلى الجامعة، تحديات إضافية أمام الطلاب، إذ لم يتمكّن معظم الطلبة من تقديم امتحانات، كانت مقرّرة في الفترة التي تفاقم فيها الخلاف بين فصائل الشمال”.
يختلف بشار فندو الذي كان طالبًا في قسم اللغة العربية في جامعة حلب الحرة، مع عباس، فقد “رأى أن سير العملية التعليمية في الجامعات الحرة ليس على ما يرام، والأطر (الكادرات) القائمة على تنفيذ العملية الإدارية والتدريسية ليست مؤهلة بما فيه الكفاية، لكنه يتّفق معه “على ضرورة توفير سكن طلابي” وشدّد في حديثه لـ (جيرون) على “أن صعوبات السكن أسهمت في تسرّب عدد ليس بقليل من الشباب عن التعليم العالي، وهؤلاء أعادوا انضمامهم إلى الفصائل والعمل العسكري”، مشيرًا إلى أن ثمانية من زملائه تركوا دراستهم لهذه العلة، لافتًا إلى أن القصف يعدّ من أهم العوامل التي تعرقل سير العملية التعليمية، وتُسهم في إحجام كثير من الطلاب عن إتمام تعليمهم”.
من جهة أخرى، أشار عباس إلى بعض المشكلات التي يواجهها الطلاب الراغبون في استكمال تعليمهم في الجامعات الحرة، مثل كشف العلامات من جامعات النظام، و”استصدار كشف العلامات مستحيل بالنسبة إلى الطلاب المطلوبين أمنيًا، ومُكلف لغير المطلوبين، قد يصل إلى 300 دولار”.
يدفع المنتسبون للجامعات الحرة، من الحاصلين على علامات جيدة، مبلغ 50 دولارًا أميركيًا في السنة، أما أصحاب المجموع المنخفض فيدفعون 75 دولارًا أميركيًا سنويًا، ويُقبل في الجامعات الحاصلون على شهادات التعليم الثانوي من العام 2005، علمًا أن الشهادات التي تمنحها تلك الجامعات للطلبة غير معتمدة دوليًا.
وأوضح جبران بعض الصعوبات التي تعترض سير التعليم العالي، فقال: إن “أبرز الصعوبات هي قلة الدعم، فالتعليم العالي بطبيعته مكلف، ولا نجد قناة لإروائه، يضاف إليه مشكلة عدم الاعتمادية”، وعدّها “تحصيلًا حاصلًا وآتية لا محالة” منبهًا إلى أن “عدم الأمان واستهداف النظام وحلفاؤه العملية التعليمية يعيق العمل، ويهدّد الجامعات والطلاب على حدّ سواء”.
بدأ العمل في كليات جامعة حلب الحرة، منتصف كانون الأول 2015، باشراف وزارة التربية في الحكومة الموقتة، وأسستها لجنة من 12 شخصية علمية، تحمل الدكتوراه، وتضم نحو2500 طالبًا.
في حين افتُتحت جامعة إدلب، مطلع آب/ اغسطس 2015، بعد سيطرة المعارضة السورية على مدينة إدلب بثلاثة أشهر، وهي أكبر الجامعات في المناطق المحررة، وأكثرها معيارية، وتضم نحو 6 آلاف طالب، وفيها 20 كلية، وتتوفّر فيها بنية تحتية ملائمة للتعليم، ويدرّس فيها 130 أكاديميًا، بين حملة ماجستير ودكتوراه.