عبّر كثير من المواطنين في ريف مدينة جرابلس، عن استيائهم الشديد من استمرار العمل في “الحرّاقات” التي تُستخدم لتكرير النفط الخام بطريقة بدائية، إذ تنبعث منها غازات كريهة الرائحة، ومضرّة بالصحة، على الرغم من كل المناشدات السابقة للمسؤولين في المدينة بضرورة وقف هذه الحرّاقات، وخاصة في تجمعها الرئيس الواقع بين قريتي مغر الصريصات والحجاج.
وأفاد ناشطون بأنه على الرغم من قرار محكمة جرابلس المركزية (الغرفة المدنية)، قبل عدة أيام، والمتضمن وقف أعمال “الحراقات” في التجمع الرئيس، بناءً على الشكوى المقدمة من الأهالي، إلا أن القرار بقي حبرًا على ورق، ولم يُنفّذ إلى الآن، ومازال العمل جاريًا بهذه الحراقات دون توقف.
بعض الأهالي المتضررين وجه أصابع الاتهام إلى بعض فصائل الجيش الحر، وحمله المسؤولية عن “استمرار العمل بهذه الحراقات”، وأن بعض هذه “الفصائل هي من ترعى العمل بها، لذلك؛ لم يجرِ إيقافها حتى الآن على الرغم من قرار المحكمة”.
في حين رأى بعضهم أن “غياب جهة تنفذ قرار المحكمة حال دون تطبيق القرار، وخاصة بعد إقالة المجلس المحلي في وقت سابق من هذا الشهر”.
وعن أضرار هذه الطريقة البدائية لتكرير النفط، قال إبراهيم محمود، مختص بالكيمياء التحليلية، لـ (جيرون): إن “تأثير هذه المحروقات سيئ جدًا، وخاصة على المدى البعيد، فإضافة إلى الروائح الكريهة والغازات المنبعثة من احتراق مادة الفيول، وتتسبب بمشكلات تنفسية على المدى القصير، هناك تأثيرات كارثية على المدى البعيد، مثل انتشار أمراض السرطانات؛ بسبب مركبات (السلوفيد) على نطاق واسع، وخاصة في هذا التجمع، الذي يتوسط عدة قرى، كذلك الأمر لغازات (النتروجين) بالغة الضرر، فالرائحة الكريهة المنبعثة من (الفيول) المستخدم في الحرق هي مركبات (السولفيدات الكبريتية)، وهي بالغة الضرر للجهاز التنفسي، وتعدّ من المواد المسرطنة وشديدة السمية”.
من جهته قال إسماعيل الإسماعيل، مهندس بترول، لـ (جيرون): “إن الحراقات البدائية باتت جزءًا لا يمكن الاستغناء عنه؛ من أجل الحصول على المحروقات في المناطق المحررة، ومن بينها جرابلس، لكن عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتخفيف الأضرار هو المشكلة، فموقع تجمع هذه الحراقات، قرب قرية مغر الصريصات والحجاج، وتشكل مرتفعًا يشرف على مجموعة كبيرة من القرى في جرابلس، هو سبب هذه المشكلة، إضافة إلى اتجاه الرياح التي غالبًا ما تكون غربية في المنطقة؛ ما يزيد الضرر، لوجود عدد كبير من القرى إلى الشرق من هذا التجمع”.
وأضاف الإسماعيل مقترحًا: “الحل الأمثل للتخفيف من آثار هذه الحراقات، تجميعها في مكان آخر، بعيد عن التجمعات السكنية، وخاصة من الجهة الشرقية”.
يُذكر أن فصائل الجيش الحر المشاركة في عملية “درع الفرات”، المدعومة من الجيش التركي، سيطرت على مدينة جرابلس، في وقت سابق، من هذا العام، بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية، وجرى تشكيل مجلس محلي لإدارة شؤون المدينة، لكنه أُقيل بقرار من المحكمة المركزية قبل عدة أيام.