يبذل الفريق الطبي في المستشفى الجراحي التخصصي في مدينة إدلب جهدًا مضاعفًا؛ لتلبية متطلبات علاج المدنيين الذين يتوافدون إلى أكبر المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وتزداد الضغوط على الفرق الطبية، بالتزامن مع تناقص المستشفيات والمراكز الطبية، نتيجة استهدافها المستمر الممنهج من قوات النظام السوري وحلفائه.
واتهمت “منظمة أطباء بلا حدود” النظام السوري وحليفه الروسي، في تقريرها الذي صدر في 16 شباط/ فبراير الجاري، بقصف مستشفيين شمالي شرقي سورية في شباط 2016، أحدهما مرفق كانت تدعمه المنظمة، واستهدف الطيران -كذلك- في آذار/ مارس الماضي، ثلاثة مراكز طبية حيوية في سورية، في أرياف حمص ودمشق واللاذقية.
على الرغم من قلة الامكانات المادية والبشرية، يسعى “المستشفى الجراحي التخصصي في إدلب” الذي يكاد يكون الوحيد في المنطقة، لتوفير العلاج الجراحي، واجراء معظم العمليات الجراحية، إضافة إلى السعي العلاج الأمراض الخبيثة، واستئصال الأورام السرطانية.
وقد أفاد مدير المستشفى، الدكتور حسام دبيس، بأنه على الرغم من جميع المصاعب التي تواجه المنشآت الطبية في المنطقة، بسبب استهدافها استهدافًا ممنهجًا من قوات النظام، وما يخلف ذلك من توتر دائم؛ نتيجة شعور الإطار (الكادر) الطبي المستمر بالخطر، إلا أن ذلك لم يمنع الأطباء الاختصاصيين من إجراء عمليات جراحية في اختصاص الجراحة العامة، والعظمية والفكية والتجميلية والبولية، في الوقت الذي نعاني فيه من نقص في الجراحة العصبية والصدرية، بسبب قلة الامكانات المتاحة.
وقد جاء في تقرير “منظمة أطباء بلا حدود”، أن الطيران الحربي يستهدف المنشآت الطبية في سورية استهدافًا منهجيًا، مستنكرًا موافقة دول أعضاء في مجلس الأمن، مثل روسيا، على قرار يقضي بحماية المنشأت الطبية في مناطق “النزاع المسلح”، وفي الوقت نفسه، تهاجم تلك المناطق بطيرانها الحربي.
وأوضح دبيس، أخصائي الجراحة العامة والتنظيرية، في حديث خاص لـ(جيرون): أن المستشفى التخصصي “يستقبل الحالات الإسعافية التي تأتي بعد القصف أو الحوادث، وهؤلاء يحتاجون إلى عمليات سريعة واضطرارية، كذلك يستقبل الحالات الباردة التي تُستقبل في العيادات التخصصية، وفحصها وتقييمها وإعطائها وقتًا معينًا لإجراء العمل الجراحي، بعد القيام بالفحوصات اللازمة من أشعة وتحاليل في المستشفى ذاته.
يفتقر المستشفى، الذي يضم اختصاصيين من ذوي الكفايات العالية، إلى العلاج الشعاعي، ما يضطر أُطُر (كادرات) المستشفى إلى إحالة المريض المصاب بالورم إلى أحد مستشفيات تركيا، أو المستشفيات في مناطق سيطرة النظام؛ لإكمال علاجه الشعاعي، بحسب مدير المستشفى.
وأضاف د. دبيس، “يحوي المستشفى قسم الأشعة البسيط، وقسم المخبر الذي يضم أجهزة مخبرية، نُجري من خلالها الاستقصاءات اللازمة، سواء لمرضى الإسعافات، أو مرضى العيادات”، مشيرًا إلى أن “تعقيم الأدوات الموجودة في غرف العمليات، يجري بأجهزة تعمل على المولدات الكهربائية الموجودة في المستشفى”.
وبحسب تقرير “الشبكة السورية لحقوق الانسان”، الصادر في الخامس من شباط/ فبراير الحالي، فقد قتلت قوات النظام في كانون الثاني/ يناير الماضي، أربعة من الأطر (الكادرات) الطبية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، فيما أكدّ التقرير استهداف قوات النظام أحد عشر مركزَا طبيًا حيويًا ودفاعًا مدنيًا في الشهر نفسه، من بينها مركز طبي وثلاث سيارات إسعاف.
توفر المنظمات الطبية الخيرية الأدوية للمستشفى، بعد أن ترفع الإدارة دراسة وطلبات إليها، وعلى الرغم من تقديم الأدوية للمستشفى، إلا أنه يعاني من نقص كبير فيها، نظرًا لكثرة المرضى المراجعين، إضافة إلى أن المستشفى يعاني من نقص في الأجهزة غالية الثمن، مثل أجهزة الجراحة البولية والتنظير البولي، وأجهزة تنظير الجراحة العظمية؛ ما يجعل عمليات من هذا النوع غير متوفرة في المستشفى على الرغم من وجود أطر (كادرات) مختصة.
وبحسب دبيس، فإن المستشفى يقدم جميع مراحل العلاج للمرضى مجانًا، بما فيها العمليات الجراحية؛ إذ تقوم منظمات بدعم المستشفى بالرواتب والكلف التشغيلية، من وقود ومستلزمات ضرورية.
وأفاد بأن قلة بعض الاختصاصات في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، مثل الجراحة الصدرية أو العصبية، لا تمنع الأطباء الموجودين في المستشفى من التواصل مع جراحين أو استشاريين في المغتربات، للحصول على استشارات في حال وجود حالات معقدة.