تزداد حدة شدّ الأعصاب في جنيف التي تشهد مفاوضات رابعة بين المعارضة السورية والنظام، ولا سيما أن مصادر معارضة، قالت إن هناك مخاوف في الأوساط الدولية، من انسحاب وفد النظام من المفاوضات، وسيُعقّد ذلك المسألة السورية أكثر.
فقد قال رئيس وفد المعارضة السورية في جنيف، نصر الحريري: “إن المعارضة لم تجد حتى اللحظة شريكًا حقيقيًّا باحثًا عن السلام في سورية”، مضيفًا أن المعارضة قدمت ورقتين بعد لقاء وصفه بـ “الإيجابي” مع المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي مستورا.
وأوضح الحريري أن الورقة الأولى تتحدث عن الوضع الإنساني في المناطق المحاصرة، والهجوم الكيماوي الذي استهدف مناطق معارضة في ريف دمشق، وأن الورقة الثانية تحدثت عن انتهاكات النظام السوري لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ أواخر العام الماضي.
ودعا الحريري الدول التي “تتبنى القيم الإنسانية الرفيعة” أن تتخذ خطوات؛ للضغط من أجل البدء بالعملية السياسية الحقيقية، مشيرًا إلى أن وفد المعارضة سيلتقي مع الجانب الروسي اليوم الثلاثاء، وقال: “نتمنى من أعماق قلوبنا أن تتحول هذه المواقف النظرية إلى مواقف عملية، تتجلى بدعم العملية السياسية، بدعم مطالب الشعب السوري بالوصول إلى السلام عبر تحقيق، أو تطبيق الضغوط الكافية على النظام؛ للانخراط بجدية في هذه العملية”.
ويرى دبلوماسي غربي أن “المعارضة تريد أن ترى الروس لإبلاغهم بممارسة ضغوط على الحكومة، وإلا فإن هذه العملية لن تقود إلى شيء”، موضحًا أن رفض رئيس وفد النظام، بشار الجعفري، “بحث أي شيء سوى مكافحة الإرهاب في اجتماع في مطلع الأسبوع مع دي مستورا، كان دلالة واضحة على عدم التزام دمشق”، وفق ما نقلت عنه وكالة “رويترز”.
وقال مصدر في المعارضة السورية لـ (جيرون): إن أسهم المعارضة اليوم قوية جدًا في التفاوض، على الرغم من تراجع نفوذها العسكري على الأرض، عادًّا أن القوة أتت من توحيد جهد الوفد المفاوض، وثبات الرؤية، فضلًا عن جديتها في التفاوض، وهي بطبيعة الحال مفقودة عند النظام.
وأضاف المصدر أن المعارضة ستسلم المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي مستورا، ردّها على الورقة التي قدمها، وتتحدث عن محاور ثلاثة لمفاوضات جنيف، قبل أيام، وتابع أن المعارضة ستشدد في ردّها على أهمية بحث القضايا الأساسية بـ “التتابع”، وليس بـ “التوازي”، كما طرحها دي مستورا.
ونبّه المصدر إلى أن هناك مخاوف في الأوساط الدولية من تعليق نظام الأسد مشاركته في المفاوضات، ولا سيما أنه يواجه واقعًا صعبًا هنا في جنيف؛ إنه يحاول المماطلة وحرف مسار جنيف إلى قضايا غير ذات قيمة، بينما المعارضة السورية تشدد على أهمية انهاء العنف في البلاد، والدخول في المرحلة الانتقالية.
وعلى الرغم من المخاوف تلك، إلا أن المصدر عد أن “انسحاب النظام من المفاوضات، سيؤكد للمرة الرابعة -بواقع أن هذه الجولة هي الرابعة في التفاوض- للعالم أجمع أنه ليس جدّيّا، وأنه يضيع الوقت الدولي، متأملًا تحقيق النصر العسكري على المعارضة، وهو أمر مستحيل”.
وكان الناطق باسم الوفد المفاوض، سالم المسلط، قد قال: “أمام هذه العقلية (عقلية النظام) التي لا تؤمن سوى بالقتل والحل العسكري، نريد أن يكون للمجتمع الدولي والأمم المتحدة دور أكبر وحقيقي، يضغط على هذا النظام؛ لأنه آن الأوان أن نرفع هذه المعاناة عن الشعب السوري”.
وأضاف المسلط، في تصريحات صحافية، أنه “بدأت المفاوضات والنظام لا يريد أن يتحدث إلا عما يسميه الحرب على الإرهاب، لكن لا يمكن لمن يصنع الإرهاب أن يحارب الإرهاب، سيتطلب الاختراق جهدًا شاقًّا من المبعوث الدولي، ونتوقع مفاوضات شاقة، لكن سنكون طرفًا يسعي دائمًا لرفع المعاناة عن الشعب السوري”.
من جهته؛ عدّ مصدر في الائتلاف، خلال حديثه مع (جيرون) أن غياب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، عن جنيف سيكون له أثر سلبي في رأي المعارضة، مضيفًا أن الأخير لم يحضر جنيف نتيجة خضوعه لعمل جراحي في القلب، لكن المصدر استدرك قائلًا: إن جهد الوفد، على الرغم من ذلك “يمكن القول عنه إنه جبّار”.
وأضاف المصدر أنه غير متأمل بشيء فاعل من العملية التفاوضية الحالية، ولا سيما أن المناخ الدولي لم تتضح نياته بعد، في الملف السوري، إضافة إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة لم تُعلن -بعد- خطتها في الشرق الأوسط، وهو ما يضع المراقب في موقف صعب أمام تفكيك الحالة الراهنة ومستقبل المسألة.