ترجمات

موقع وكالة ريا- نوفوستي : فرِّقْ تَسٌدْ: هل موسكو مستعدة لصداقة واشنطن بعيدًا عن إيران

قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب: إنَّ إيران “الدولة الإرهابية رقم واحد”. وأضاف في مقابلته مع قناة فوكس نيوز التلفزيونية: “إيران لا تحترمنا على الإطلاق. إنها الدولة الإرهابية رقم واحد. إنَّهم يبعثرون المال والسلاح في كلِّ مكان”. وفي المقابلة نفسها، تجنَّب زعيم البيت الأبيض الإجابة عن سؤال القناة، حول ما إذا كان ثمة تهديد -اليوم- بوقوع مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران.

“كلا، لا يريد أحد إخافتهم، إنهم لا يظهرون الاحترام للولايات المتحدة فحسب”، قال الرئيس الأميركي. وهكذا، فإنَّ واشنطن، بحسب ترامب، تنوي مواصلة الضغط على طهران، باستخدام العقوبات، وفي الأسبوع الفائت، أقرّت الولايات المتحدة العقوبات على طهران، بإضافة 13 شخصية و12 مؤسسة على “اللائحة السوداء”، وقد وعد ترامب بأنَّ “هذه هي البداية فحسب”، وأعلن أنَّه يريد تحذير أحدًا ما، بشأن الخطوات التي سيتخذها، خلافًا لسلفه باراك أوباما.

في الوقت نفسه، ذكرت”The Wall Street Journal” أنَّ فريق ترامب يبحث عن طرقٍ لتخريب التحالف العسكري والدبلوماسي بين روسيا وإيران، وتقول الصحيفة: إنَّها استقت هذه المعلومات من موظفين في البيت الابيض، ومن مسؤولين عرب وأوربيين.

وتنقل الصحيفة عن ممثلي فريق رئيس الولايات المتحدة الأميركية قولهم: “إذا كان بالإمكان دقّ إسفين بين روسيا وإيران، فإننا على استعداد لبحثه”.

وبحسب معلومات وول ستريت جورنال “WSJ”؛ فإنَّ الولايات المتحدة “لا تتوهَّم” بشأن العلاقة مع موسكو، ومع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. وفي هذا الإطار، لا تعدّ واشنطن روسيا تهديدًا وجوديًا لها، مقارنًة بالاتحاد السوفياتي؛ ولهذا ركَّز ترامب على كبح إيران بالدرجة الاولى.

وتشير الصحيفة إلى أنَّ الاستراتيجية التي وصفها، تُفسِّر -كما يجب- “تلك الإشارات المتناقضة” التي أرسلها ترامب، ومحيطوه، إلى موسكو، وأقلقت كثيرين من حلفاء الولايات المتحدة الأميركية.

وتتوارد الأنباء من وراء المحيط، في وقتٍ يُعقد فيه لقاء أستانا، لقاء مجموعة العمل المشتركة التي تضمّ إيران، تركيا، وروسيا، وتعمل على إيجاد آليةٍ لمراقبة نظام وقف إطلاق النار في سورية، وقد وحدت طهران، موسكو، وأنقرة جهدها للتوصل -معًا- إلى صيغة مشتركة؛ لمواجهة تهديد السلام والاستقرار في المنطقة، ويمثِّله خطر التطرّف الإسلامي، وبالدرجة الأولى خطر تنظيم الدولة الإسلامية التي وصفها دونالد ترامب نفسه بالعدو الرئيس للعالم.

منطقُ بسيط

يرى نائب مدير معهد دول رابطة الدول المستقلة، فلاديمير إيفسييف، أنَّ البيت الأبيض يعتمد في تصرفاته مبدءًا بسيطًا جدًا، مفاده أنّ أيّ تدهور في العلاقات الروسية- الإيرانية، أو الروسية- التركية، سيقوِّي موقف الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، ومن ناحية أخرى، يرى الخبير العسكري أنَّ هناك وجهًا آخرَ للعملة”.

وبحسب بعض المعلومات، فقد كان اللوبي الإسرائيلي يساند الرئيس دونالد ترامب في حملته الانتخابية، وقد يكون عليه تنفيذ التزاماتٍ محدَّدة، تعهَّد بها في أثناء حملته الانتخابية تجاه دولة إسرائيل، وفي كلِّ حال، ستكون استعادة العلاقات مع إسرائيل أحد أكثر العوامل احتمالاً في سياسة الإدارة الأميركية الجديدة، مثلما يرى فلاديمير إيفسييف.

وكانت العلاقات بين تل أبيب وواشنطن قد شهدت تدهورًا ملحوظًا، خاصة في نهاية كانون الأول/ ديسمبر، عندما امتنع مندوب الولايات المتحدة في مجلس الأمن على قرارٍ، يمنع إسرائيل من بناء مستوطناتٍ جديدة على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وقد أكَّدتْ مصادر دبلوماسية أميركية -لاحقًا- أنَّ ذلك كان “قرارًا سياسيًا” اتخذه أوباما.

يذكِّر الخبير الذي يعدّ مزاج ترامب المعادي لإيران منطقيًا جدًا، إذا ما أخذنا نظرته السلبية إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، والمعروفة بـ “الصفقة النووية” مع إيران، ووقفت ضدها، أيضًا، منافسته في الانتخابات الرئاسية، هيلاري كلينتون، ويوضِّح إيفسييف: “لا تستطيع الولايات المتحدة إعاقة الاتفاق؛ لأنّه بات اتفاقًا مدعومًا بقرارٍ من مجلس الأمن، إضافة إلى ذلك، يعدّ اتفاقًا متعدد الأطراف. ولكنّ يحاول الأميركيون خلق شروط تجعل تنفيذه غيرَ ممكنٍ”، وفي رأي الخبير، يمكننا أن نلاحظ عدة عوامل معرقلة اتخذتها واشنطن. على سبيل المثال، عجز البنوك الإيرانية، حتى الآن، من الانضمام إلى نظام SWIFT. وكذلك العقوبات الأميركية الجديدة ضد إيران.

سياسة الصفقات

يحذِر مدير الأبحاث الأوروبية والدولية المركَّبة في كلية الاقتصاد والسياسة الدولية، تيمافيي برداتشوف، من أنه “الرئيس ترامب لن يكون، ولا إدارته، شركاء سهلين لروسيا، يمكنهم أنْ يسبِّبوا لموسكو عددًا من المفاجآت، خاصةً في مجال العلاقات الثنائية تجاه المسائل الحادَّة”. ويتوقع نائب رئيس المنتدى الاجتماعي الدولي في (مركز الإبداع التجريبي)، يوري بياللي، أنَّ “تلجأ إدارة ترامب إلى سياسة الصفقات، وسيلةً رئيسةً في سياساتها الخارجية، وقد يقترح البيت الأبيض على الكرملين عقد صداقة ضد بلدٍ ثالث كإيران أو الصين مثًلا. وهذا يندرج تمامًا ضمن منطق تلك السياسة(الصفقات)”.

وفي حين لا يستبعد المحلِّل أنَّ يكون “حشو المعلومات” الوارد في صفحات”WSJ استفزازًا فحسب، يهدف إلى جعل تنفيذ نيات ترامب بتطبيع العلاقات مع روسيا التي تدهورت من جراء النزاع في أوكرانيا، أمرًا مستحيلًا؛ إذ تسرّب القوى التي لا يلائمها تطبيع العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة معلوماتٍ حول احتمال تطور الأحداث التي لن تراها موسكو مقبولة، بداهةً. وترمي هذه الجهات، في واقع الأمر، إلى وضع موسكو وواشنطن في مأزقٍ لا مخرج منه.

يقول يوري لإيفسييف: “يجب ألَّا تكون علاقات موسكو مع إيران، مثل مع الصين، وغيرها من الدول، موضوعةً في سياق العلاقات الروسية – الأميركية، وينطبق الأمر نفسه على علاقات واشنطن مع تلك البلدان. إن هذه مسارات مختلفة، يجب ألَّا تتقاطع. وإذا تمكَّن الكرملين من المحافظة على هذا الخط، فإنَّه يستطيع متابعة تعاونه مع إيران، ذلك التعاون – بما فيه التعاون العسكري- المفيد للدولتين كلتيهما، دون إيلاء “الرسائل من وراء المحيط” أيَّ اهتمام.

احتقانُ خطِر

يلفت الخبير الاهتمام إلى أن تعقّد العلاقات بين واشنطن وطهران في الوضع الراهن مسألة مقلقة جدًا، بحدّ ذاتها.

ستجري في إيران، في الربيع المقبل، الانتخابات الرئاسية التي سيدخلها الرئيس الحالي، حسن روحاني، وهو في حال ضعفٍ؛ بسبب فقدانه الدعم الرئيس والسند القوي الذي كان يمثِّله الرئيس السابق، علي أكبر هاشمي رافسنجاني، الذي فارق الحياة أخيرًا. ولهذا سيتعزَّز موقف فيلق حراس الثورة الإسلامية، ولن يكون مستبعدًا أنْ يضطّرَّ روحاني، في حال إعادة انتخابه، إلى اتباع سياسة أكثر محافظةً، أي: إن عدم الودِّ مع واشنطن سيصبح من الطرفين، وليس من طرفٍ واحد وحسب؛ ما قد يتجلَّى في مواجهةٍ مفتوحة.

يرى كبير باحثي معهد الدراسات العربية والإسلامية في معهد الاستشراق، بوريس دولغوف، أنه “يجب على موسكو، إذا أرادت المحافظة على علاقتها مع طهران، أن تقنع إدارة الرئيس دونالد ترامب بأنَّ إيران لا تشكِّل خطرًا جديَّا، ويقول في هذا الصدد: “على الأرجح، يجب النظر بجديَّةٍ كافية إلى التصريحات التي يوردها الإعلام الأميركي. ومن الممكن أن تكون الإدارة الأميركية الجديدة تتطلَّع إلى “دقِّ إسفين” بين موسكو وطهران. ولكنني أعتقد أنّ على روسيا محاولة التأثير في الرأي السائد في الولايات المتحدة الذي يصوِّر إيران خطرًا على واشنطن وعلى حليفتها إسرائيل”.

يعتقد المحلل أنّ هذا الاعتقاد مغلوط من نواحٍ عدَّة، فيقول: “أعلن الإيرانيون أنفسهم مراتٍ عديدة، أنّ السبب الرئيس في مواجهتهم مع إسرائيل- هو المسألة الفلسطينية، التي سيلغي حلها أسباب النزاع في معظم الاتجاهات، وبقاؤها سيعمل على تصعيد الخطابات العدائية”.

 

عنوان المادي الأصليРазделяй и властвуй: готова ли Москва дружить с Вашингтоном против Тегера

 

اسم الكاتبفلاديمير أرداييف Владимир Ардаев
مكان النشرموقع وكالة ريا- نوفوستي
تاريخ النشر06-02-2017

 

رابط المادةhttps://ria.ru/world/20170206/1487281838.html
اسم المترجمسمير رمان

مقالات ذات صلة

إغلاق