اعتاد السوريون، ومعهم المراقبون، سماع كلمات مندوبي الدول الغربية دائمة العضوية في مجلس الأمن، صاحبة حق “الفيتو”، وهي تدين مواقف روسيا الداعمة للنظام فحسب، ولذلك؛ لم يكن مستبعدًا أن تستخدم روسيا أخيرًا، حق النقض “الفيتو” ضد مشروع قرار قدمته واشنطن وباريس ولندن إلى مجلس الأمن، ينص على فرض عقوبات على شخصيات وكيانات تابعة للنظام السوري.
وقالت المندوبة الأميركية الحالية في مجلس الأمن، نيكي هايلي، في كلمتها بعد الفيتو الروسي الصيني: إنه “يوم حزين في مجلس الأمن عندما تبدأ دول بخلق الأعذار لدول أخرى تقتل شعوبها”.
وأضافت هايلي: “إن استخدام الفيتو أمر مثير للغضب، ولا يجب السماح لنظام الأسد بأن يستخدم الكيمياوي مرة أخرى”، وأشارت إلى أن العالم “بات مكانًا أكثر خطورة بالتأكيد”.
حول الموقف الأميركي الجديد من القضية السورية، ولا سيما بعد تصريحات عديدة لمسؤولين أميركيين، عن تعاطٍ مختلف مع الملف السوري، تعدّه إدارة الرئيس ترامب، قال عقاب يحيى، عضو الهيئة السياسية لـ “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”: إن تلويح المندوبة الأميركية بمنع الأسد من استخدام الكيماوي مرة أخرى “مهم”، لكن “نأمل ألا يكون تكرارًا للمواقف السابقة، التي كانت في عهد أوباما، فالنبرة الأميركية السابقة كانت خطاباتها حادة بالتصريحات والخطابات، ومنخفضة بالفعل والأداء، ولم تقدم شيئًا ملموسًا”.
وفي سياق تقدير الموقف الأميركي عامة، لفت يحيى إلى أن وفدًا من الائتلاف، مكونًا من الأمين العام للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، عبد الإله فهد، وعضو الهيئة السياسية بدر جاموس، “زار الولايات المتحدة الأميركية منتصف شباط/ فبراير الماضي، وأجرى مباحثات مع أكثر من جهة وشخصية في الإدارة الجديدة، منها مايكل راتني مساعد نائب وزير الخارجية الأميركي، وكانت “اللقاءات مهمة، وفيها أفق إيجابي”.
وأوضح يحيى لـ (جيرون) أنه جرى في تلك اللقاءات بحث محادثات جنيف والموقف الأميركي الحالي، وعملية الانتقال السياسي بحسب القرارات الدولية الخاصة بهذا الشأن، وأشار الجانب الأميركي للوفد السوري إلى أنهم “غير فاعلين في جنيف حاليًا، لكنهم يراقبون، وهذا الوضع موقت ومرحلي”.
عبّر المسؤولون الأميركيون لوفد الائتلاف، بحسب يحيى، أنهم “لن يتركوا المنطقة بما هي عليها، ولن يجري التعامل مع ما يجري بالطريقة السابقة نفسها”، وأضاف أنهم وعدوا الوفد “بدعم المعارضة المعتدلة”.
أشار أيضًا إلى أن وفد الائتلاف سمع خلال لقاءاته رغبة من واشنطن “بتقليم الوجود الإيراني في سورية”، وبطرق وسياسات “جديدة لم يُفصَح عنها” من شأنها الوقوف بوجه “التمدد الإيراني الجاري في المنطقة”.
يظل الموقف الأميركي من الأسد ونظامه، وخطط التعامل معه، غير واضح، حتى الآن، وما زال في طور التلميحات وبناء الأفكار، وهذا واضح من غياب الفاعلية الأميركية في مفاوضات “جنيف 4” الحالية، وفي اجتماعات أستانا حول تثبيت وقف إطلاق النار، وعلى هذا؛ فإن خطاب السفيرة الأميركية هايلي، وموقف واشنطن في مجلس الأمن، يأتي في إطار تلك الملامح التي تتشكل، ويجب مراقبتها لنعرف اتجاهاتها في الأيام المقبلة.
يستند مشروع القرار حول فرض عقوبات على النظام السوري، على تقارير “لجنة التحقيق المشتركة” التي أقرت استخدام النظام لتلك الأسلحة في سورية بين عامي2014-2015.
أيد مشروع القرار في مجلس الأمن 9 دول، هي أميركا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا والسويد واليابان وأوكرانيا والسنغال والأورغواي، بينما عارضته كل من روسيا والصين وبوليفيا، وامتنعت مصر وكازاخستان وأثيوبيا عن التصويت.