أصدرت الهيئة الاجتماعية للعمل الوطني بالسويداء، في الأول من آذار/ مارس الجاري، بيانًا استنكرت فيه ما يجري من عمليات خطف متبادل بين محافظتي السويداء ودرعا.
وقالت الهيئة في بيانها: “منذ بداية المحنة، عمل أعداء الوطن على إثارة الفتن بين مكونات الشعب السوري، ومارسوا أشدها أذى، وهي الفتنة الطائفية التي رفضها أجدادنا عندما طرحها المستعمر الفرنسي، وردوا عليه الدين لله والوطن للجميع”.
وعدت الهيئة أن تلك الأعمال و”الجرائم البشعة”، حوادث “يراد منها الفتنة، وإسفين يُدق في جسم الوحدة الوطنية، والعيش المشترك بين مكونات الشعب السوري عامة، وفي السهل والجبل خاصة”.
وأوضح البيان أن الجميع ينتمون إلى “أسرة واحدة، نتشارك الأفراح والأتراح”، وأنه كما “فشلت تلك المحاولات سابقًا في النيل من وحدتنا الوطنية، ستفشل أيضًا بجهد الوطنيين الشرفاء، وإن كثر المفسدون”.
وقد ارتفعت وتيرة عمليات الخطف المتبادل، بين محافظتي السويداء ودرعا، ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأشهر الأخيرة، وارتفع عدد ضحاياها، بل لا يخلوا يوم من تناقل أخبار عن تلك العمليات التي تتعدى الخطف في بعض الأحيان، إلى السرقة والنهب والتهريب.
السيناريو بات شبه مكرر، يُختطف فيه شباب من السويداء، وتُطلب الفدية من ذويهم، أو التهديد بقتلهم، ويقدّم الخاطفون أنفسهم على أنهم من ريف درعا الشرقي المحاذي للمحافظة، ليخطف أهالي المخطوفين مدنيين من درعا؛ ما يدفع أهالي وعائلات درعا لتوفير الفدية عن مخطوفي السويداء؛ كي يُفرج بالمقابل عن أبنائهم، وهكذا يكون الابتزاز لأهالي المحافظتين.
انتشرت في الأيام الأخيرة أيضًا، ظاهرة خطف مواطنين من عشائر السويداء المقيمين في المحافظة، وذكرت صفحة “السويداء 24” أنه جرى اختطاف “جاسم حماده الحمد في أوضاع مجهولة في ريف السويداء الجنوبي”.
وقالت: إن الحمد وهو “من عشائر المنطقة”، كان متوجهًا “لشراء بعض الحاجات، وفُقد في المنطقة، ليأتي اتصال من شخص مجهول، ويطالب بفدية مالية مقابل إطلاق سراحه”.
وأضافت الصفحة بالمقابل أنه جرى الإفراج عن “رائد البريك بعد دفع ذويه فدية مالية، قدرها مليونان وستمئة ألف ليرة”، وكان قد “اختُطف قبل أيام من مسلحين مجهولين”.
وذكرت “السويداء 24” أنه عُثر على “جثة موسى حسين سليم السكري قرب قرية المشنف”، شرق السويداء، تعود “للشاب الذي ينحدر من قرية الكرك الشرقي في ريف درعا”.
وأوضحت الصفحة أن السكري “اختطف منذ أسبوع في أوضاع مجهولة، حيث يعمل في أحد مطاعم المحافظة، وطالب خاطفوه بمبلغ 50 ألف دولار مقابل إطلاق سراحه”، لكن “ذويه لم يتمكنوا من دفع الفدية”.
يُشار إلى أن النظام لم يدّخر جهدًا طوال السنوات الست الماضية، ليوقد نار الفتنة في الجنوب السوري بين محافظتي درعا والسويداء، لكنه لم ينل ما يشتهيه، وبقيت الأمور منضبطة بنسبة كبيرة، عدا عبث ضعاف النفوس في نقاط محددة ومعزولة، أو على صفحات التواصل الاجتماعي التي يديرها أزلام النظام.
يرى المهندس سمير البكفاني أن “بعض ضعاف النفوس الذين رباهم النظام، وجدوا في الانفلات الأمني الحاصل، فرصة لابتزاز الناس وجني الأرباح”، وهذا يتم إما “بأعمال منفردة، أو بشراكة مع عناصر النظام، وكلا الحالتين يجدها النظام أنها مفيدة له”.
وأضاف البكفاني أن النظام “يدرك مواقع الفجوات التي تعمقت في المجتمع السوري، بسبب سياساته في العقود الماضية، وهو غالبًا يحاول إظهار نفسه بموقع العاجز عن إيجاد حلول لها”، ويهدف إلى “ضمان الولاء”، بما فيها “عمليات التهريب النشطة، حيث يقدمها حوافز لتلك العصابات، مقابل ترويع الناس وترهيبهم وابتزازهم”
يوضح البكفاني أن هدف النظام “تعميق الشرخ بين مكونات الوطن”، على طريقة “فرق تسد”، وهذا ما يستفيد منه حاليًا؛ “لتشتيت جهد السوريين الذين ثاروا ضده، ويضمن عدم التقائهم مع بعضهم”.
يؤكد البكفاني أن هناك “جهد طيب ومشكور، من بعض الوجوه الاجتماعية من المحافظتين، استطاعت الحد من تفاعلات الموضوع خلال المرحلة الماضية”.
لكن هذه الظاهرة ستبقى مقلقة، بحسب البكفاني؛ “لأن معالجتها جذريًا تحتاج إلى بنية سياسية تختلف عن السائدة بوجود النظام الذي يرعى الجرائم ويرتكبها”، ولفت إلى أن “وجود مناخ ثقافي سليم -بعد انتهاء النظام- يمكنه أن يعمل على تعبئة الرأي العام والنهوض بالمجتمع، وتفعيل النشاط المدني الحر بمستوياته كافة، وهو الذي يستطيع إعادة المجتمع إلى حراكه الطبيعي، ويقود إلى ظهور شخصيات وطنية مؤثرة، يمكن لها أن تقوم بالدور المنوط بها”.
تعليق واحد