“يدافع ستيفن بانون عن السيناتور جوزيف مكارثي لحملته الصليبية ضد الشيوعيين.” تصوير: ايفان فوزتشي /اسوشيتد برس
يكذب دونالد ترامب روتينيًا عن نفسه، وعن إنجازاته، وأعماله التجارية ومعارضيه. هذه هي الطريقة التي فاز فيها بالسلطة السياسية العليا. لم يعد الكذب مستغربًا.
صباح السبت 4 آذار/مارس، كان أمرًا مثيرًا إطلاق ترامب تغريدة في الرئيس السابق أوباما، تتهمه بالتنصت على هواتفه في برج ترامب، نظرًا إلى عدم وجود أيّ دليل على وقوع ذلك. وبطريقة كاشفة ومعبرة أظهرت تغريدته -أيضًا- أن دونالد ترامب لا يملك أيّ حسٍ بتاريخ المنصب الذي يشغله، أو بتقاليده.
جَهْلُ الرئيس ترامب بأساسيات تاريخ الولايات المتحدة يتضاعف عند الفريق المحيط به، ففي الخطاب الأول أمام موظفيه في وزارة الإسكان والتنمية الحضرية، ساوى الوزير بن كارسون بين معاناة العبيد والمهاجرين.
وبعد تسمية أميركا “أرض الأحلام والفرص”، كانت الكلمات المذهلة التي تلتها: “كان هناك المهاجرون الذين جاؤوا إلى هنا في قاع سفن العبيد، وعملوا لفترة أطول، وأصعب، ولمدةٍ أقلّ، ولكن كان لديهم أيضًا حلم أنَّ يومًا ما قد يتنعم أبناؤهم وبناتهم وأحفادهم، وحفيداتهم، وأولاد أحفادهم، وأولاد حفيداتهم، بالرخاء والسعادة على هذه الأرض. ”
كان الغضب مباشرًا؛ فالوزير الذي لديه المؤهلات الأكاديمية الأرقى (أشهر جراح أعصاب في أميركا) من أيّ شخصٍ في حكومة ترامب، يتشبث بهذه الحماقة في مقابلاتٍ لاحقة، وفي تويتر ذهب إلى أبعد من ذلك في ورطته، وبإصرارٍ، “يمكنك أن تكون مهاجرًا من دون إرادتك.” وفي وقتٍ لاحق، كما يقطّع الأطراف بالمنشار، تراجع كارسون أخيرًا، وهذه المرة في الفيسبوك.
“أنا فخورٌ بشجاعة ومثابرة الأميركيين السود، ونضالهم للانتقال من العبودية إلى الحرية”، وذكر في منشوره. “أنا فخورٌ أنّ أسلافنا تغلبوا على الشر والقمع الذي نعرّفه بالعبودية. سردية الرقيق وسردية المهاجرين هي تجارب ومعاناة مختلفتين تمامًا.”، “وأضاف،” انتُزع العبيد من أسرهم ومنازلهم، وأُجبروا ضد رغبتهم، بعد أن بيعوا عبيدًا من تجار الرقيق.”
وزيرة التعليم الجديدة، بيتسي ديفوس، تخلّت عن تأكيدها وقت التصويت، بعد إظهارها الجهل المذهل بسياسة التعليم الاتحادية، وفي تاريخ الفصل/التمييز العنصري في التعليم العالي.
أولًا، دعا الرئيس ترامب رؤساء الكليات السود -تاريخيًا- والجامعات إلى البيت الأبيض، إلى ما اعتقدوا أنه حديث موضوعي، وبدلًا من ذلك استُخدموا في صورة وحديث مختصر مع الرئيس، بعد ذلك أشادت ديفوس بالمدارس السود تاريخيًا، ووصفتهم بـ “الرواد الحقيقين” لخيار المدرسة.
لقد أُسست هذه المدارس بعد الحرب الأهلية الأميركية؛ لأن الأميركيين السود لم يتمكنوا من دخول المدارس التي تطبق سياسة الفصل العنصري؛ خيارٌ لم يكن لهم يد فيه في بداياتهم.
وعندما تسببت تعليقاتها السخيفة بضجةٍ في وسائل التواصل الاجتماعي، كانت أقرب إلى العاصفة التي واجهت كارسون، تراجعت ديفوس أيضًا، وأصدرت بيانًا قالت فيه: إنّ تاريخ الكليات وجامعات السود” وُلد ليس من خيارٍ، وإنما بدافع الضرورة في مواجهة العنصرية، في أعقاب الحرب الأهليّة”.
وكان رد الفعل على شبكة الإنترنت على هذه التعليقات مباشرًا وشديدًا، فقد ظهر، والحمد لله، أنّ كثير من الأميركيين قد استوعبوا الدروس من التاريخ العنصري في البلاد.
وأخيرًا، في أكبر سخريةٍ في الأسبوع، فجرت شبكة CNN قصةَ أن الشخصية الخيالية عند ترامب، ستيفن بانون، قد دافع عن السيناتور جوزيف مكارثي في حملته الصليبية ضد الشيوعيين. أندرو كاتشينسكي، وهو مراسل CNN المعروف عنه بنبش البيانات غير المكتشفة عن شخصياتٍ سياسية، وجد خطابًا في 2013، أشاد فيه بانون بـديماغوجية ويسكونسن الكاذبة؛ لاستئصال الحمر(الشيوعيون) في حكومة الولايات المتحدة.
حسنًا، لقد أصدر التاريخ حكمه على المرحلة المكارثية، بقوائمها السوداء المخزية وفرض شهادته أمام الكونغرس؛ المكارثية واحدة من أحلك فصول السياسة الأميركية الحديثة. مكارثي ونائبه، روي كوهن (المدعي العام أيام مكارثي وحملته الشهيرة)، مرشدًا ومعلمًا لدونالد ترامب في نيويورك، تعرضا كلاهما للفضيحة، وفقدا صدقيتهما؛ لاتهاماتهما الكاذبة وحكمهما الإرهابي الذي دمَّر -بلا داعٍ- كثيرًا من الناس الذين خدموا بلادهم.
في كل هذه الحالات، يُلوى عنق التاريخ لخدمة أغراضٍ سياسية نفعية؛ خدمةً لأجندة اليمين العنصري المعادي للمهاجرين. تلك الأساليب -بالتأكيد- هي التي كان جو مكارثي سيوافق عليها.
اسم المقالة الأصلي | Alternative history: the dangerous byproduct of fake facts |
الكاتب | جيل أبرامسون، Jill Abramson |
مكان النشر وتاريخه | الغارديان، The guardian8/3 |
رابط المقالة | https://www.theguardian.com/commentisfree/2017/mar/08/forget-alternative-facts-the-trump-administration-is-giving-us-alternative-history?utm_source=esp&utm_medium=Email&utm_campaign=GU+Today+main+NEW+H+categories&utm_term=216539&subid=21764362&CMP=EMCNEWEML6619I2 |
ترجمة | أحمد عيشة |