تحقيقات وتقارير سياسية

البرجوازية الاجتماعية

أتت كلمة (برجوازية) من اللغة الفرنسية، خلال القرون الوسطى، للدلالة على السكان الذين يتمتعون بالحقوق المدنية، ولهم حق العيش داخل المدن، وتعني كلمة (bourg) باللغة العربية (المدينة)، كما يمكن عدّها تدل على أعلى شريحة في الطبقة المتوسطة، وتندرج داخل طبقة النبلاء وطبقة الأرستقراطيين.

ويرى المتخصصون أن هذه الطبقة هي التي تسيطر وتحكم المجتمع الرأسمالي، وأنها طبقة غير منتجة تعيش على الأرباح التي تجنيها من تعب العمال، ولا سيما أنها تسيطر على وسائل الإنتاج، وفي نظر الماركسيين؛ فإن هذا أحد أهم الأسباب لمحاربة هذه الطبقة، فضلًا عن أن هذه الطبقة لم تتمتع بعلاقة طيبة مع السواد الأعظم من الشعب؛ المتمثل بالعمال وصغار الكسبة، وكان كارل ماركس قد رأى أن البرجوازية تنشر مفهومات مغلوطة للعالم، وتسعى إلى إعادة تشكيل العالم؛ ليصبح على صورتها، وبالتناسق مع مفهوماتها الخاصة.

وبحسب “معجم المعاني”، فإن البرجوازية “طبقة اجتماعية وسطى، نشأت في عصر النَّهضة الأوربيَّة بين الأغنياء والزُّرّاع، وأصبحت دعامة النِّظام النيابيّ، ثمَّ صارت في القرن التَّاسع عشر الطَّبقة التي تمتلك وسائل الإنتاج في النِّظام الرَّأسماليّ وقابلتْ بهذا طبقة العمَّال”.

ويشير المعجم أيضًا إلى أن ما يُسمى بـ(الأدب البرجوازي) هو ذلك الأدب المتخصص بالحديث عن “هموم الطبقة الوسطى” فحسب، وأنه يضع هموم “سواد الشعب” خلف ظهره.

بينما قاموس “ميريام ويبستر” يُعرف البرجوازية بأنها “طبقة أو مجموعة من الناس، يتمتعون بسلوك اجتماعي، وتصورات سياسية متأثرة بالمنفعة الذاتية”، ويوضح أن الكلمة تشير -أيضًا- إلى “نظام اجتماعي مُسيطر عليه من الإقطاع الاجتماعي”.

وعبر الزمن، تمكنت الطبقة البرجوازية من امتلاك قدرات كبيرة، مكنتها من التحكم بمقدرات الشعوب والسيطرة على الإنتاج، وأنها امتلكت أكثر المفاصل الحساسة للدولة وأجهزتها، ما ساعدها في التحرك بالقوانين وأنظمة الحكم نحو تحقيق مصالحها الخاصة، وزيادة نفوذها الاقتصادي والسياسي.

وكتبت الدكتورة عائشة الحكمي، في مقالة نشرتها في موقعها الخاص: “في بداية العصور الوسطى، حين كانت المدن لا تزال تُبْنى وتتوسع، ظهر التجار قوةً اقتصادية أساسية، كوّن التجار منظمات شبيهة بالنقابات الحديثة، ومؤسسات وشركات؛ لتعزيز الأعمال التجارية الخاصة بهم.. هؤلاء التجار كانوا نواة البرجوازية الأولى”، وأضافت: “في أواخر العصور الوسطى تحالف هؤلاء التجار مع الملوك؛ للتخلص من النظام الإقطاعي، ومن ثمّ؛ صعدوا شيئًا فشيئًا؛ ليصبحوا الطبقة الحاكمة في الأمم التي انتقلت إلى مرحلة الإنتاج الصناعيّ، وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر دعمت البرجوازية الثورتين: الأميركية والفرنسية للقضاء على القوانين والأنظمة الإقطاعية، وتمهيد الطريق للتوسع في التجارة”.

إضافة إلى أن الماركسيين يعتقدون بأن الطبقة العاملة، لا بد من أن تصطدم مع الطبقة البرجوازية في جميع المجتمعات، منذ الثورة الصناعية، ولا سيما أن الطبقة العاملة (البروليتاريا) ترى نفسها فريسة جشع الطبقة البرجوازية ووقودها في سعيها إلى امتلاك سلطة اقتصادية وسياسية أكبر فأكبر.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق