قضايا المجتمع

محكمة الإرهاب في دمشق تحاكم نساء بريئات في عيدهن

أصدرت محكمة الجنايات الأولى، التابعة محكمة الإرهاب في دمشق، الأربعاء 8 آذار/ مارس 2017، الذي وافق الاحتفال باليوم العلمي للمرأة، أحكامًا متفاوتة بالسجن على عدد من السيدات السوريات المعتقلات في سجن عدرا المركزي، فقد قضت المحكمة بسجن كل من ميادة الأسطة، وإخلاص محمد، عشرين سنة، وقضت بسجن كل من الشقيقتين ناديا جمعة، ودلال جمعة عشر سنوات.

وأصدرت المحكمة الميدانية العسكرية في دمشق، أحكامها بالسجن على كل من السيدة علا مخزومي، وابنتها فاديا رحيمة، لمدة ثلاثة عشر سنة وأربعة أشهر، لكل منهما.

وقالت الناشطة بشرى، وهي معتقلة سابقة في سجون النظام، ومهتمة بقضايا المعتقلات لـ(جيرون): “لقد صدرت هذه الأحكام بشكل جائر من محكمة الإرهاب، فإخلاص محمد فلسطينية من سكان منطقة الحسينية في ريف دمشق، اعتقلها في تشرين الأول/ أكتوبر 2013، فرع الخطيب بدمشق، بتهمة خطف ضابط من جيش النظام، ولاتزال في سجن عدرا، وليس هناك أي دليل حقيقي على التهمة الموجهة إليها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشقيقتين، ناديا ودلال جمعة من مدينة حلب، الموقوفتين منذ 2015، في سجن عدرا بتهمة تمويل الجماعات الإرهابية، دون أي دليل يثبت هذه التهمة، إلا الأقوال التي تُنتزع عادة في الفروع الأمنية، ويعتمدها قضاة محكمة الإرهاب”.

بينما كانت التهم الموجهة إلى كل من علا مخزومي، وابنتها فاديا رحيمة، هي إستدراج ضباط من جيش النظام، ومحاولة تسليمهم لفصائل المعارضة المسلحة، ما استدعى تحويلهن للمحاكمة أمام المحكمة الميدانية العسكرية، وصدور الأحكام المذكورة بحقهن دون أي دليل، كما تقول بشرى.

جاءت محكمة مكافحة الإرهاب في سورية استجابة لـ قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 الذي أصدره النظام في 28 حزيران / يونيو 2012، وتضمن في مواده تعريفات للعمل الإرهابي، والمنظمة الإرهابية، وتمويل الإرهاب، إضافة إلى العقوبات المترتبة على كل فعل من هذه الأفعال.

وبعد ذلك، أحدث النظام المحكمة في العام نفسه (2012)، بموجب “القانون” رقم 22 الصادر عن رئيس النظام، بشار الأسد، وتحدث عن هيكلية المحكمة وكيفية تشكيلها، وآلية عملها؛ وتتألف من ثلاثة قضاة، كل منهم برتبة مستشار، رئيس وعضوان، أحدهما عسكري، يُسمَّون بمرسوم؛ بناء على إقتراح مجلس القضاء الأعلى.

لم تتبع محكمة الإرهاب منذ تأسيسها، وحتى اليوم أصول المحاكمات، بل لاتزال تصدر أحكامها إصدارًا مُسيّسًا، ومتحيزًا وغير عادل، بحق المعتقلين دون أي حساب لوجود أدلة مادية أو واقعية تدين فعلًا هؤلاء المعتقلين بالجرائم المنسوبة إليهم.

توجه التهم للمعتقلين من خلال الضبوط الأمنية، وعادة ما يجري إعتماد هذه الضبوط من قضاة المحكمة، ويعد الناشطون السلميون والمواطنون العاديون أغلب المحالين إلى هذه المحكمة.

ويصدر الحكم عليهم في غياب تام للادلة التي تستند إلى إتهامات النيابة العامة الخاصة بالمحكمة، ولا يهتم القاضي بإنكار المتهمين أمامه، ولا يعير انتباهًا لآثار التعذيب التي تكون بادية عليهم في معظم الأحيان، وغالبًا ما تصدر المحكمة أحكامها بالإعدام، وتعدّ أكثر محكمة تُصدر الأحكام بالإعدام؛ إذ فاقت في عدد أحكامها المحكمة الميدانية العسكرية.

وبحسب اتفاقيات جنيف، فإنه يحظر على الدول أن تصدر وتنفذ أحكام الإعدام، خارج نطاق القانون، ونظام الأسد ينتهك من خلال هذه المحكمة اتفاقيات جنيف انتهاكًا واضحًا، من خلال العدالة الصورية لمحكمة مكافحة الإرهاب التي تفتقر إلى أبسط الضمانات الأساسية للنزاهة والعدالة.

كذلك تنتهك محكمة الإرهاب أصول المحاكمات المتبعة عمومًا، ومعايير القضاء التي نصت عليها القوانين الدولية، إبتداءً من ضمانات إلقاء القبض، والاستماع والتحقيق، وصولًا إلى أن يكون هناك محامون يسمح لهم بالدفاع عن المعتقلين، وتلك أبسط الحقوق، إضافة إلى خرق القاعدة القانونية الشهيرة التي تقول بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، أي مبدأ أن الأصل هو البراءة، ما يشكل ذلك جريمة حرب، وربما جريمة ضد الإنسانية.

لا تكاد محكمة الإرهاب، تختلف من ناحية إجراءات المحاكمات، وصدور الأحكام تختلف كثيرًا عن المحكمة الميدانية العسكرية، كونها تعدّ من القضاء الاستثنائي، ويعد إنشاؤه أسلوبًا شاذًا من أساليب أنظمة الحكم الشمولية، التي لا تقبل إختصاص القضاء العادي في جرائم أو منازعات بعينها، إذ تسعى هذه المحكمة بالنتيجة إلى قمع وكتم الأصوات المعارضة للنظام؛ لضمان استقراره، واستمرار سيطرته على جميع نواحي الحياة في البلاد.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق