أدب وفنون

لن أغادر حمص/ الوعر

في ذكرى ثورة 15 آذار/ مارس 2011

أنا باقٍ، لن أغادر حمص/ الوعر، حمص العدية، مدينة جوليانا أم الأباطرة، وزنوبيا ملكة تدمر عاصمة الصحراء، حمص مدينة خالد بن الوليد، والشهيد الأب فرانس، فأرواح شهدائها تطوف في سمائها من: هادي الجندي وجمال الفتوة ومظهر طيارة وعلي العيسى وخالد المبارك وخالد الحافظ، وغسان عبد الصمد، قائمة شهداء عاصمة الثورة طويلة… حمص حي باب السباع الذي ولدت فيه، وأحياؤها الأخرى من حي الوعر غربًا إلى الغوطة والحميدية والزهراء شرقًا، في كل منها لي أخوةٌ وأصدقاء ورفاق درب.

حمص عشيقتي الأجمل التي سكنها التاريخ، وعشش فيها عبقه، في أسواقها وحماماتها ومساجدها وكنائسها العتيقة. حمص/ الوعر عرفته في بداية الستينات مُعلمًا، عشت بين أهله الطيبين، وسكنته عام 1970، فله دين برقبتي، ولي فيه أخوة وأحبة وأصدقاء.

مع السلامة يا أخوتي الذين فرض عليكم التهجير القسري، ولمن يرغب في الخروج، وأهلًا وألف تحيةٍ بمن اختار البقاء، أما أنا؛ فلن أخون صاحبي، فلم أسعَ منذ عام 2003، للحصول على جواز سفر، فقد قررت مع فجر ربيع دمشق عام 2000 البقاء، لن أغادر وطني الحبيب سورية ومدينتي، وحي الوعر، الأجمل، عشيقة روحي، وسيدة مدن العالم.

يا صاح: لا تلم كفي إذا السيف نبا………………… صح العزم مني والدهر أبى
أمست حمص خرابًا، أبكيها قلبًا قبل العينين، لكننا بعون الله سنبنيها، ونعيد الاندماج المجتمعي الذي يتشظى الآن. حياة الحوراء، الزوجة والصديقة، تقف إلى جانبي تشد من أزري. يا أخت مريم وفاطمة وخولة والخنساء، يارفيقة الدرب الحنون والأحب، إذا رغبتِ بالخروج سأحترم قرارك، ترافقك السلامة وترعاك العناية السماوية، وإذا اخترت البقاء سأصونك داخل عيني. دعينا يا صديقتي ننتظر خروج المعتقلين من السجون والأقبية على ضفاف اللهفة، لنقبل كل فرد منهم ونقول له: الحمد لله على سلامتكم، وتغمد الله برحمته الشهداء منكم.

تعالوا يا أبناء حمص/ الوعر الكرام، يا من صبرتم على جور الحصار وشدة الحرب صبر أيوب ونيف، طوال خمس سنوات، تعالوا يا إخوتي لنعلن البقاء في بقايا أبنيتنا في حي الوعر، وهو الأقرب إلى حمص، الوعر ذو النسيم العليل؛ لنبني الحي من جديد بوجودنا، ونعيد المدارس؛ لتدفع الى الجامعات النوابغ والمتفوقين، فالكرامة والحرية في البقاء، ولتذهب الهدن والاتفاقيات إلى الجحيم، فالحل السياسي الشامل لسورية آت، آت، تعالوا أيها الأحبة المقيمون في حمص/ الوعر لنحضن الحي، وليحضننا جميعًا، فأبناء حمص عصاةٌ على غدر الزمن، والدول كالعاصي الذي يتجه وحيدًا نحو الشمال منذ الأزل.

أنا باقٍ، لن أغادر مدينتي التي أحب حمص/ الوعر، فالأوطان هي الباقية، والشعوب هي الأصل، أما الحكام فهم الذاهبون والآفلون. عاشت سورية موحدة حرة أبية ذات سيادة.

الوسوم

مقالات ذات صلة

إغلاق