تحقيقات وتقارير سياسية

ترامب في مواجهة الإعلام… هل يغيّر التاريخ ناموسه

منذ أن قرّر الرئيس الأميركي الغريبة أطواره، رونالد ترامب، أن يترشح لمنصب الرئاسة، وهو يعادي الإعلام، فلقد دخل أكثر من مرة في معارك وتهديدات مع الإعلام المرئي والمكتوب، وبعد أن بات رئيسًا، انتقل من التهديد إلى التنفيذ؛ فاتهم الإعلام بأنه “عدو الشعب الأميركي”، مانعًا كبار المؤسسات الإعلامية مثلCNN,ABC,NBC,NEWYORKTIMES LOS ANGELES TIMES, WASHINGTON POST وغيرها، إضافة الى صحافيين وصحافيات، من دخول البيت الأبيض لحضور المؤتمرات الصحافية، مقاطعًا أيضًا العشاء التقليدي لصحافيي البيت الأبيض؛ ما دفع كثيرًا من الصحافيين إلى مقاطعة هذا الرئيس.

يبدو أن للجمهوريين مشكلة مع الإعلام، وعلى العقلاء في الحزب الجمهوري، إن وجدوا، أن يذكّروا ترامب بأن هذا العام هو الذكرى الخامسة والثلاثين لفضيحة “ووترغيت”، التي أدت إلى إجبار الرئيس الجمهوري، ريتشار نيكسون، على الاستقالة؛ نتيجة هذه الفضيحة. من أسقط نيكسون لم يكن الكونغرس، بل كان الإعلام الأميركي، فلقد استطاع الصحافيان: كارل برنستين وبوب وود ورد من الواشنطن بوست، أن يتابعا تحقيقاتهما الصحافية التي شجعت شخصًا يحمل معلومات عن هذه الفضيحة التي هزّت الحزب الجمهوري، إلى كشف ما يعرفه لبوب وود ورد. كان هذا الشخص المجهول الذي اصطلح على تسميته في تلك الفترة بـ “ديب ثروت”، بأن لديه معلومات تشير إلى أن هناك علاقة بين عملية السطو، والتجسس، ومحاولة التغطية عليها، وبين جهات رسمية رفيعة، مثل وزارة العدل، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة الاستخبارات المركزية، وصولًا إلى البيت الأبيض.

وقبل نيكسون، وفي مطلع خمسينيات القرن المنصرم برز نجم السيناتور، جوزيف مكارثي. تلك المرحلة السوداء التي لطّخت تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، “المكارثية” التي حاربت القوى الديمقراطية، وخاصة الكتاب، والفنانين، وكبار النجوم الهوليوديين، ومن أسقطه كان الإعلام، فقد كشفت مجموعة من الإعلاميين زيف اتهامات وادعاءات مكارثي؛ ما أدى إلى انهياره.

يفتح الرئيس ترامب، على نفسه أكثر من جبهة، فإضافة إلى جبهة الإعلام، هناك جبهة القضاة، والمهاجرين، والقوى الديمقراطية، ومن يدري كم من الجبهات الأخرى قد يفتح على نفسه.

تحيط بالرئيس دونالد ترامب فضيحة التدخل الروسي في الشأن الانتخابي للولايات المتحدة الأميركية، إذ كشف الإعلام الأميركي أن كبار مساعدي الرئيس ترامب، كانوا، في رأثناء حملته الانتخابية ضد الوزيرة كلينتون، على اتصال مباشر مع القوى المؤثرة في الجانب الروسي، وساعدت اختراقات بريد اللجنة العليا للحزب الديموقراطي في نجاح ترامب في معركته الانتخابية.

كان سقوط الجنرال مايكل فلينت، مدير مجلس الأمن القومي، هو بداية الفضيحة التي أخذ الإعلام يعطيها تسمية “الأعراض الروسية”، وقد تساقط عدد من مساعدي ترامب، وقد أدى سقوط الجنرال فلينت إلى تخوف أكثر من جنرال من قبول هذا المنصب؛ بسبب هذه الفضيحة التي قد تكون فضيحة العصر في التاريخ الأميركي.

كشف الإعلام -اليوم- أن الرئيس ترامب -أيضًا- على اتصال مع القيادات الروسية، وعلى رأسها الرئيس بوتين، وفضيحة إجابته عن سؤال حول بربرية بوتين، ثبتت مبدأ “الأعراض الروسية”، حيث استهجن أكثر من سيناتور جمهوري، إضافة إلى الديمقراطيين، جوابه الذي ذكر فيه أن سياسي أميركا ليسوا أبرياء من الدم.

الأعراض الروسية، لن تكون فقط هي العامل الذي قد يؤدي إلى استقالة الرئيس ترامب، فمعاداته أيضًا للقضاء، هي الأخيرة قد تشكل فضيحة كبيرة، فليس هناك سابقة في تاريخ الولايات المتحدة، تهان به السلطة القضائية، سواء في محاكمة جامعته، أو إهانته للقاضي الذي أسقط أمره الإداري حول الهجرة، كونه غير دستوري، وكذلك لمحكمة الاستئناف التي أكّدت لا دستورية أمره الإداري هذا.

معاداة الرئيس ترامب للإعلام لن يفيد بشيء، بل على العكس، قد يفقده منصبه، إسوة بما حدث لمكارثي ونيكسون، ليس هذا فحسب، بل -أيضًا قد يخسر الحزب الجمهوري سيطرته على الكونغرس الأميركي بعد سنتين من الآن، ونقل الإعلام الأميركي أن الجماهير الغاضبة، قد أخذت تحاسب ممثليها، في أكثر من اجتماع، نتيجة فشل هؤلاء بإيجاد بديل للتأمين الصحي الذي أقرّه الرئيس أوباما. الإعلام يرتدي أهمية قصوى في السياسة، قد يرفع كثيرين ويسقط من يعاديهم من أمثال ترامب.

الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

إغلاق