سورية الآن

خطوات ترامب في سورية تُحيّر المراقبين الأميركيين

حيّرت الخطوة التي أقدمت عليها إدارة الرئيس دونالد ترامب بنشر نحو 6000 «مستشار» عسكري أميركي في سورية لتعزيز صفوف «المستشارين» الـ600 المنتشرين أصلاً في الأراضي السورية شرق الفرات، منذ قرابة عام، غالبية الخبراء الأميركيين وأثارت تساؤلات لدى المتابعين لتطورات الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش).

وكانت القيادة الوسطى في الجيش الأميركي نشرت، الأسبوع الماضي، 4000 من «المارينز» شرق الرقة، معقل «داعش»، مع مدافع «هاوتزر» من عيار 155 مم قادرة على إصابة أهداف على بعد 40 كيلومترا، وباستخدام قذائف موجهة بتقنية «نظام تحديد المواقع» (جي بي اس).

وإلى «المارينز»، نشرت واشنطن قرابة 2000 عنصر من الجيش الأميركي، مع ناقلات جند مؤللة، في بلدة منبج السورية الشمالية، التي تبعد 30 كيلومتراً غرب الفرات.

ومنذ إعلان خبر مضاعفة القوات الأميركية في سورية، حاول الخبراء المتابعون الاستفسار من إدارة ترامب عن مهمة الجنود الأميركيين المنتشرين في ثلاث قواعد بسورية، هي «قاعدة توماس» قرب عين العرب – كوباني، وغرب الرقة، وفي منبج.

وحاول الناطق باسم البيت الأبيض شون سبايسر التلاعب بالألفاظ، والإصرار على أن انتشار 12000 جندي أميركي في سورية لا يعني «جزمات على الأرض»، وهي العبارة التي يستخدمها الأميركيون للإشارة إلى قيام حكومتهم بنشر قوات برية.

كما أصرّ سبايسر على أن من تم نشرهم في سورية ليسوا جنودا، بل مستشارين عسكريين، وهو ما دفع أحد المراقبين إلى التعليق متهكماً بالقول إن «الولايات المتحدة ترسل مستشاريها العسكريين إلى سورية، وترسل مع المستشارين مدافعهم الهاوتزر».

وتشير التقارير المتواترة من شمال شرق سورية إلى أن واشنطن تتوقع إطباق الخناق على مدينة الرقة وبدء فرض حصار عليها في غضون الأسبوع الجاري.

وتستند أميركا، في الحصار الذي تهندسه على الرقة، الى «قوات سورية الديموقراطية» (قسد)، وهي ميليشيا مقاتلة غالبيتها من الأكراد ممن تعتقد أنقرة انهم مرتبطون بـ«حزب العمال الكردستاني»، الذي تصنفه تركيا إرهابياً.

ومنذ تولي ترامب الرئاسة، عكف مستشاره للأمن القومي مايكل فلين، قبل أن يتم إجباره على الاستقالة، على محاولة إقناع ترامب وفريقه بوجهة النظر التركية، لناحية حاجة واشنطن إلى تسليم الداعية التركي المعارض المقيم في ولاية بنسلفانيا فتح الله غولن إلى السلطات التركية. كذلك، حاول فلين إقناع إدارة ترامب بالتخلي عن التحالف مع «قسد»، والاعتماد على الجيش التركي وحلفائه من المعارضين السوريين لاستعادة الرقة.

ولاحقاً، تبيّن أن فلين كان يتلقى أموالاً ليلعب دور «لوبي» لمصلحة أنقرة، بعدما أُجبر على الرحيل بسبب «كذبه» على نائب الرئيس مايك بنس ونفيه، زوراً، الاتصال بسفير روسيا في واشنطن.
ويبدو أن الضباط الأميركيين هم الذين يعارضون التخلي عن «قسد»، ويعتبرون أن ذلك سيكون مثل تخلي واشنطن في العام 2012 عن حلفائها «قوات الصحوات»، وهي الميليشيا التي شكلها أبناء عشائر غرب العراق، ولعبت دوراً محورياً في طرد تنظيم «القاعدة» من العراق.

هكذا، في وقت أصبحت الرقة في مرمى نيران قوات «المارينز» الأميركية، مازالت خطة ترامب الحربية لاستعادة المحافظة السورية من سيطرة «داعش» غير واضحة. ومازالت إدارة ترامب تحاول زيادة عديد قواتها في سورية بعيداً عن الاضواء، بالاستناد الى «قانون استخدام القوة العسكرية» الذي صادق عليه الكونغرس على اثر هجمات 11 سبتمبر 2001 لمحاربة الإرهاب.

لكن الرأي العام الأميركي صار يتذمر من أن الإدارات الأميركية المتعاقبة تستند إلى هذا القانون لشن هجمات عسكرية، أو حتى نشر قوات أميركية برية، في دول عدة منها العراق وسورية واليمن وليبيا والصومال.

ويعتقد الأميركيون، خصوصاً «الحزب الديموقراطي» المعارض، أن على الإدارة اللجوء إلى الكونغرس لنيل موافقته قبل البدء بشن أي حرب في دول جديدة، مثل سورية، ولكنها خطوة لا يبدو أن ترامب، ولا الغالبية الجمهورية في «الحزب الجمهوري»، ينوون القيام بها، لأنها تجذب انتباه الأميركيين نحو حروب تسعى الإدارات الأميركية المتعاقبة إلى إبقاء الأخبار عنها خارج دائرة الضوء.

Author

مقالات ذات صلة

إغلاق