اختتمت شبكة (جيرون) الإعلامية، أمس (الجمعة)، احتفاليتها “ثورة لحقوق الإنسان” التي أقامتها بمناسبة الذكرى السادسة للثورة السورية، بعرض لفيلم “شكسبير في الزعتري”، وبقراءات شعرية، وتخلل الاحتفالية التي أقيمت في السادسة مساء، في مقر مركز (حرمون) في مدينة غازي عينتاب التركية، شهادات لناشطين في مجالات مدنية، سياسية وعسكرية.
قرأ الشاعر ياسر خنجر، ابن الجولان السوري المحتل، بعض قصائده التي كتبها منفعلًا بالحدث السوري وبتداعياته، فالحدث السياسي الذي تحول لاحقًا إلى إنساني، على غرار ما يجري في سورية، يحتاج “إلى حامل أدبي- ثقافي لتوثيقه، ليس بالمعنى السياسي، وإنما لحمايته للتاريخ، كما قال درويش: “من يكتب حكايته، يرث أرض الكلام، ويملك المعنى تمامًا”.
وأكد خنجر لـ(جيرون) “الحاجة إلى توثيق روايتنا في الثورة، وهذا التوثيق له أوجه عدة، من بينها الفنون والثقافة، وميزة هذا الجانب أنه يصمد أكثر بمرور الوقت، وعلينا ألا نستخف بذلك. اليوم أحد أبرز أشكال الصراع في العالم هو الصراع على الرواية، أي كيف يثبت كل طرف من أطراف الصراع روايته، ولذلك؛ لا بد من العمل في توثيق روايتنا بما ينصف الثورة، وفي الوقت نفسه، يدحض رواية النظام التي تريد وصم الثورة بالتطرف والإرهاب”.
ورأى خنجر أنه لا يوجد فقر في حال الإنتاج الإبداعي الثقافي الفني المرتبط بالثورة، لافتًا إلى “مشكلة في التعاطي الإعلامي مع الثورة السورية؛ إذ إن الإعلام يركز على الجانب السياسي العسكري، على حساب الجانب الأدبي الإنساني. هناك كثير من الأدباء والفناين أنجزوا عشرات الأعمال المرتبطة بالثورة، لكنها لم تأخذ حقها من التسويق الإعلامي. لا يوجد فقر في الإنتاج. المعاناة في عدم التوازن في التعاطي الإعلامي مع القضية السورية”.
أعقب قصائد الشاعر خنجر، شهادات عن تجارب حية، خاضتها مجموعة من الناشطين في ميادين الثورة المختلفة، السياسية والعسكرية والمدنية؛ فقد روى فادي دباس عن التجربة المدنية في داريا، فيما سلط هشام اسكيف الأضواء على التجربة السياسية في حلب، وعن أسيقة تجربة العمل المدني في حلب، تحدثت الناشطة زين الملاذي، في حين أن الرائد المنشق أنس مراد، تناول في شهادته عن واقع العمل العسكري في مدينة حمص، وتحديًدا في حي الوعر. أما رائد الصالح، رئيس منظمة الدفاع المدني السورية، فتطرق إلى تجربة فرق “القبعات البيض”. وعُرضت خلال الاحتفالية شهادة مسجلة عبر “سكايب” للناشطة لينا الشامي، تحدثت فيها عن تجربة العمل المدني في حلب أيضَا.
استعرض الناشطون في حديثهم، كل بحسب اختصاصه، المراحل التي مرت بها الثورة خلال السنوات الست الماضية، مسلطين الضوء على الجوانب المشرقة خلالها، وتطرقوا إلى مواطن الخلل والقصور وأسبابه وتداعياته، ودعوا إلى “تبني رؤى تستجيب لمتطلبات المرحلة المصيرية التي تمر بها الثورة”، مشددين على أن “الثورة ماضية حتى تحقيق أهدافها في الحرية والكرامة، على الرغم من كل الأوضاع المحيطة بها، فعجلة التغيير دارت ولن تتوقف أو تعود إلى الوراء”.
وقال هشام إسكيف لـ (جيرون): “يمكن القول بعد ست سنوات على الثورة: إنه يعاد الآن صوغ علاقات سورية مع العالم، بعد أن صاغها النظام على أسس إجرامية”.
وأضاف أن المطلوب اليوم “ثورة على الشمفونية والصالونات المعدة للدعاية والإعلان، إلى جانب ترك المنظمات التي احتجزت العمل الوطني خلف زجاج براق، والاستعاضة عن ذلك بالنزول إلى الأرض، والعمل على نشر الفكر الوطني الجامع، المطلوب ثورة على كل ذلك تمامًا كالثورة على نظام الاستبداد”.
في حين تحدث رائد الصالح عن صعوبات عمل فرق الدفاع المدني، وقال لـ (جيرون): إن “أهم الصعوبات التي تعترض عمل فرق الدفاع المدني، هو القصف المتواصل على الفرق الأطر (الكادرات) في أثناء تأدية مهماتهم في إنقاذ المدنيين العالقين تحت ركام منازلهم، وهو ما أدى إلى استشهاد وجرح عشرات الأطر (الكادرات)، ونجم عنه فقداننا عددًا كبيرًا من الأدوات والآليات، وهذه العقبة لا يمكن تجاوزها أو إيجاد حل لها، إلا بإجبار النظام وحلفائه على وقف القصف، وهو ما يعني إنهاء مأساة الشعب السوري، هناك بعض العقبات الأخرى، مثل التأخر في وصول بعض التجهيزات، أو النقص في بعضها الآخر، وهذه يجري تجاوزها ببساطة”.
وعن التجربة العسكرية، قال الرائد المنشق أنس مراد لـ(جيرون): “يعاني الوضع العسكري للثورة من حالة استعصاء مزمنة، ويعود السبب إلى أن أغلبية القادة العسكريين مرتهنة للدعم الدولي، من ثم؛ فإن السلاح والدعم المالي يحملان في طياتهما مشروع الدولة الداعمة على حساب المصلحة الوطنية، إضافة إلى غياب القيادة العسكرية الموحدة على كامل التراب السوري، وهو ما أدى إلى استفراد النظام بكل منطقة على حدة، دون أي دعم أو مؤازرة من فصائل المناطق الأخرى”.
ودعا مراد “إلى تشكيل قيادة عسكرية موحدة، أو مجلس عسكري موحد للفصائل كافة، يرافقه تأسيس قيادة أمنية للثورة، بعيدًا عن التبعية الفصائلية، وأن تكون تلك القيادة بتوافق السوريين، بما يُمكنها من بلورة نفسها، قيادةً وطنية جامعة، بإمكانها استعادة الحاضنة الشعبية للثورة”.
ورافق فاعليات احتفالية (جيرون) في يومها الثاني معرض صور “طين وسكين”، للفنان خالد الضوا الذي أتاحت له الثورة السورية “فرصة التعبير عن المكنونات الفنية”، وجسدت أعمال الفنان عددًا من محطات الثورة السورية، بدءًا من المظاهرات، مرورًا بمعتقلات الأسد (مسالخه) البشرية، وصولًا إلى اللجوء.
وقال الضوا لـ (جيرون): إنه عبّر عن مكنوناته وترجمها “عبر منحوتات تجسّد أفكارًا وتسرد قصصًا تخصّ السوريين وثورتهم”، وأضاف “قبل الثورة، كان الفنان يركّز عبر أعماله النحتية على حالة (الانتظار) التي يترقّبها كل السوريين، ولكن مع اندلاع الثورة، تبدلت الرؤى وتكشّفت الآفاق؛ لتتيح للفنانين مجالًا رحبًا من الحرية لطالما حلموا به”، ولفت إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي “سهّلت وصول صور أعماله إلى كثير من الدول، فقد “عُرضت في الفاعليات الثقافية والفنية التي يقيمها السوريون في الداخل السوري ودول الجوار”.
واختتمت (جيرون) فاعلياتها بعرض فيلم “شكسبير في الزعتري”، من إخراج معن الموصللي ونوار بلبل. يدور الفيلم حول تجربة الفنان نوار بلبل في إقامة عرض مسرحي، أبطاله أطفال مخيم الزعتري، وفي سردية الفيلم، يتبدى كثير من تفاصيل الحياة في المخيم.
وكانت شبكة (جيرون) الإعلامية قد افتتحت، أول أمس الخميس، فاعلياتها “ثورة لحقوق الإنسان”، بمناسبة ذكرى الثورة، وتضمن اليوم الأول عرضًا لفيلم “سفينة الحب” من إخراج بلبل والموصللي، أعقبه فقرة موسيقية لفرقة “زنجبيل”، وانتهى بمحاضرة سياسية للدكتور جلال نوفل بعنوان “وجه سورية القبيح وطور الثورة الهابط”.
تعليق واحد