الجنرال ماكماستر مع الرئيس ترامب على شاطئ مار إيه لاغو في شاطئ النخيل في ولاية فلوريدا، في 20 شباط/ فبراير. اختار ترامب ماكماستر مستشارا للأمن القومي. (كيفن لامارك /رويترز)
يمكن تلخيص عقيدة ترامب في السياسة الخارجية الصاعدة على هذا النحو: تصعيد من أجل التهدئة.
خلال زيارته لطوكيو الأسبوع الماضي، تحدث وزير الخارجية ريكس تيلرسون واعدًا بمقاربةٍ جديدة تجاه كوريا الشمالية في أعقاب ما وصفه بعقودٍ من الدبلوماسية الفاشلة، وقال: إنَّ زيادة الضغط على النظام الكوري الشمالي وشركائه الصينيين أتٍ، وأنَّ توجيه ضربة عسكرية وقائية ضد بيونغ يانغ، ليس مطروحًا على الطاولة.
أقل ما لوحظ في أول مؤتمر صحافي كان تنبؤ تيلرسون حول مستقبل التدخل الأميركي في الخارج على المدى الطويل. شارحًا السبب، لماذا هو، والرئيس ترامب، مرتاحان لاقتراح تقليصات تاريخية في تمويل وزارة الخارجية، والمساعدات الخارجية، وقال تيلرسون تتوقع الإدارة أنه “ومع مرور الوقت، ستكون هناك صراعاتٌ عسكرية أقل، تشارك فيها الولايات المتحدة مباشرة.”
قد يبدو ذلك وكأنه غير مترابط منطقيًّا، وخاصة لأنه كان لترامب نشاط عسكريّ أميركيّ متزايد على نحوٍ مغامر في كثير من مناطق النزاع، خلال أسابيعه الأولى في الإدارة، ولكن هناك نظريةٌ صاعدة حول عقيدة ترامب في السياسة الخارجية تُعادل كل البيانات. قد تكثف الإدارة تورط الولايات المتحدة في المدى القصير في مناطق الأزمات، وسيلةً لإيجاد استراتيجية الخروج (خطة طوارئ يتبعها المستثمرون للتخلص من أزمات ومطبات وخسائر مالية).
“يمكن أن تكشف المقاربة الواضحة عن عقيدة “التصعيد من أجل التهدئة” كما قال أليكس جالو، باحث مساعد في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. قد يرغب ترامب في التصعيد في مناطق معينة؛ لفرض التفاوض عندما لا يكون الفاعلون أو المشاركون مهتمين، أو على استعدادٍ للتفاوض على خلاف ذلك.”
إنها استراتيجية ترامب المستخدمة في مجال الأعمال التجارية “البزنس” على مدى عقود – مواجهة عدو باندفاع وبصراحة لاكتساب الهيمنة، أو ميزةً، قبل التوصل الى اتفاق.
يزيد ترامب الالتزامات العسكرية الأميركية، والنشاط في سورية والعراق، واليمن، وربما قريبًا في أفغانستان. فقد زاد من العقوبات على إيران، مع وعدٍ بإعادة التفاوض حول الاتفاق النووي في مكان ما في المستقبل، ومع الصين، صعّد ترامب من خلال المشاركة مع رئيس تايوان، ومشككًا في سياسة صين واحدة، ثم تراجع عنها بعد أسابيعٍ لاحقة.
المشكلة مع وجود أيّ عقيدة خاصة في السياسة الخارجية منسوبةٍ إلى إدارة ترامب هي وفقًا لما تفترضها المقاربة أنّها متعمدة، حيث كثير من المراكز المتنافسة على السلطة في السياسة الخارجية داخل الإدارة، وكثير من القرارات تبدو وكأنها لهذا الغرض بالذات.
إحدى الإشارات الواضحة إلى أنَّ عقيدة ترامب غير محسومةً تمامًا هي مستشار الأمن القومي لترامب، ماكماستر الذي اختار الأسبوع الماضي مسؤولًا كبيرًا للاستراتيجية لا يتفق تمامًا مع فكرة أنَّ الأدوات العسكرية يجب أن يُعتمَد عليها في حل المشكلات، وأنه من الحكمة الانسحاب الأميركي من المعركة.
قال لي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، مايكل أنطون، بأن نادية سشادلو ستكون نائبًا مساعدًا للرئيس، ولموظفي مجلس الأمن القومي، ومسؤولةً عن كتابة استراتيجية الأمن القومي الرسمية لإدارة ترامب -الوثيقة التي تهدف إلى توجيه سياسات الأمن القومي للإدارة. كتابها الأخير “الحرب وفن الحكم” هو تأييدٌ كامل لأهمية الأبعاد السياسية للعمليات العسكرية، ورفضًا واضحًا للمخارج أو الانسحابات السريعة بعد التدخلات.
تقول سشادلو، وبقناعةٍ: إنّ أكثر من مئة عامٍ من التدخلات العسكرية للولايات المتحدة في الخارج، قد أظهرت أنّ الولايات المتحدة تُخطئ باستمرار في التركيز على العمليات التكتيكية، وتتجاهل العمل الجاد للتنمية السياسية وإعادة البناء -ليس بناء الأمة في حد ذاتها، ولكن اهتمامًا متواصلًا بعد توقف القنابل عن السقوط.
سشادلو، وماكماستر وكبار المسؤولين الآخرين الذين يؤمنون بالقوة الناعمة، بمن فيهم وزير الدفاع جيم ماتيس، قد يكونوا قادرين على التأثير في توجيه السياسات داخليًا، وجلب إدارة ترامب إلى وضع أكثرَ قربًا للسياسة الخارجية التي اتبعتها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، أو قد تصبح مهمشةً من كبار مساعدي البيت الأبيض، ويمكن لاستراتيجية الأمن القومي التي كُلّفت سشادلو بتطويرها أنْ تُصبح ممارسةً أكاديمية بحتة.
إذا ظهر نمط ترامب “التصعيد من أجل التهدئة”، وكأنه مذهبه أو عقيدته الشاملة، فالنتائج المتوقعة مشؤومة. كما يوضح كتاب سشادلو، يُبيّن التاريخ أنّه عندما لا تكون الولايات المتحدة مشتركةً ومعنيةً بنشاطٍ، ولا تستمر في الحفاظ على النظام والاستقرار في الخارج، يصبح العالم مكانًا أكثر خطورةً، وفوضى وظلمة.
اسم المقالة الأصلي | Trump’s foreign policy doctrine: Escalate to de-escalate |
الكاتب | جوش روجين، Josh Rogin |
مكان النشر وتاريخه | واشنطن بوست، The Washington Post، 19/3 |
رابط المقالة | https://www.washingtonpost.com/opinions/global-opinions/trumps-foreign-policy-doctrine-escalate-to-de-escalate/2017/03/19/8cb897e0-0b35-11e7-a15f-a58d4a988474_story.html?utm_term=.0d5bd502c5a3 |
ترجمة | أحمد عيشة |