استيقظت العاصمة السورية دمشق صباح الأحد 19 آذار/ مارس2017 على أصوات انفجارات مدوية، لتتوالى الأخبار بعدئذ عن هجوم واسع ونوعي، نفذته قوات المعارضة على تخوم العاصمة السورية دمشق.
بدأت قوات المعارضة هجومها الواسع، بتفجير مفخختين، لتتقدم بعدهما وتحرر مناطق واسعة، أسفرت عن وصل حيي القابون وجوبر مع بعضهما بعضًا، بعد أن حُررت المناطق الفاصلة بينهما، وكان النظام يحتلها منذ منتصف 2013، كالمنطقة الصناعية ومنطقة الكراجات وحاجز منشأة سيرونكس الصناعية.
للمحور “المُحرّر” أهمية بالغة، فهو محور يعمل على وصل الحيين المذكورين سابقًا، كما يمكنه الإطباق على مدخل دمشق الشمالي، الذي يعتبر البوابة الرئيسية لدمشق، والتي تصل العاصمة بمحافظات الشمال، كما تكمن أهمية المحور بعد اتصاله بحي القابون، باتساع الرقعة الجغرافية التي تسيطر عليها المعارضة والمحاذية تمامًا لدمشق، فقد بات طول الجبهة المطلة على العاصمة حوالي 7 كم متصلة، مما يُعطي للمعارضة ورقة ضغط قوية يمكن استخدامها في أروقة التفاوض، أو عبر التهديد باقتحام دمشق أو شلّ الحركة فيها نهائيًا كما حصل في الهجوم الأخير.
يأتي هذا العمل بعد سلسلة هزائم قاسية مُنّيت بها المعارضة في جبهة حرستا الغربية وشمال حي القابون وبرزة، وأدّت إلى قطع طرق إمداد المعارضة (الأنفاق) التي كانت تصل الغوطة الشرقية بحي القابون الدمشقي، وتُدخل بعض المواد المهمة للداخل المحاصر؛ مما انعكس على الغوطة سلبًا بإرتفاع الاسعار ارتفاعًا جنونيًا، رافقه استياء كبير من الحاضنة الشعبية على تراخي العسكريين في هذه الهجمة وانشغالهم ببعض المهاترات والاعتقالات الداخلية بينهم.
تكمن أهمية التوقيت في تزامن العمل العسكري مع الذكرى السادسة للثورة السورية، ومع انهيارات كبيرة في الروح المعنوية لمؤيدي الثورة، خاصة بعد تهجير أهالي حي الوعر المحاصر الذي يشبه واقعه واقع الغوطة، ما أدى إلى توقع سيناريوهات مأسوية للغوطة الشرقية. أضف إلى ذلك فشل الجولة الأخيرة من مفاوضات جنيف، وإلى انهيار اتفاقات أستانا التي عُقدت في الشهر الأول برعاية روسية.
تحريك الجبهات، وتحقيق قوات المعارضة لتقدم عسكري نوعي، أعاد الروح المعنوية إلى الحاضنة الشعبية للثورة السورية في الغوطة الشرقية، كما أدى إلى عودة التعاون بين الفصائل العسكرية في الغوطة الشرقية، وأعاد الثقة بهم مجددًا من قبل الحاضنة الشعبية، بعد تاريخ شابه كثير من جولات الاقتتال والتصارع واقتسام النفوذ والمناطق بينهم.
يبقى هذا العمل جولة جديدة بين النظام والمعارضة، تلقاها النظام بقسوتها، وفازت بها قوات المعارضة السورية، بعد سلسلة تراجعات سياسية وعسكرية جعلتها محط تساؤلات صعبة.